على موقعها الرسمي، استضافت "فيفا" مدرب المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، ساعات قبل المباراة التي سيجريها أشبال الأطلس أمام فرنسا في نصف نهائي كأس العالم، من أجل كتابة التاريخ، الوصول لأول مرة لنهائي المونديال.
لم يستغرق الأمر سوى ساعة واحدة من انطلاق كأس العالم تحت 20 سنة FIFA تشيلي 2025، حتى أدرك المشاهدون أن المغرب جاء إلى أمريكا الجنوبية كمنافس حقيقي. فمع حلول الدقيقة 58 من مباراته أمام إسبانيا، كان "أشبال الأطلس" متقدمين 2-0 ويُحكمون سيطرتهم على اللقاء. وكرروا الأداء ذاته أمام البرازيل ليضمنوا صدارة المجموعة الثالثة، قبل أن يُقصوا جمهورية كوريا والولايات المتحدة الأمريكية في طريقهم إلى نصف النهائي. والآن، ستكون فرنسا العملاق العالمي التالي الذي يتعين على المغرب تجاوزه من أجل بلوغ النهائي التاريخي. وقد أجرى المدرب محمد وهبي مقابلة مع FIFA للحديث عن هذا التحدي، وعن أبرز محطات رحلة الفريق في تشيلي 2025، وكيف أصبحوا معيارًا لكرة القدم الإفريقية، وأكثر من ذلك.
• محمد، كيف تجد مشاركتكم في كأس العالم تحت 20 سنة؟
محمد وهبي: نحن في نصف النهائي، إذًا الأمور تسير بشكل جيد جدًا. نحن سعداء للغاية بمشوارنا وفخورون به إلى أبعد حد. الآن نريد أن نذهب أبعد من ذلك، وهذا ليس مفاجئًا بالنسبة لنا. نحن نستعد لخوض نصف النهائي، لكننا لا نسمح للعواطف بأن تسيطر علينا كثيرًا. كانت هذه البطولة مفاجأة سعيدة بالنسبة لي، تتجاوز حدود كرة القدم نفسها. آمنا منذ البداية أننا قادرون على الوصول إلى هذه المرحلة، ولذلك نواصل رحلتنا بثقة.
• ما هي اللحظات الحاسمة في مشواركم حتى الآن؟
كانت هناك الكثير من اللحظات المهمة، لكن من الواضح أن الفوز على إسبانيا في المباراة الأولى كانت لحظة حاسمة. ثم تأكد ذلك بالفوز على البرازيل وضمان صدارة المجموعة بعد جولتين فقط. في مجموعة كهذه، أعتبر ذلك لحظة حاسمة. كانت اللحظة التي قلنا فيها: "ممتاز، يمكننا إراحة الجميع في المباراة الثالثة". بعد ذلك، كل مباراة إقصائية تكون حاسمة بطبيعتها، لكن أعتقد أول مباراتين، وخاصة تلك أمام البرازيل، كانتا في غاية الأهمية.
• كيف شعرت عندما حملك اللاعبون للاحتفال؟
أخصائي العلاج الطبيعي أخبر اللاعبين: "انتبهوا للمدرب، ظهره ليس بخير!" كنت أفكر أكثر بعدم التعرض للإصابة أكثر من أي شيء آخر، لكنها كانت لحظة فخر هائلة. نحن نطلب الكثير من لاعبينا: إنهم شباب يمثلون أمة بأكملها، وهذا يحمل وزنًا أكبر بالنسبة للمغرب. إنهم يمثلون شعبًا بأكمله، وملكًا استثمر كثيرًا ليصلوا إلى هذه المرحلة. انظر إلى تركيزهم ورغبتهم، ثم فرحتهم عند الفوز. نحن سعداء جدًا من أجلهم لأنهم يستحقون ذلك.
