ما كان أحد يضع المنتخب البرتغالي في خانة المرشحين للفوز ببطولة أوروبا للأمم التي أسدلت أمس الأحد، الستارة على نسختها 2016 بفرنسا، ما كان المنتخب البرتغالي ليحظى بهذه الأفضلية الأدبية في حضرة منتخبات لها تقاليد على مستوى المنافسة على الألقاب القارية، أولها منتخب إسبانيا بطل آخر نسختين وثانيها منتخب ألمانيا وثالثها منتخب فرنسا مستضيف البطولة.
ولم يشفع للمنتخب البرتغالي أنه يضم بين صفوفه واحدا من عظماء كرة القدم العالمية، كريستيانو رونالدو الذي حقق أرقاما تعجز كل وصف ولربما يستحيل على أي لاعب الوصول إليها مستقبلا، لذلك دخل منتخب البرتغال هذا اليورو وأكثر ما يمكن أن يلعبه دور المنتخب الذي يمكنه قلب الطاولة وتغيير مجرى الترشيحات، كما كان الحال في نسخ سابقة، وبرغم أن المنتخب البرتغالي أنجز ما كان مستحيلا تصوره ببلوغه المباراة النهائية، إلا أن الجميع بلا إستثناء قالوا بعدم أحقيته في الوصول لخط النهاية عطفا على الأداء الجماعي الذي قدمه في كل مبارياته الذي لم تكن فيه أي جاذبية، بل إن البعض قال أن أصدقاء رونالدو سرقوا التأهل للنهائي، فهل سرقوا اللقب يا ترى؟
لأنها مباراة نهائية تربح ولا تلعب، ولأنها الخط الرفيع الذي يفصل عن المجد وعن الخلود، فقد دخل المنتخب البرتغالي المباراة النهائية أمام فرنسا التي بدا منتخبها أكثر جاذبية ونجاعة وقدرة على الإبداع، وهو واثق من إمكانياته ومؤمن بقدرته على صناعة الإنجاز وتخليد إسمه في سجلات التاريخ، بدا ذلك واضحا في المنظومة التكتيكية التي لعب بها المنتخب البرتغالي على طول 120 دقيقة التي إمتد إليها زمن المباراة، قاوم الضغط، صد كل الغارات الهجومية الفرنسية وأحسن إغلاق كل المنافذ فلم يترك منها إلا ما هو هامشي وغير ذات قيمة في جغرافية المباراة وعندما كان لا بد من إشهار سلاح المرتد الفتاك لقتل المباراة فعل ذلك ببراعة كبيرة، بل إن المنتخب البرتغالي حول خروج نجمه المطلق وهدافه الراعد رونالدو مصابا، إلى دفعة نفسية رهيبة أنبثث للبرتغاليين رؤوسا وجماجم وقدرات رهيبة على المقاومة، ليتحول المنتخب البرتغالي في النهاية إلى منتخب معشوق بصبره وجلده وإيمانه بقدراته، إلى منتخب محبوب بعد أن كان منتخبا منبوذا، إلى منتخب يستحق أن ترفع له القبعة لأنه تمثل روح وأخلاق البطولية بأروع صورها.
في النهاية منتخب البرتغال لم يسرق كأس أوروبا للأمم، لقد أعلنته مباراة النهاية بملعب فرنسا أجمل بطل لأوروبا وتلك هي الحقيقة الباقية للتاريخ.