• نظام عيش مثالي والنوم والسمك وصفتا الإستمرارية

عرفنا العديد من الوجوه التي ناضلت ونقولها بهذا التوصيف، في زمن لم ينالوا خلالها حقهم الكافي من الكرة ونقصد من الناحية المالية واستمروا عمرا طويلا وهم يدحرجونها في ملاعب البطولة.
تحضرنا نماذج مورابي السطاتي، وثنائي النادي القنيطري منير الجعواني في حقبة سابقة ورشيد بورواس لاحقا، لغاية الحسين أوشلا، وحاليا عبد الصمد لمباركي وعصام الراقي وابراهيم النقاش وهم مخضرمون استمروا لغاية سن الأربعين أو شارفوا على بلوغه.
وإذا كانت العديد من الأسماء التي ذكرناها اعتزلت قد تميزت باللعب في محور الدفاع، الذي اشتهر كونه يتيح إمكانية الصمود في الملاعب لغاية هذه المرحلة العمرية٫أو سقاوون في الوسط فإن الوضع مختلف مع عبد الصمد لمباركي لاعب نهضة الزمامرة.

ADVERTISEMENTS

مختلف لأن هذا اللاعب يتقلد مهاما قوية وكبيرة تتأسس على أن يكون إيقاع ناديه مرتبطا به ورهينا بحضوره وفعاليته٫ صانعا للعب ودينامو خط الوسط ومنطلقا لكل بناءاته وهنا يكبر حجم التقدير لهذا اللاعب الذي تجاوز 39 سنة، وما يزال مثل الفراشة التي توزع رحيقها في ملاعبنا وخاصة داخل فريقه نهضة الزمامرة كما ترجم ذلك بجلاء خلال مباراة الرجاء، وفي حضرة نجوم النسور الخضر الذين روضهم وكان هو من فرض عليهم نسقه وليس العكس.

عبد الصمد لمباركي يتفوق على ابراهيم النقاش وعصام الراقي، في انتظامه لسنوات مسترسلة في نفس العطاء غير متأثر ما شاء الله لا بالإصابات ولا بتذبذب في المستوى التقني، وفي كل المحطات التي عرج منها ودون مركب نقص فيها جميعها.
يتفوق على النقاش والراقي كونه أكبر منهما سويا، وكونه لم يلعب لفرق كبيرة مثل الوداد والرجاء اللذان يضمان نجوما كباراة يسهلان من مهمة باقي الرفاق والزملاء.

ويتفوق عليهما بدوره الذي يتجلى في كونه لا يميل للدفاع، ولا لتخريب بناءات المنافس، بل هو من يتجرأ على صناعة الحلول ويتوجب عليه حرث الملعب بالطول والعرض، وهذا هو أصل التميز عن الجميع.
من المغرب التطواني أصل الظهور قبل أن يغادر الحمامة بكيفية مثيرة تعود بالذاكرة لقصة تمرد 16 لاعبا ذات يوم على أوضاعهم داخل هذا النادي ليتم تسريحهم جميعهم، لغاية تواجده اليوم في حضن فريق سيدي بنور وقد اختار أن يركب صهوة هذا التحدي بملازمة فريق يمثل الحلقة الأضعف تاريخيا وبالأرقام في مشهد الكبار، كونه حديث العهد به ولا يملك خبرة هذه الأجواء.
كلما تقدم العمر بهذا اللاعب الفريد من نوعه، الخلوق والهادئ الطباع والصامت الذي لا يتكلم لا بين وسائل الإعلام ولا حتى مع رفاقه، يزداد توهجا وتألقا ولمعانا وخاصة شبابا.

ADVERTISEMENTS

عبد الصمد لمباركي وبحسب مقربين منه يجني ثمار انضباط كبير خارج الملعب، فهو ليس من هواة سمير الليل والسهر، إذ ينام مبكرا وأحيانا لساعات طوال.
كما أنه مدمن على تناول السمك وكل فواكه البحر وليس لاحما، بل هو نباتي يتبع نظاما غذائيا مثاليا للرياضيين، لذلك ليس صدفة أن يكون لمباركي اليوم مثالا حيا للاعب المحلي المثابر واللاعب الظاهرة الذي يستحق حين يعلق الحذاء تكريما يليق بعطاءاته ويكون حافزا لغيره كي يحذو حذوه ويتبعوا منهاجه لا منهاج أسماء نعرفها جيدا إنهارت قبل 32 سنة وأعلنت اعتزالها، ولعلكم لا تحتاجون للتذكير بها، وهي أسماء مارست لغاية أمس قريب بفرق الجيش والرجاء والوداد وبعضها من جيل مونديال  شبان هولندا، والسبب واضح لا يحتاج لاستحضار ومغاير تماما للمرجع الذي اعتمده لمباركي.