• فضلت الإستمرار مع كوينز بارك على اللعب في الخليج
• نملك جيلا موهوبا وحلمي المنافسة على «الكان»
• إستفدت من تكويني في بلجيكا وأسرتي ساندتني لتحقيق طموحاتي
• أذكر أننا كنا نلعب حفاة في وديات بباماكو

عبر إلياس شاعر، أيقونة كوينز بارك رينجرز الإنجليزي، عن فخره باللعب للمنتخب المغربي، معربا عن أمله في أن يواصل على درب التألق رفقة «أسود الأطلس»، مع ضرورة المنافسة مطلع السنة المقبلة، على لقب كأس إفريقيا للأمم بالكاميرون، والحضور في  مونديال قطر.
ولم يخف شاعر، في حواره مع «المنتخب» حلمه في بلوغ مستوى أفضل مما هو عليه حاليا، من أجل إقناع الجماهير المغربية، بإستحقاقه حمل القميص الوطني، وهو الذي نشأ داخل أسرة حرص فيها والده، أن يظل متشبتا بأصوله المغربية، لذلك لم يتردد ولو لحظة في اللعب لوطنه الأم، الذي نشأ بعيدا عنه، لكنه ظل دوما حاضرا في وجدانه.
ــ المنتخب: بداية وكسؤال كلاسيكي، أين كانت البدايات الأولى لإلياس في عالم كرة القدم؟
إلياس شاعر: البداية كانت في بلجيكا، حيث كنت منذ صغري أعشق كرة القدم، قبل أن يضمني والدي للعب مع أندية صغيرة بالقرب من مقر السكنى، قبل أن أبرز فيما بعد داخل أكاديمية جون مارك غيو (نجم كرة القدم الفرنسية سابقا)، حيث إستفدت كثيرا من اللعب هناك لسنوات طويلة، وقبلها أتيحت أمامي فرصة الإحتكاك باللاعبين من أصل إفريقي من المهاجرين، حيث كنت ألعب معهم كثيرا، وطورت معهم مؤهلاتي التقنية والبدنية، قبل أن تأتي مرحلة نادي ليرس، التي كان مفيدة بالنسبة لي، قبل أن أقرر ذات يوم، البحث عن آفاق أرحب خارج بلجيكا.

ــ المنتخب: وماذا فعلت بعدها؟
إلياس شاعر: حاولت تجريب حظي بعيدا عن بلجيكا، فقد خضت إختبارا مع لايبزيع الألماني، لكنني لم أحصل على فرصة الإنضمام إليه، وبفضل مساندة والدي وأسرتي الصغيرة لم أشعر بأي يأس، لأنني كنت موقنا من أنني سأنضم لفريق، بإمكانه أن يقدر موهبتي.
ــ المنتخب: هل أخطأت في حقك الأندية التي مررت منها قبل إنضمامك لكوينز بارك رينجرز؟
إلياس شاعر: هناك بعض المدربين، الذين يعتمدون كثيرا في نظرتهم على البنية الجسمانية للاعب، وأي لاعب قصير القامة  لا يمنحونه فرصا كثيرة، من أجل إظهار مواهبه، أهم شيء، هو أن لا يستسلم الإنسان، ويواصل الثقة في نفسه، حتى يحقق كل الأهداف التي يريدها، وهذا الأمر يحدث كثيرا في كرة القدم، لذا أحرص دوما في الفترة الحالية، على التطور والتعلم، حتى أصل لمستوى كبير.

