لئن ظن الكثيرون أن توقيع خطاب النوايا الذي سيوجه إلى الفيفا، تعبيرا من الدول الثلاث، المغرب، إسبانيا والبرتغال عن عزمها الأكيد على تنظيم نهائيات كأس العالم 2030، بطريقة تشاركية، يسودها الوفاق الكامل، سيكون مناسبة لكي يتم الحسم نهائيا في الجدل المتنامي حول ملعب نهائي المونديال، وقد تراشقته الأخبار، حينا بملعب سانتياغو برنابيو بمدريد، وحينا آخر بالملعب الجوهرة ببنسليمان، وكذا التوزيع المتفق عليه بخصوص الملاعب والمباريات، فقد خاب هذا الظن، ورؤساء الجامعات الثلاث يظهرون براعة كبيرة في تحويل دفة الأجوبة كلما سئلوا، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت التوقيع على خطاب النوايا، عن ملعب النهائي تحديدا.

ولعلهم كانوا صادقين في عدم تقديم جواب يرضي فضول الإعلاميين، لأن لا شيء حسم لغاية اليوم، كما أن لاشيء يستعجل رؤساء الجامعات الثلاث على تقديم إجابة نهائية بهذا الخصوص.

• لقجع أكثرهم جرأة وإقناعا

وبدا واضحا أن فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هو أكثر الموقعين الثلاثة على خطاب النوايا، جرأة بل وقدرة على تقديم إجابات شافية ومباشرة، بل إنه حيال الأجوبة المقتضبة لكل من بيدرو روشا رئيس الجامعة الإسبانية لكرة القدم، وفيرناندو غوميز رئيس الجامعة البرتغالية لكرة القدم، استطاع أن يسرق الأنظار ليس فقط بطلاقته في التعبير، ولكن أيضا بإدراكه الجيد لأبعاد التنظيم الثلاثي لكأس العالم 2030، بل إنه نجح في فلسفة المنظور التشاركي، عندما قال أننا إزاء ملف واحد تشترك فيه ثلاث دول وقارتان، تعبيرا عن البعد الحضاري والقيمي والجمالي لدول تقطن ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وأن دلالات هذا التنظيم المبتكر لكأس العالم تتجاوز كثيرا، عملية توزيع المباريات واقتسام الملاعب وتعيين المدينة أو الملعب المستضيف لنهائي كأس العالم لعام 2030.

• مونديال 2030 كل لا ينفصل

في كلمته التي ألقاها خلال حفل التوقيع على خطاب النوايا، أو عند رده على الأسئلة، كان فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عميقا في سرد الدلالات والتداعيات الكبرى لإقامة مونديال بين ثلاث دول من قارتين مختلفتين، في سابقة هي الأولى من نوعها في تنظيمات المونديال، وقال ما معناه: "يجب أن نعي عظمة ما نحن بصدده، وأهمية ما نحضر أنفسنا له، كثلاث دول تشترك في التاريخ والحاضر والمستقبل، وفي إشعاع الحوض المتوسطي بإرثه الضخم، وفي تنمية الرؤية المشتركة. لابد وأن نعامل كأس العالم ككل لا ينفصل، هناك جزئيات غاية في الأهمية، ولكن مونديال في ثلاث دول من قارتين مختلفتين، هو حدث كوني سيترتب عنه إرث كبير للشباب الإفريقي والأوروبي، فلذلك توزيع المباريات وتحديث ملعب النهائي، هما ضمن تفصيلات تدرس بعناية كبيرة، المهم هو أن الملف الذي يقال عنه ملف ثلاثي، هو في واقع الأمر ملف واحد، تشترك فيه ثلاث دول وقارتان، وغايته الأسمى أن يعطي العالم نسخة غير مسبوقة لكأس العالم".

• فرناندو غوميش: نحن الثلاثة ورابعنا الشغف

ركز رئيس الجامعة البرتغالية لكرة القدم، في مداخلته، على القوة التي أضافها وجود المغرب كطرف ثالث في تنظيم المونديال الإستثنائي، واعتبر أن الشغف المتقاسم بين الدول الثلاث هو ما سيجعل من مونديال 2030، لحظة تاريخية بكل المقاييس.

"أود في البداية أن أشكر سلفي، الرئيس السابق للجلمعة البرتغالية، على أنه وضع اللبنات الأولى لهذا الحلم الكبير، وأعتبر أن وجود المغرب إلى جانب المغرب وإسبانيا، يمنح ملفنا الكثير من الزخم، ولعل واحدا من مشتركاتنا الكثيرة، أن شعوبنا الثلاثة تجتمع في قوة شغفها وعشقها لكرة القدم. لقد ألنا في السابق عن قدرتنا الهائلة على تنظيم التظاهرات الكروية الكبرى، وقد كان آخرها، بطولة أوروبا للأمم التي نظمنها سنة 2004، وكانت من أفضل نسخ العقدين الأخيرين. نحن سعداء لكي نكون طرفا في هذا التنظيم التاريخي لكأس العالم، وسنعمل مع شركائنا على جعلها مونديالا لا ينسى".

• بيدرو روشا: الغاية الأسمى هي أو نجهز ملفا قويا وجذابا بدوره، ابتعد بيدرو روشا الرئيس الحالي للجامعة الإسبانية لكرة القدم، عن الجزئيات المبحوث عنه في مثل هذه المناسبات من قبل الصحفيين، وأكد ألا شيء تقرر بشأن كوطا الملاعب أو ملعب نهائي المونديال، ما دام أن الغاية هي تقديم ملف قوي يتناسب مع جمالية وروعة الفكرة، فكرة تنظيم مونديال بين قارتين، وقال: "أتصور أننا نملك ما يكفي من الوقت لكي نتوافق على خارطة التنظيم المشترك، ما يتعلق باعتماد الملاعب المونديالية، وتوزيع المباريات بحسب الأدوار وكذا المباراة النهائية، فأمامنا لغاية شهر يونيو المقبل، لنكشف عن الشكل النهائي للتنظيم، ما يهم في الوقت الحالي، هو أن نعدد التشاور واللقاءات، ونتعبأ بكل كوادرنا التقنية، لكي نتوصل لتقديم ملف قوي وجذاب يكون كالمونديال سابقة في تاريخ هذه التظاهرة الكبرى التي نسعد بتنظيمها نحن الثلاثة.

إنه ملف واحد، تشترك فيه ثلاث دول، بينها تاريخ كبير ومستقبل شاسع، وسينتهي بنا الأمر إلى التوافق على كل الأمور".

• إلى الحلقة القادمة بمشيئة الله

إنتهى حفل التوقيع على "خطاب النوايا" الذي تعتبره الفيفا، محطة مهمة في مسار تأكيد الترشيح الوحيد لاستضافة كأس العالم 2030، ومر الجميع من مرحلة لاستشراف مرحلة أخرى تالية بحسب التسلسل الموضوع، وترك المجال خصبا للصحافة، لكي تجتهد وتحدس وتتكهن وتتوقع وأحيانا تزايد، أما ما هو مؤكد لغاية الآن، أن لا ملاعب جرى اعتمادها بشكل نهائي، ولا مدن جرى اعتمادها، ولا ملعب وقع عليه الإختيار ليستضيف نهائي كأس العالم 2030.. التشويق مستمر، والإثارة مضمونة.