في الظروف العادية، كانت أنظار مشجعي كرة القدم حول العالم ستتجه الى روما بعد غد الجمعة، مع المباراة الافتتاحية لكأس أوروبا 2020. لكن فيروس كورونا المستجد دفع الى تأجيل الموعد عاما كاملا ، وترك الاتحاد القاري (ويفا) أمام أسئلة متشعبة.

كان الاتحاد، بناء على مقترح رئيسه السابق الفرنسي ميشال بلاتيني، قد أقر صيغة "احتفالية" لكأس 2020، في الذكرى الستين لانطلاق أبرز مسابقة قارية للمنتخبات: 12 مدينة مضيفة في 12 بلدا، وموعد رمزي حتى هو 12 حزيران/يونيو-12 تموز/يوليوز.

لكن "كوفيد-19" غي ر كل شيء، بدءا بتجميد النشاطات الرياضية بشكل تدريجي، وصولا الى تعديل جدول المواعيد المقبلة. دفعت مسابقة "يورو 2020" الثمن، بتأجيل الى الفترة بين 11 حزيران/يونيو و11 تموز/يوليوز 2021.

بعد أكثر من ثلاثة أشهر على هذا القرار، بدأت القارة العجوز بالخروج من عزلتها، بعد جائحة أودت بحياة أكثر من 180 ألف شخص من سكانها. البطولات الوطنية تعود تباعا وإن من دون جمهور غالبا، و"ويفا" يبحث في مواعيد وصيغ استكمال مسابقتي الأندية، عصبة الأبطال و"اوروبا ليغ".

في نهائيات العام المقبل التي يتوقع ان تحتفظ باسمها الرسمي "كأس أوروبا 2020"، يرجح أيضا ان يكون الافتتاح من الملعب الأولمبي في روما والذي كان من المقرر ان يستضيف بعد غد، لقاء إيطاليا وتركيا.

لكن تأثر بلاد القارة بالجائحة التي تسببت بأكثر من 406 ألف وفاة معلنة حول العالم، يطرح العديد من الأسئلة.

فإيطاليا على سبيل المثال، كانت من أكثر الدول تضررا مع 34 ألف وفاة، ومثلها المملكة المتحدة مع أكثر من 40 ألف وفاة، علما بأنها كانت ستستضيف الدور نصف النهائي والمباراة النهائية في ويمبلي.

تتمحور الأسئلة بشكل أساسي حول التأثير الاقتصادي لـ"كوفيد-19" والذي أضر كثيرا بقدرات بلاد مختلفة، وصولا الى القيود الواسعة التي فرضت ولا تزال غالبا على حركة السفر، ومنع المشجعين من دخول ملاعب كرة القدم حتى مع استئناف المباريات.

يجد ويفا نفسه أمام عوامل عدة مجهولة سيضطر للتعامل معها في التخطيط للمسابقة بموعدها الجديد.

كان الاتحاد القاري أساسا تحت مجهر الانتقادات، لاسيما من الناشطين البيئيين، على خلفية قرار إقامة الدورة التي يشارك فيها 24 منتخبا، في 12 بلدا مختلفا، مع ما يعنيه ذلك من زيادة في استهلاك الوقود و"البصمة الكربونية" للسفر وانتقال المشجعين وإقامتهم بين بلد وآخر، وانعكاسات ذلك على التغير المناخي.

لكن رئيس ويفا السلوفيني ألكسندر تشيفيرين ألمح مؤخرا الى ان عدد المدن الـ12 قد لا يبقى ثابتا لبطولة 2021، وهو قابل للتقليص.

وألمح في حديث لشبكة "بي ان سبور" القطرية، الى وجود "بعض المسائل" المتعلقة بثلاث مدن مضيفة، مؤكدا مرونة الاتحاد في ما يتعلق بذلك.

وأوضح "سنبحث أكثر في الأمر، وبالمبدأ سنقيم النهائيات في 12 مدينة. لكن ما لم يكن ذلك ممكنا، نحن مستعدون لإقامتها في عشر مدن، تسع ، أو ثمان ".

ومن المحتمل ان يطرح الأمر على بساط البحث في اجتماع بجدول أعمال "مزدحم للغاية" تعقده اللجنة التنفيذية للاتحاد يومي 17 و18 حزيران/يونيو، يتوقع ان يركز بشكل أساسي على صيغة استكمال مسابقة عصبة الأبطال و"اوروبا ليغ"، بما قد يشمل تغيير مكان المباراة النهائية أو حتى شكل ما تبقى من المسابقتين.

لكن لم يتم بعد الكشف رسميا عن المدن المشكوك بها بشأن كأس أوروبا.

إضافة الى ذلك، يواجه ويفا معضلة التعامل مع المشجعين الذين سبق لهم شراء تذاكر لحضور مباريات خلال المسابقة القارية قبل ان يتم تأجيلها، لاسيما لجهة إعادة ثمنها.

كما عليه تحديد موعد الملحق الذي كان من المقرر ان تتأهل بموجبه المنتخبات الأربعة الباقية، على رغم تأكيده المضي في إقامة مسابقة دوري الأمم 2020-2021 في موعدها (بين الثالث من أيلول/شتنبر 2020 والسادس من حزيران/يونيو 2021).

على الصعيد التنافسي، لم يكن التأجيل سيئا بالنسبة الى الجميع، وهو ما عكسه بشكل مباشر مدرب المنتخب الإنكليزي غاريث ساوثغيت.

وقال "في مرحلة ما كنا نتحضر لاحتمال خوض المسابقة في غياب ماركوس راشفورد (مهاجم مانشستر يونايتد) وهاري كين (عميد المنتخب وهجوم طوطنهام هوتسبر)" بسبب الإصابة، "أو في أفضل الأحوال وجودهما من دون ان يكونا قد خاضا العديد من المباريات".

وأضاف لشبكة "سكاي سبورتس"، ان المعدل الشاب لأعمار لاعبيه الذين بلغوا الدور نصف النهائي لمونديال 2018، يبعث على الأمل "بتقديم أداء أفضل" العام المقبل، و"علينا ان نثبت ذلك على أرض الملعب".

منتخب آخر قد يستفيد هو الهولندي، اذ كانت مشاركة أحد نجومه ممفيس ديباي موضع شك هذا الصيف بسبب عملية جراحية في الركبة، كما تعرض مدربه رونالد كومان لأزمة قلبية مؤخرا.

على الضفة الأخرى، يخشى ان يؤثر التأخير سلبا على البرتغال حاملة اللقب القاري عام 2016، وحاملة لقب النسخة الأولى من عصبة الأمم 2019. فنجمها الأبرز كريستيانو رونالدو، سيكون قد أتم السادسة والثلاثين من العمر مع انطلاق نهائيات العام المقبل، على رغم ان أداءه ولياقته البدنية، لا يبدو انهما يتأثران بعوامل الزمن.