ــ المنتخب: خلال فترة مرورك بأكاديمية جون مارك غيو ببلجيكا، سافرت لخوض مباريات عدة بالقارة الإفريقية، بمالي مثلا وبدول في شرق آسيا، هل كان حجم الإستفادة كبيرا في هذه التجارب؟
إلياس شاعر: بطبيعة الحال، فقد زرت إفريقيا، حتى قبل أن ألعب مع المنتخب المغربي، كنا نخوض مثلا مباريات في كرة القدم بمالي، ونحن حفاة القدمين، تعلمت الكثير من تلك التجارب التي كنا نلعب فيها خارج بلجيكا.
كنا مجبرين على التكيف مع أوضاع صعبة، ليس مثل تلك التي وجدتها في بلجيكا، فعندما سافرنا لمالي، كنا مطالبين بالتأقلم مع الأوضاع هناك، من الطقس الحار، إلى نوعية الأكل، وكل الأشياء التي تتعلق بتكوين لاعب بشخصية قوية وهو صغير السن.
الحمد لله، أنه أتيحت لي فرصة إكتشاف القارة الإفريقية، قبل أن أحمل قميص الفريق الوطني المغربي، لذلك أعرف جيدا الأوضاع هناك، ولن أستغرب إن شاهدت بعض الأشياء الغريبة التي قد يتحدث عنها لاعب يكتشف لأول مرة بلدانا في إفريقيا جنوب الصحراء.

ــ المنتخب: قبل 4 سنوات، إلتحقت بالفريق اللندني كوينز بارك رينجرز، كيف كانت بدايتك معه؟
إلياس شاعر: كما كل البدايات تكون صعبة، فقد كنت أعيش مع إحدى الأسر البريطانية، بعيدا عن أسرتي التي تركتها في بلجيكا، لكنني كنت عازما على تحقيق أحلامي في كرة القدم، لذلك كنت حريصا على خوض التداريب بجدية، قبل أن ألفت الأنظار بعدها، ورغم ذلك لم أصل لمستوى يجعلني أتألق كما هو الحال في الفترة الحالية.
وإخترت في فترة الإنتقالات الشتوية  لسنة 2019، تغيير الفريق والإنتقال لنادي ستيفنيج، الذي لعبت معه 6 أشهر فقط، قبل أن أعود مجددا لكوينز بارك رانجرز، الذي أعتز بتواجدي معه، كلاعب مغربي له وزنه.
ــ المنتخب: سبقك عادل تاعرابت للعب بكوينز بارك رانجرز، الذي ترك بصماته داخل النادي اللندني، أكيد أن مسؤوليتك كبيرة للإبداع أكثر داخل هذا الفريق؟
إلياس شاعر: فعلا، عادل تاعرابت، كان مروره رائعا داخل كوينز بارك رانجرز، وهو يعتبر من أفضل اللاعبين الذين مروا في تاريخ هذا النادي اللندني، بعدما حقق معه الصعود إلى البريمرليغ، لذلك أتمنى أن أكون مثله أو أفضل.
كما قلت سابقا، العمل هو الذي يوصل أي لاعب لمبتغاه، عندما تجتهد كثيرا في التداريب، تمنح لك فرصة التألق أكثر يوم المباراة، وداخل كوينز بارك هذا الموسم، أحس بكثير من الحرية داخل الملعب، خاصة وأننا نلعب كمجموعة وجميع اللاعبين يساعدون بعضهم البعض، كي نحقق أكبر عدد من النتائج الإيجابية لإرضاء الجماهير التي لا تبخل علينا بالدعم.

ــ المنتخب: ما دمت تحدث عن الجمهور، فأشهر مشجع لنادي كوينز بارك رانجرز هو مغربي الأصل، تلقبه الجماهير بـ«بين»، هل لك علاقة به؟
إلياس شاعر: نعم إنه بنعيسى، مشجع مشهور داخل كوينز بارك، هو صديق مقرب من الوالد أيضا، أصبح يحضر للمغرب بإستمرار لتشجيع المنتخب المغربي، سعيد بدعمه لي بإنجلترا، وحضوره الدائم في جميع مباريات كوينز بارك.

