منذ سنوات والبطولة المغربية قبلة للاعبين الأجانب الذين يتقاطرون كل موسم على الأندية، لذلك لا تشكل بطولتنا الإستثناء قياسا بباقي البطولات العالمية، فهي تحفل بدورها بمجموعة من الأسماء الأجنبية، إذ لا يكاد يخلو فريق من أندية قسم الصفوة من لاعب أجنبي قادم من الأدغال الإفريقية أو من أوروبا أو أمريكا اللاتينية، لكن موسم بعد آخر بدأت تتكرس حقيقة تراجع مستوى حضور اللاعب الأجنبي، ليس على مستوى العدد ولكن على مستوى الجودة، لأن هذا التراجع في بصمة اللاعب الأحنبي في بطولتنا إنما يعود للطريقة التي يتم بها تقييم مستوى الأجنبي والتي يتدخل فيها وكيل الأعمال والمدرب والمسير.
والأكيد أن ظاهرة الأجانب قد عرفت متغيرات كثيرة، سواء من حيث القوانين المنظمة وكذا موقع الأجنبي في بطولتنا والدور الممكن أن يضيفه في كرتنا.

قاعدة الأجنبي
المحترف الأجنبي هو اللاعب الذي يؤثى به من خارج الحدود، ويستنجد به ليكون قيمة مضافة داخل منظومة الفريق لتحقيق الإنتصارات والألقاب، بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هو ماذا أضاف هذا اللاعب الأجنبي للبطولة المغربية؟ وهل جميع صفقات الأندية ناجحة؟ وهل الأجنبي هو دائما أفضل من اللاعب المغربي؟
مع الأسف أن الأندية وقبل إبرام تعاقداتها لا تطرح على نفسها مثل هذه الأسئلة، سواء المسير أو المدرب اللذين يأخذان بعين الاعتبار مثل هذه المعطيات ما دام أن قوانين الجامعة ما زالت لا تقيد كثيرا الأندية وهي تتعاقد مع الأجانب رغم القانون الجديد وشروطه، وهو ما يفتح المجال أمام جميع الأندية للإستفادة من هذا المعطى.
وبإلقاء نظرة على لوائح اللاعبين لكل الأندية سيتضح لنا أن كل الفرق وبدون استثناء تملك لاعبين أجانب يحملون جنسيات متنوعة منهم الصالح ومنهم طبعا الطالح، لذلك تبقى موجة الأجانب ما هي إلا عادة دأبت عليها الأندية بداية كل موسم مهما كانت قيمة هذا اللاعب وما يمكن أن يقدمه للفريق بدليل كثرة الصفقات الفاشلة.

زمانك يا بطولتنا
رغم أن السنوات الأخيرة شهدت إجتياحا ملحوظا للاعبين الأجانب، فإنهم لم يصلوا للمجد الذي حققه عدد من اللاعبين السابقين الذين تركوا بصمات واضحة في كرة القدم الوطنية ولم يسقطوا من ذاكرة الجمهور المغربي، بل ما زالت الألسنة تردد أسماءهم بين الفينة والأخرى•
لاعبون إرتقوا بمستوى بطولتنا ورفعوا من شأن الأندية التي حملوا ألوانها، نتذكر أهداف السينغالي موسى نداو، وفلتات الغيني إبراهيما وإبداعات الروسي فاسيلي مع الوداد والفتح، ومهارات البرازيلي خوصي مع النادي القنيطري، وشهامة حارس الدفاع الجديدي الأوكراني إيفان وقتالية أوصمان، وأهداف ساليف ومنصاح وأوغانداغا وتألق الحارس الجزائري دريد ومواطنه الشريف الوزاني في قلعة الرجاء والحارس الإيفواري غواميني مع نفس الفريق، واليسرى الساحرة للجزائري رحيم مع شباب المحمدية، والهداف الإسباني أكوسطا والزامبي مايبين والقشاش الروماني تيتا مع جمعية الحليب سابقا وحارسي المرمى بالفتح الرباطي الجزائري بنعبدالله والسنيغالي أوساينو، وغيرهم من اللاعبين الذين سجلوا أسماءهم بمداد من ذهب في تاريخ الكرة المغربية، وصنعوا الفرجة في قلوب الجماهير، وما زالت لوحاتهم راسخة في أذهان كل من عاصر 
صولاتهم وجولاتهم.

