«الفيفا ستحفر قبرها بيدها إن هي صادقت على المقترح الأمريكي، وستعدم كل الآمال المعلقة على الرئاسة الجديدة لإحلال الشفافية والنزاهة».
«إن جرى الإحتكام لمبدإ المداورة بين القارات، فإن إفريقيا ستوافق على تنظيم نسخة 2026 بالقارة الأمريكية بشرط أن تنظم إفريقيا نسخة 2030». 
«رفع عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات المونديال بنسبة 50 بالمائة إنطلاقا من نسخة 2026، يضع المغرب أمام حتمية التحالف مع دولة أو دول صديقة ومجاورة له».

المغرب يبطل مفعول العبوة
شعر فوزي لقجع حتى من قبل أن ينعقد مجلس الفيفا الذي يمهد في العادة للقرارات التي تطرح على الجمعية العمومية للتصويت عليها، أن هناك ريحا أمريكية خبيثة تريد أن تغير مجرى الأحداث وتطبق على الفيفا لتنال مكافآتها على أنها هي من حرك مسطرة المتابعة في قضايا الفساد التي إنتهت بسقوط الكثير من الرؤوس، فما كان عليه وقد فطن إلى التحرك القوي لمجموعة أمريكا الشمالية في الكواليس، إلا أن سخر موقعه الجديد في الكونفدرالية الإفريقية كعضو نافذ في المكتب التنفيذي، ليحمل هذه الأخيرة على الرد بقوة من خلال رئيسها أحمد ومعه كل الأفارقة على أعضاء مجلس الفيفا.
وقد تطلب ذلك عقد العديد من الجلسات مع إينفانتينو رئيس الفيفا ومع أعضاء نافذين بمجلس الفيفا، حيث جرى طرح الأوراق بشكل مكشوف، وتم الرد على كل الطروحات الأمريكية الواحدة بعد الأخرى، فقد ذهب فوزي لقجع إلى القول بأن الفيفا ستحفر قبرها بيدها إن هي صادقت على المقترح الأمريكي، وستعدم كل الآمال المعلقة على الرئاسة الجديدة لإحلال الشفافية والنزاهة والمساواة بين الأعضاء، وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية ترى أنها وقارة أمريكا الشمالية صاحبتا حق في تنظيم كأس العالم 2026، بالنظر إلى أن كل القارات تناوبت على تنظيم المونديال في نسخه الأربع الأخيرة وحتى القادمة بما فيها إفريقيا، فإن المنطق يفرض أن نعود إلى 90 سنة من تاريخ كأس العالم لنجد أن إفريقيا حظيت بهذا الشرف مرة واحدة، كما أن كل المقاربات المقدمة فيها إقصاء وإجحاف في حق إفريقيا، وبالتالي هناك حقيقتان لا ثالث لهما:
أولهما أن الفيفا إن وافقت على المقترح الأمريكي وأوصدت الأبواب بشأن تنظيم مونديال 2026، تكون قد دقت مسمارا آخر في نعش المصداقية.
وثانيهما إن جرى الإحتكام لمبدإ المداورة بين القارات، فإن إفريقيا ستوافق على تنظيم نسخة 2026 بالقارة الأمريكية بشرط أن تنظم إفريقيا نسخة 2030.

الفيفا ينتصر لنضال المغرب
وأمام هذا الرد القوي والصريح من إفريقيا، الذي صممه فوزي لقجع وباركه الكثير من الشركاء، سيتم إحباط المخطط الأمريكي مرتين:
الأولى عندما قالت الفيفا أن مجلسها المنعقد يوم الثلاثاء 9 ماي بالمنامة، وردا على المقترح الذي وضعته جامعات كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، قرر أن يضع على أنظار الجمعية العمومية بغرض التصويت، المسطرة التي سيجري إتباعها بشأن إسناد تنظيم كأس العالم 2026، والتي تقضي بأن تتقدم دول تابعة لاتحادات إفريقيا والكونكاكاف والكوميبول وأوقيانوسيا بترشيحاتها للفيفا في أجل أقصاه يوم الجمعة 11 غشت 2017، على أن يختار الدولة أول الدول التي ستتنافس على التنظيم خلال المؤتمر 68 الذي سينعقد بروسيا على هامش نهائيات كاس العالم سنة 2018.
والثانية عندما وافقت الجمعية العمومية بتصويت 93 بالمائة، على منح دول تابعة للإتحادات القارية الأربعة المذكورة سلفا، مهلة ثلاثة أشهر لوضع ترشيحاتها المبدئية.
كان لزاما أن يتحرك المغرب وكل إفريقيا لإبطال مفعول مسطرة كانت الولايات المتحدة الأمريكية تطمع بأن تحظى بقبول الجمعية العمومية للفيفا، وطبعا بعد هذا الإنتصار المعنوي أو المسطري، فإن الأسئلة التي تعود لملاحقتنا هي:
هل ينوي المغرب فعلا الترشح لتنظيم كأس العالم 2026؟
إذا كان نعم، فمع من سيتحالف؟
وما هي حظوظ الملف المغربي للتفوق على الملف الأمريكي وعلى الملفات المحتملة التي قد تظهر من الآن وإلى حدود يوم 11 غشت القادم الذي حددته الفيفا من خلال جمعيتها العمومية، كآخر أجل لتقديم الترشيحات بشأن تنظيم كأس العالم 2026؟