ــ المنتخب: خلال المباريات الأخيرة مع المنتخب المغربي، نجحت في إقناع الناخب الوطني، وحيد خاليلودزيتش بإمكانياتك، ما جعله يشيد بك، أكيد أن معنوياتك إرتفعت بعدما أصبحت تحضر مع الفريق الوطني بإستمرار؟
إلياس شاعر: بطبيعة الحال، أي لاعب يشعر بالفخر عندما يلعب مع منتخب بلاده، وخلال المعسكر الماضي، كنت سعيدا لأننا تأهلنا للدور الفاصل المؤهل لمونديال قطر، ولأننا حققنا 9 نقاط كاملة من ثلاث مباريات لعبناها في ظرف أسبوع واحد.
المدرب خاليلودزيتش وأعضاء الطاقم التقني، يقومون بعمل كبير، من أجل ظهور الفريق الوطني بشكل جيد، وبمعنويات تكون فعلا مرتفعة، بعد كل إنتصار يتحقق، لذلك أتمنى أن نحقق إنتصارين آخرين عندما نواجه السودان وغينيا هذا الشهر أيضا.

ــ المنتخب: مررت من المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، ثم من صفوف الأولمبيين، قبل اللعب مع المنتخب المغربي الأول، أكيد هذا الأمر ساعدك على التألق بسرعة مع الكبار؟
إلياس شاعر: لم أحس بنفسي غريبا، عندما إنضممت لأول مرة لصفوف المنتخب المغربي، فقد سبق كما ذكرت ولعبت مع المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، ومع المنتخب المغربي الأولمبي، على عهد الهولندي مارك فوت، لذلك لم أجد أي عوائق أمامي، عند إنضمامي لـ «أسود الأطلس».
وجدت أيضا أمامي لاعبين كبارا، يسهلون عملية إنخراط أي لاعب داخل المجموعة، والحمد لله كل الأمور سارت معي بشكل إيجابي، في إنتظار أن أحقق أحلامي بخوض نهائيات كأس إفريقيا للأمم وبعدها التأهل لنهائيات كأس العالم إن شاء الله مع الفريق الوطني.

ــ المنتخب: تنحدر من أب مغربي وأم بولونية، والجامعة البولونية راقبتك في إحدى الفترات، لكنك إخترت اللعب للمغرب؟
إلياس شاعر: أشعر بأنني مغربي، هذا كل ما في الأمر، والدتي تتحدث بالدارجة المغربية، ولم يكن لديها أي مشكل للعب مع الفريق الوطني المغربي، على العكس من ذلك، كانت دوما فخورة بي وشجعتني، مثل باقي أفراد أسرتي.
الدعم الأسري الذي يعيشه أي لاعب، يساعده كثيرا على تطوير مؤهلاته، وشخصيا وجدت في محيطي العائلي مساعدة لن أنساها، رغم الصعوبات التي إجتزتها في مساري الكروي، إلا أنني كنت مصرا على الدوام لتخطي الصعاب، فبلوغ الأهداف وتحقيق الأحلام في الحياة لا يكون في الغالب سهلا .

ــ المنتخب: سبق ودخلت ضمن إهتمامات أندية في الخليج العربي، لكنك فضلت الإستمرار في أوروبا مع كوينز بارك رانجرز، لماذا هذا الإختيار بالضبط؟
إلياس شاعر: أكملت 24 سنة، قبل أيام فقط، وأرى بأني قادر على مواصلة العطاء والتألق في الملاعب الأوروبية، اللعب في التشامبيونشيب جد رائع، وهدفي هو تحقيق الصعود مع فريقي كوينز بارك رانجزر.
لم أبد اهتماما كبيرا بعروض قوية جاءتني من أندية خليجية، رأيت أن الوقت الحالي لا يسمح بقبولها، فعندما تدرك أن لك إمكانيات بإمكانها أن تتطور للأفضل، تكون مجبرا على الإيمان أكثر بها، والثقة أكثر في النفس، والحمد لله بقائي في إنجلترا إستطعت من خلاله الإنضمام لصفوف المنتخب المغربي، لذلك كنت على حق عندما فضلت الإستمرار مع كوينز بارك.