• هل هناك شيء خاص في مواجهة فرنسا؟
لا، ليست أكثر خصوصية من مواجهة إسبانيا أو أي من المنتخبات الكبيرة الأخرى. ربما بالنسبة للبعض نعم، لأن عددًا من لاعبينا وُلدوا في فرنسا ويحملون الجنسيتين؛ فهم فرنسيون-مغاربة نشأوا في أكاديميات فرنسية. بالنسبة لهم قد تكون المباراة ذات طابع خاص. ولهذا السبب نعمل كثيرًا على الجانب الذهني: عليهم أن يلعبوا بعقول صافية. لدينا هدف واضح: الوصول إلى النهائي. ولتحقيق ذلك، علينا الفوز دون أن نعطي اهتمامًا كبيرًا لهوية الخصم، سواء كان البرازيل أو فرنسا أو إسبانيا أو المكسيك. علينا التفكير في أنفسنا فقط وبذل أقصى ما لدينا.
• وماذا يعني كل هذا للمغرب؟
أعتقد أن هذا هو مفتاح النجاح. جميع اللاعبين يتشاركون هدفًا واحدًا: المغرب، وطنهم، شعبهم، وملكهم. هذا ما يوحّدهم. يمكنك رؤية ذلك في كل مباراة، في كل ركضة، في كل هجمة مرتدة. لديهم عزيمة إضافية. إنهم يشعرون بدعم بلادهم بالكامل، وهذا يساهم في صورة المغرب على الساحة العالمية، ليس فقط في كرة القدم، بل في القيم التي نظهرها، والتي ظهرت بالفعل في كأس العالم 2022، مثل الوحدة والتضامن والاحترام. وطبيعي أن هذا أمر جيد أيضًا لأفريقيا: من المهم أن تبدأ قارتنا في الفوز بالألقاب الدولية.
• هل تعتقد أن نتائج المغرب قد تلهم بقية المنتخبات الإفريقية؟
نعم، بالتأكيد. كأننا كسرنا سقفًا زجاجيًا. وبمجرد كسره، يبدأ الآخرون في الإيمان بإمكانية الوصول إلى النجوم. في السابق، كانت هناك نوع من الخشية أو العائق النفسي. الآن لم نعد نخاف من أي أحد، مع الاستمرار في احترام الجميع. ما فعله وليد الركراكي مع المنتخب الأول في 2022 مهّد الطريق، وسيواصل تمهيده للأجيال القادمة.
• ما طبيعة العمل مع فريق تحت 20 سنة؟
أسهل! (يضحك) لقد عملتُ مع جميع الفئات العمرية، من الأطفال بعمر ثماني سنوات وصولًا إلى الفريق الأول. وبحلول الوقت الذي يبلغ فيه اللاعبون 19 أو 20 عامًا، يكونون قد مرّوا بالفعل بصعوبات كرة القدم الاحترافية: يعرفون كم هو صعب أن تبرز. لم يعودوا حالمين مثل لاعبي 15 أو 16 عامًا. إنهم ما زالوا شبابًا، لكنهم يفهمون. يريدون أن يُعامَلوا كبالغين، لكن ضمن قواعد وهيكل واضح. لا يمكنك أن تسمح لهم بفعل كل شيء.
• لقد عملت سابقًا في أكاديمية أندرلخت في بلجيكا، كيف ساعدتك تلك التجربة في قيادة منتخب تحت 20 سنة؟
كثيرًا. لقد تعلمت هناك ثقافة التدريب، ولكن أيضًا ثقافة النجاح. تعلمت ألا أخاف من أي منافس، وأن أؤمن بعملي. قضيت 17 عامًا في أندرلخت، مع لاعبين استثنائيين يلعبون الآن في أعلى المستويات. إنه نادٍ سيبقى دائمًا في قلبي.
• هناك انسجام كبير داخل المجموعة. هل يعود ذلك إلى مستوى اللاعبين أم إلى عملكم أنتم؟
بصراحة، أعتقد أن الفضل يعود إلى الجهاز الفني والعمل الذي قمنا به خلال السنوات الثلاث الماضية. لقد وضعنا العديد من القواعد وهيكلًا واضحًا قائمًا على القيم والمبادئ. بعض اللاعبين، رغم موهبتهم الكبيرة، لم يواصلوا معنا لأنهم لم يحترموا تلك القواعد. نحن نكرر دائمًا: "لا أعذار، ولا ملامة". لا تبحث عن العيوب، ولا تختلق الأعذار. أعتقد أنكم ترون الآن هذه القيم تنعكس في أدائنا على أرض الملعب، وهذا ما يجعلنا أكثر فخرًا.
إضافة تعليق جديد