إنتقل بنشرقي إلى صفوف الهلال، وبات هلاليا بكل المقاييس.. وطوى الوداد ملف اللاعب الذي ضخت صفقته مداخيل مالية مهمة لخزانة النادي.. ودخل اللاعب مرحلة جديدة في مساره الكروي.. لكن صفقة بنشرقي لم تنته بعد.. وبات لها ما بعدها مثلما كان لها ما قبلها.. إذ لم يكد الهلالي الجديد يخوض أولى مبارياته بقميصه الأزرق.. ولم يكد الوداد يهنأ بما غنمه من هذه الصفقة.. حتى تعالت أصوات في فاس تطالب بإنصاف المغرب الفاسي، بعدما أصيب هذا الأخير بما يشبه الجنون.. فقد شعرالنادي الأم لبنشرقي أنه أصيب في مقتل لأنه لم يستفد الإستفادة المثلى من صفقة الوداد والهلال.. وأن ما حصل عليه من نسبة كحق واجب مجرد «فتات».. ولا يسمن ولا يغني من جوع!!

جدل من أول الحكاية
صفقة إنتقال أشرف بنشرقي من الوداد إلى الهلال رافقها الجدل منذ البداية.. وأثارت الكثير من اللغط، سواء قبل عقد الصفقة، أو بعد إتمامها.. فقبل عقد الصفقة تضاربت الأنباء ما بين مؤكد، وما بين ناف لها.. ففي حين كان مقربون من الوداد ومن بنشرقي نفسه يؤكدون أن اللاعب ذاهب إلى الهلال السعودي لا محالة.. وأن المسألة مسألة وقت ليس إلا، خاصة أن بنشرقي كان ملتزما في إطار واجبه الوطني مع المنتخب المحلي المشارك في بطولة «الشان» ولن يتمكن من الالتحاق بفريقه الجديد سوى بعد الانتهاء من التزامه مع المنتخب.. كانت إدارة الوداد وعلى رأسها الرئيس سعيد الناصري تنفي نفيا قاطعا التحاق بنشرقي بإي فريق.. بل كان الرئيس يؤكد أن بنشرقي باق في الوداد ولن يتم التفريط فيه مهما كان الثمن.
ومع الأخبار والتقارير الواردة من السعودية والتي كانت تؤكد أن الهلال سيضم بنشرقي لا محالة بدأ فريق الوداد يعترف على مضض بأن بنشرقي قد يلتحق بالهلال.. لكنه سرعان ما كان ينفي بحجة أن المفاوضات تخللتها بعض المعوقات، وأنها بلغت الباب المسدود إما لعدم التوافق على تفاصيل بعض البنوذ، وإما لعدم التراضي على مبلغ الصفقة، وإما لعدم إيجاد صيغة عن كيفية السداد.. إلى غير ذلك.. لكن بعد شد وجذب، واتصالات مكثفة، ورغبة أكيدة.. اهتدى الطرفان إلى الحل الأمثل الذي يرضي الجميع.. اللاعب والوداد والهلال.. فتمت الصفقة.

عروض ومفاوضات  
إستعمل الوداد في شخض رئيسها سعيد الناصري الكثير من الذهاء والثريت وهو يفاوض على عقد بنشرقي.. كانت لاءاته عند تقديم كل عرض وكل مبلغ تثير الخنق بالنسبة للمفاوضين الهلاليين.. فبالقدر الذي كان الهلاليون يقدمون أدنى سعر، بالقدر الذي كان الناصري يطالب بإكبر سعر ممكن.. فقد كانت المساومة محتدمة على أشدها بين الطرفين.
طالب الوداد بـ5 ملايير.. في حين عرض نادي الهلال مليار ونصف فقط وقال إنه لن يستطيع أن يدفع أكثر من ذلك.. فرفض الوداد رفضا قاطعا لهذا العرض إيمانا منه بأن الموهبة بنشرقي يساوي أكثر من ذلك بكثير.. وعندما شعر الهلاليون بأن الوداد لن يبخس موهبته زاد في سعر العرض ليرتفع إلى مليارين.. لكن ظل الوداديون متمسكون بالسعر المطلوب.. حتى كادت تلغى الصفقة.. وبعد شد وجذب تنازل المفاوض الودادي عن مليار.. وطالب بـ 4 مليارات غير منقوصة لدرهم واحد.. ورغم محاولات الهلال تخفيض سعر الصفقة ما أمكن فقد ظل الوداد متمسكا بالعرض الذي قدمه وأكد أنه لن يتزحزح عنه قيد أنملة.