ــ المنتخب: كان بإمكانك الإنتقال إلى واتفورد، حيث يلعب مواطنيك آدم ماسينا وعمران لوزا، لكنك فضلت البقاء مع كوينز بارك رانجزر؟
إلياس شاعر: أنا مرتاح جدا داخل كوينز بارك رانجرز، لم أرغب في خوض تجربة لا تضمن لي اللعب باستمرار، لهذا كنت حريصا على تثبيت أقدامي مع فريقي الحالي، وبصراحة لا أعرف ماذا سيحدث في المستقبل، وأي شيء تخبئه الأقدار لي فمرحبا به.

ــ المنتخب: ما هو المركز الذي ترتاح فيه أكثر؟
إلياس شاعر: ليس لدي أي  مشكل في أي مركز ألعب فيه بخط الهجوم، لكنني أرتاح كثيرا كمتوسط ميدان هجومي أيسر، رغم ذلك فأنا مستعد للعب في أي مكان يريده المدرب، سواء داخل كوينز بارك رانجرز أو داخل المنتخب المغربي.

ــ المنتخب: كيف جاء إلتحاقك بصفوف المنتخب المغربي الأول؟
إلياس شاعر: كانت لي إتصالات مع مصطفى حجي وبعدها مع الناخب الوطني وحيد خاليلودزيتش، سعيد بكل ما يقومون به من أجل اللاعبين المغاربة، سواء المحترفين في أوروبا أو الممارسين بالمغرب، صراحة نحن محظوظون للعمل مع أشخاص قضوا سنوات كبيرة، سواء في ملاعب إفريقيا أو ملاعب أوروبا.

ــ المنتخب: كيف ترى حظوظ المنتخب المغربي، في نهائيات كأس إفريقيا، وما مدى قدرته على بلوغ مونديال قطر؟
إلياس شاعر: أتمنى صادقا، أن ننجح في نهائيات كأس إفريقيا للأمم، وقبل ذلك آمل أن أحظى بفرصة المشاركة فيها، وحضور العرس الإفريقي الذي يتواجد فيه العديد من لاعبي كرة القدم البارزين في العالم.
«الكان» بات قريبا، والتحضير الجيد له، سيقودنا دون أدنى شك، للنجاح في مهمتنا، مهما كانت قوة الخصوم، وبخصوص مونديال قطر، فالتأهل للدور الفاصل، لم يأت من عدم، بل نستحق ذلك من خلال تفوقنا على جميع المنافسين، لذلك لن يكون من خيار أمامنا لبلوغ كأس العالم سوى التعرف على خصمنا القادم وتجاوزه ذهابا وإيابا.

ــ المنتخب: نتركك في كلمة مفتوحة؟
إلياس شاعر: أجدد من خلالها الشكر للناخب الوطني الذي وثق في إمكانياتي، وأتمنى صادقا أن أخيبه رجاءه، كما أشكر الجماهير المغربية التي تفاعلت بشكل إيجابي مع دعوتي لدخول عرين أسود الأطلس وبخاصة خلال المباريات الدولية الأولى لي.
لم يسعفني الحظ حتى الآن بسبب ظروف الجائحة لأستمتع بالفرجة التي يحدثها الجمهور في المدرجات خاصة عندما يتعلق الأمر بمباريات الفريق الوطني، وأتمنى صادقا أن تزول الجائحة وتعود الجماهير للملاعب لنستمتع ونتقوى بوجودها معنا.
طبعا الشكر أيضا لجريدة «المنتخب» التي كانت لي جسرا أعبر من خلاله لوجدان الجماهير لأقدم لها صورة عن إلياس شاعر الفخور بمغربيته والفخور أيضا بالإنضمام لأسود الأطلس.