بعدما كان من أكثر أندية كرة القدم العالمية صلابة من الناحية المالية، يجد برشلونة الإسباني نفسه أمام خطر محدق نتيجة التوقف الذي فرضه فيروس كورونا.
وما زاد الطين بلة توتر علاقة إدارة النادي مع لاعبيها على خلفية المفاوضات من أجل خفض الرواتب في ظل هذه الأزمة الخانقة.

توقع النادي في الميزانية التي وضعها لموسم 2019-2020، ان يبلغ رقم أعماله 1,047 مليار يورو. لكن الواقع الذي فرضه "كوفيد-19"، وجعل من إسبانيا تسجل ثاني أعلى عدد من الوفيات عالميا بعد إيطاليا، قلب الأمور رأسا على عقب وأوقف الدوري المحلي مع تبقي 11 مرحلة على نهايته.

ولتفادي الأسوأ على الصعيد المالي، اتخذت إدارة النادي  تدابير صارمة.

وأقر رئيسه جوسيب ماريا بارتوميو في مقابلة مع صحيفة "موندو ديبورتيفو" الكاتالونية في 31 آذار/مارس "من الواضح أننا لن نتمكن من تحقيق 1,050 مليار يورو من الإيرادات".

بدوره، رأى رئيس رابطة الدوري الإسباني خافيير تيباس أنه "إذا لم يتم خوض الجزء الأخير من الدوري، فالخسائر ستكون 700 مليون يورو"، بما في ذلك حوالي 500 مليون يورو كبدل حقوق النقل التلفزيوني.

بعد جدل أسال حبر التقارير الصحافية لأيام، توصل النادي الكاتالوني ولاعبوه الى اتفاق لخفض الرواتب بنسبة 70 بالمئة، تضاف إليها نسبة اقتطاع للمساهمة في ضمان دفع رواتب الموظفين الآخرين في النادي بشكل كامل خلال فترة الأزمة التي تمر بها إسبانيا والعالم.

ولم يمر الاعلان عن الاتفاق من دون ان يوجه النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في رسالة مطولة نشرها على انستاغرام، انتقادات الى مجلس الإدارة برئاسة بارتوميو، متهما إياه بتقويض اللاعبين خلال المفاوضات.

ولجأت أندية إسبانية الى خفض الرواتب للتأقلم مع التبعات المالية للتوقف، لكن تطبيق ذلك في برشلونة لم يمر بسلاسة.

وأوضح ميسي في رسالته أن "رغبتنا كانت دائما في تطبيق تخفيض الرواتب، لأننا نفهم تماما أن هذا وضع استثنائي ونحن أول من ساعد النادي دائما عندما طُلب منا ذلك"، متابعا "لقد قمنا بذلك في كثير من الأحيان بمبادرة منا عندما رأينا أن ذلك ضروري أو مهم".

ولفت النجم الأرجنتيني إلى أن هناك "من داخل النادي من حاول وضعنا تحت المجهر والضغط علينا للقيام بأمر كنا نعرف دائما أننا سنفعله".

وحاول بارتوميو تدارك الأمور وتخفيض حدة التوتر بالقول إن قادة الفريق كانوا موافقين على تخفيض الرواتب منذ البداية، مضيفا لصحيفة "موندو ديبورتيفو" أنه "منذ اللحظة الأولى كنت أرغب في أن يتم الاتفاق على شيء وليس فرضه حتى لو كان بإمكاني فعل ذلك بموجب القانون، لكننا أردنا التوصل إلى اتفاق لأنه الأفضل لبرشلونة".

- أكثر من 130 مليون يورو على المحك
على رغم الاتفاق على خفض رواتب تعتبر من الأعلى في العالم، طرحت الصحافة الإسبانية احتمال أن تتخطى خسائر برشلونة عتبة 130 مليون يورو إذا لم يختتم الدوري ومسابقة دوري أبطال أوروبا، بينها 48 مليون يورو كإيرادات بيع تذاكر المباريات وزيارة متحف ملعب "كامب نو"، وحوالي 84 مليون يورو من حقوق النقل التلفزيوني.

سيوفر الاتفاق الذي أبرم مع اللاعبين قرابة 14 مليون يورو شهريا، إضافة الى مليونين نتيجة الحسم من رواتب قطاعات أخرى، بحسب بارتوميو.

وأوضح الأخير "المبلغ الإجمالي سيكون 16 مليون يورو شهريا (...) وهو اتفاق مرن مشروط بمدة الحجر" الصحي الذاتي وتوقف المسابقات.

وبالنسبة لبقية موظفي النادي، لجأت الإدارة الى حل البطالة الجزئية التي وافقت عليها رابطة الدوري الإسباني الأحد، لكن معظم الموظفين سيظلون يتلقون رواتبهم بالكامل، بفضل المساهمة المالية من ميسي وزملائه.

واعتبر مصدر في رابطة الدوري الإسباني الأحد أن التوجه الذي سارت به الأندية المطبقة للبطالة الجزئية، بالاتفاق مع اللاعبين على خفض رواتبهم "سيضمن بأن تكون معاناة صناعتنا (كرة القدم) أقل في هذه الأزمة الصحية التي نجمت عنها أزمة اقتصادية".

وأمل المصدر في أن يعلن 90 بالمئة من أندية بطولتي المحترفين في إسبانيا (الأولى والثانية) تطبيق البطالة الجزئية، وهو إجراء منصوص عليه في القوانين الإسبانية وتسعى من خلاله شركات تمر في وضع استثنائي، الى الحصول على إذن بفصل العمال أو تعليق عقود العمل أو تقليل ساعاته مؤقتا عندما تواجه صعوبات فنية أو تنظيمية تعرض استمراريتها للخطر.

والموظفون الذين طبقت عليهم البطالة الجزئية، يحصلون على 70 بالمئة من رواتبهم من الدولة خلال الأيام الـ180 الأولى من تطبيق هذا الأمر، قبل أن يحتكم لاحقا الى اجراءات أخرى بالتفاوض مع الشركات المعنية.

وخلافا للفترة الصعبة التي مر بها برشلونة في مفاوضاته مع اللاعبين والموظفين، لم يصدر عن الغريم التقليدي ريال مدريد أي شيء حتى الآن على هذا الصعيد، وذلك بفضل السياسة المالية التي اعتمدها في المواسم الأخيرة من خلال تقليص حجم الانفاق لاسيما في سوق الانتقالات والرواتب، ما خوله أن يحقق أرباحا صافية بقيمة 300 مليون يورو منذ عام 2009 وفقا للصحافة المتخصصة.

وعلى الرغم من مخاطر الأزمة المالية التي تلوح بالأفق، بدا برشلونة غير قلق لأنه "أغنى ناد في العالم. لدينا مدارس ومتحف... لذا، نعم، هذا الوقف يؤثر علينا أكثر من غيرنا، لكننا سنتعافى بشكل أسرع (من الأندية الأخرى)، بحسب ما قال بارتوميو لصحيفة "سبورت" في 31 آذار/مارس المنقضي.