جاء أنشيلوتي لريال مدريد خلفا لزين الدين زيدان. وعكس عودة المدرب الفرنسي التي كانت سلبية، كانت عودة المدرب الإيطالي ناجحة للفريق الملكي، رغم أن تجاربه في السنوات الأخيرة لم تكن قوية.
عندما أعلن نادي ريال مدريد عودة كارلو أنشيلوتي إليه، كثيرون شكّكوا في نجاعة هذا الخيار وإمكانية تحقيق المدرب الإيطالي لإنجازات جديدة مع النادي الملكي، لأسباب كثيرة، أولها وأهمها أن أنشيلوتي عائد من تجربة مع فريق متوسط في الدوري الإنجليزي. وتعلق الأمر بنادي إيفرتون (يصارع حاليا من أجل البقاء)، ولم يحقق معه في آخر موسم، أي 2020/2021، سوى المركز العاشر في الدوري رغم بدايته القوية وسلسلة انتصارت جعلته يتصدر الدوري في إحدى الفترات.

ليس هذا فقط، فأنشيلوتي غادر ريال مدريد عام 2015 بعدما خرج بلقبين صغيرين في بداية الموسم هما بطولة العالم للأندية والسوبر الأوروبي، بينما فشل في دوري الأبطال وتعثر في النهائي أمام يوفنتوس، كما حلّ ثانيا على مستوى الليغا بعد برشلونة، وأقصاه أتليتيكو مدريد من نصف النهائي في كأس الملك.

لم تكن تجربة أنشيلوتي بعد الريال ناجحة جدا، فلم يحقق المطلوب مع بايرن ميونيخ، وأقيل بعد أقل من سنتين إثر هزيمة قاسية في دوري الأبطال أمام باريس سان جيرمان. كذلك التجربة مع نابولي لم يحقق فيها الكثير، إذ لم تتجاوز نسبة انتصاراته 52 بالمئة، رغم أنه قاد الفريق لمركز الوصافة أمام المتصدر يوفنتوس في موسم 2018/2019.

لكن أنشيلوتي بيّن للجميع أنه لا يزال قادرا على حصد الألقاب الكبرى، وهو الآن على بعد خطوة من ثاني لقب له في دوري الأبطال مع ريال مدريد، ورابع لقب في مسيرته كمدرب بعد تتويجين مع نادي الميلان الإيطالي. ومقارنة بخصمه في نهائي الأبطال، ليفربول، فقد كانت طريق الريال صعبة للغاية، فقد أقصى ثلاثة مرشحين لإحراز اللقب، وهم باريس سان جيرمانوتشيلسي ومانشستر سيتي، بينما تجاوز ليفربول كل من الانتر وبنفكيا وفياريال.

وما يعكس قوة حضور أنشيلوتي في التدريب، أن ريال مدريد لم يقم بتعاقدات كبيرة في الصيف، وأكبر صفقة كانت ضم المدافع ديفيد ألابا من بايرن ميونيخ، وأعطى أنشيلوتي مساحة كبيرة للمهاجم كريم بنزيمة الذي يعدّ الآن المرشح الأول لتحقيق الكرة الذهبية، كما أجاد توليفة في خط الوسط بأربعة لاعبين بدل ثلاثة، واستطاع فريقه قهر الكبار رغم أن متوسط أعمار اللاعبين لم يكن في صالحه.

كما تبّين تركيز أنشيلوتي محليا، وحقق الليغا بفارق كبير مبكرا عن ملاحقيه، وحقق كذلك لقب السوبر الإسباني، وفاز على برشلونة مرتين هذا الموسم، لكن أكثر ما ينغص الرياليين الهزيمة الكارثية أما الفريق الكتالوني بأربعة أهداف دون مقابل، وهي الهزيمة القاسية التي يظهر أن أنشيلوتي تعلّم منها الدرس.

ورغم أن الريال مع أنشيلوتي يتلقى أهدافاً كثيرة، وكثيرا ما يفوز بشق الأنفس، أو بعودة في النتيجة في الدقائق الأخيرة، لدرجة أن المعلقين يصفونه بـ"فريق سبعة أرواح"، إلا أن لمسة أنشيلوتي حاضرة، خصوصا على مستوى الوسط والهجوم، إذ صارت هجمات النادي الملكي خطيرة في جلها، بمعدل نجاعة مرتفع، ما سيجعل من مباراته القادمة أمام ليفربول، موقعة يصعب توقع نتيجتها، ومعركة تكتيكية بين المدرب الإيطالي والمدرب الألماني يورغن كلوب.