حلم تنظيم المونديال لم يمت
قطعا ما تخلى المغرب يوما عن حلمه بتنظيم نهائيات كأس العالم، برغم كل الإحباطات التي عاشها والفشل يكون مصيرا لمحاولات أربع سابقة مع إختلاف السياقات ومع اختلاف المؤثرات، فإن كان المغرب قد خسر الرهان مرة بسبب عدم إكتمال بنياته التحتية، فإنه خسر في التي كانت بعدها بفارق بسيط جدا عن الدولة سعيدة الحظ، وخسر في الرابعة بسبب ما سينكشف فيما بعد على أنها مؤامرة جرى حبكها بإتقان لكي لا يكون المغرب منظما لمونديال يحل لأول مرة بالقارة الإفريقية.
إلا أنه اليوم، وقد آمن المغرب بأنه بات جاهزا بنيويا ولوجيستيكيا لتنظيم حدث كأس العالم المراهن عليه لتسريع وثيرة النماء، عبر شبكة الملاعب الحديثة وعبر الكثير من المشاريع الكبرى التي لها علاقة بالشريان الإقتصادي، فإن ما قررته الفيفا من تغييرات جوهرية على كأس العالم برفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات بنسبة 50 بالمائة إنطلاقا من نسخة 2026، يضع المغرب أمام حتمية التحالف مع دولة أو دول صديقة ومجاورة له، للتقدم بملف يستطيع أن يحظى بالقبول لدى الجمعية العمومية التي ستكون لها الكلمة الفصل في تسمية البلد أو البلدان المستضيفة لمونديال 2026.
والحقيقة أن المغرب بات ينظر اليوم إلى التنافس على تنظيم نهائيات كأس العالم من زاويتين:
زاوية الدولة أو الدول التي يمكن أن يكون التحالف معها مصدر قوة للملف، ولو نظرنا إلى وجوب التحالف مع دولة أو دولتين إفريقيتين، لاستعصى الأمر بشكل كبير، إذ هناك فرضية تقديم ملف مشترك مع كوت ديفوار والسينغال، باعتماد ذات الصيغة التي إقترحتها الولايات المتحدة الأمريكية في صياغة ملفها، إذ ستفوت لكندا وللمكسيك تنظيم 20 مباراة من أصل 80 المقررة في النهائيات، وهذا الأمر لا يفرض توفر المكسيك وكندا على أكثر من ملعبين.
وزاوية التفاوض بشكل مباشر من أجل ضمان عصفور باليد على محاولة إصطياد عشرة عصافير فوق الشجرة، إذ بفرض أن الظروف كلها هيئت لتمتيع تنظيم الولايات المتحدة الأمريكية وشريكيها كندا والمكسيك لنسخة 2026، فإن المقابل يجب أن يكون هو تصويت الجمعية العمومية للفيفا على تنظيم المغرب لنسخة 2030، وعندها سيكون ممكنا مع الإحتفال بمائوية كأس العالم، أن يقدم المغرب صيغة مبتكرة بالجمع لأول مرة بين القارتين الإفريقية والأوروبية، في تقديم ملف مشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، وهي دول لها الكثير من المشتركات الرياضية والجغرافية ولها كل ممكنات تنظيم مونديال من طراز رفيع.
أيهما ننظم، مونديال 2026 أم مونديال 2030؟
أمام المغرب ما لا يقل عن 75 يوما وهو الموعد الذي يفصلنا عن الحادي عشر من شهر غشت، ليكشف عن نواياه، بالتقدم أم لا للتنافس على تنظيم نهائيات كأس العالم لسنة 2026 منافسا من حيث المبدأ للملف الأمريكي الشمالي، وإذا كانت النية معقودة فعلا على دخول المنافسة، فمع من سيتحالف المغرب؟ وبأي قوة سيتفاوض؟ وبأي أسلحة سيحارب من أجل أن تكون الخامسة ثابتة؟
شيء لن نختلف عليه ونحن ننتظر أجوبة على هذه الأسئلة، هو أن كأس العالم كان لنا منذ أول يوم سعينا فيه لتنظيمه، مشروع أمة وحلم قارة، ولا أظن أن هذا الشعار قد أصبح فعلا ماضيا، إنه حلم مستقبلي قد يتحقق سنة 2026 أو سنة 2030.