سلع فاسدة
موسم بعد الآخر يتراجع أداء الحضور الأجنبي بالبطولة الإحترافية، ومعه تتكرس إرتجالية الأندية في تعاطيها مع البضاعة المستوردة من الخارج والتي لا تخضع لمتابعة دقيقة ولا لمنهجية مدروسة في التعامل، حضور ضعيف ومردود لا يرقى لمستوى التطلعات، ورغم إشتراط الجامعة الملكية المغربية لكوطة دولية ولعدد من المباريات يحملها الأجنبي بقدميه، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لمنح البطولة الإضافة النوعية التي تحتاجها، بدليل الحصيلة السلبية لهؤلاء لأجانب بطولتنا.
عشرات الأجانب يؤثتون فضاء بطولتنا وكل الأندية باتت تراهن على لاعبين بشهادات ميلاد أجنبية، صحيح أنه ليس عيبا أن تستنجد الأندية بلاعبين من خارج الحدود، لأن أعتد الفرق العالمية هي قوية بأجانبها وتتسابق هي الأخرى لدعم صفوفها من خارج الحدود، ما يعني أن ليس كل الأجانب ناجحين بعد أن شهدت هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا كبيرا في العدد، إن لم نقل أنها أضحت موضة العصر والعنوان الأبرز في مشهدنا الكروي. 
والأكيد أننا سنصاب بإحباط كبير عندما نقف على العدد القليل والمعدود على رؤوس الأصابع للأجانب الذين يشكلون الإضافة والإستثناء داخل فرقهم، عدد أكيد لا يوازي عشرات المحترفين الأجانب الذين تعج بهم بطولتنا، حيث يبقى محترفو الرجاء الأربعة الأفضل وهم الغاني أوال والنيجيريين طوندي وأوساغونا والكونغولي مابيدي، والمدافع الفتح السينغالي آس ماندوا، لاعب اتحاد طنجة هرفي ولاعب الوداد السينغالي مرتضى فال، ومدافع نهضة بركان السينغالي كوناطي والإيفواري باكايوكو مدافع أولمبيك خريبكة وغيرهم من الأجانب القلائل الذين تألقوا هذا الموسم.

من يختارهم؟
يطرح مستوى أغلب الأجانب الذين يمارسون بالبطولة المغربية أكثر من تساؤل حول الأسس التي يعتمدها المسيرون لإبرام صفقاتهم وانتداباتهم، هل يتم من خلال تتبع تقني ورؤية فنية تراعي الكثير من النقاط؟ أم أن اللاعب يزج به في اللائحة لمجرد أنه يحمل شهادة ميلاد أجنبية لا يميز بين من يصلح وبين من لا يصلح؟
التجربة أكدت أن هناك فرقا بين محترف يملك القدرة على التكيف مع مباريات بطولتنا ويفرض نفسه ومستواه، ومحترف يفتقد لأصول اللعبة وأبجديتها، فالتعاقد مع اللاعبين الأجانب عبر مفهوم الكم لا يفيد الأندية ولا يعكس نجاح المسيرين، بل ليس الطريق الوحيد لنجاح الفريق وتحقيق الإنتصارات والألقاب مثلما يعتقد العديد من المسيرين. 
فكم هي الأشرطة التي خدعت المسيرين حول حقيقة المحترفين، وكم من سيرة ذاتية مزورة جعلت من اللاعب الأجنبي نجما فوق العادة، وكم من وسيط قدم سلعة كاسدة للأندية، غير أن وزر سوء الاختيارات يتحمله المسيرون الذين يتقمصون دور التقني ويربطون الاتصال بالوسطاء أو بأشباه الوسطاء من أجل جلب هؤلاء، وهو خطأ جسيم يرتكبه الكثير من المسيرين ورؤساء الأندية لأن عين المسير ليست هي عين التقني أو المدرب الذي لا يترك له مجموعة من المسيرين المجال لاعبيه الأجانب، وهو خطأ غالبا ما يجعل أغلب الصفقات فاشلة جملة وتفصيلا.