صفقة قياسية مربحة
وجد الطرفان مخرجا مرضيا بالنسبة لكل الأطراف في نهاية المطاف، وهي أن يوقع بنشرقي عقدا مع الهلال مدته ثلاث سنوات ونصف بمبلغ 4 مليارات.. لكن بما أن المفاوض السعودي لن يستطيع أن يوفر السيولة الكاملة لدفع المبلغ المطلوب، وبما أنه لن يتمكن من دفع سوى مبلغ مليارين أي نصف السعر.. فقد اتفق الجانبان على أن يحصل فريق الوداد على مليارين نقدا.. في حين سيحصل على المليارين الآخرين على شكل منفعة لا مادية حددت شروطها في العقد طبقا لما تم الاتفاق عليه.. بمعنى أن الطرفين عقدا شراكة يستفيد من خلالها الوداد في إطار تعاون قائم بين الناديين.. وسيمتد هذا التعاون لفترة إلى حين استنفاذ مبلغ المليارين.
وقد إرتأى المفاوض الودادي في هذا المخرج أكبر مكسب بالنسبة له وبالنسبة للاعبه بنشرقي.. بما أن الوداد كفريق سيستفيد وأن اللاعب أيضا سيستفيد.    

أضغات أحلام «الماص»
ظل المغرب الفاسي الفريق الأم لبنشرقي يترقب ما ستسفر عنه نهاية المفاوضات.. وكان الفاسيون يفركون يدا بيد وهم ينتظرون على أحر من الجمر إتمام الصفقة التي ستمنحهم نسبة 25 %، فقد ورد بندا في العقد الأول المبرم بين المغرب الفاسي والوداد يقضي بأن يحصل الفريق الأم على نسبة 25 % من صفقة انضمام بنشرقي لأي فريق آخر.. وبما أن قيمة صفقة الهلال والوداد هي 4 مليارات سنتم، فقد توقع المغرب الفاسي أن يحصل على ما مجموعه مليارا من السنتيمات.. منقوص منه طبعا 250 مليون التي حصل عليها عند بيعه عقد بنشرقي لأول مرة..
لكن الوداد وما اتفق عليه في عقد الهلال سيجعل ترقبات وتوقعات المغرب الفاسي أضغات أحلام!! لأن الوداديين أبرموا صفقتهم بصيغة تقول  أنهم سيحصلون على مليارين سنتم نقدا في حين سيخصص الملياران الآخران كأرضية لشراكة تحقق من خلالها إدارة الهلال للوداد منفعة لا مادية بتلك القيمة.. ما يعني أن المغرب الفاسي سيكون له الحق في الحصول على نسبته من المبلغ المسلم نقدا لا غير.. أي ملياري سنتيم كما تصر على ذلك إدارة الوداد.

المغرب الفاسي يشعر بالخديعة
كانت صدمة قوية لم يستوعبها المغرب الفاسي سريعا.. فكيف سيحصل «الماص» على مبلغ زهيد من صفقة وصفت بالقياسية.. ولأول مرة ينجح في عقدها واحد من الأندية المغربية؟
وبحسبة بسيطة فإن ما سيحصل عليه المغرب الفاسي من بيع بنشرقي للهلال هو 250 مليون سنتم، بالنظر إلى أن 25 % من ملياري سنتيم هي 500 مليون، يسقط منها 250 مليونا الثمن الذي دفعه الوداد للمغرب الفاسي أول الأمر لضم بنشرقي.
هذه الحسبة التي كانت نتيجة ما ورد في عقد الوداد والهلال من شراكة بقيمة مليارين من السنتيمات ليست مادية بقدر ما هي عينية، لم ترُق للفاسيين الذين قالوا إن حتى إبليس لا يستطيع حبكها وصياغتها.. لهذا شعروا بما يشبه الخديعة.. وقالوا إن الوداد البيضاوي راعى مصلحته الشخصية فقط عملا بمقولة «أنا ومن بعدي الطوفان»!! كما أكد الفاسيون أن هذه التخريجة هي مجرد حلية لجأ إليها الوداديون للإجهاز على حقهم الذي يكفله لهم القانون وفق بند الـ25 % الوارد في العقد.. وأن من حقهم الحصول على مبلغ 750 مليون سنتيم لا ينقصه سنتيم واحد.

«الماص» يطالب بـ750 مليون
لن يسكت المغرب الفاسي عن المطالبة بما يقول إنها حقوقه المشروعة.. وسيطالب بما يرى أن الوداد احتالت وأجهزت عليه، وهو مبلغ 750 مليون سنتيم كاملة غير منقوصة، بل هناك من الفاسيين من يقول إن الماص مستعد للتحكيم لدى المحكمة الرياضية (طاس) من أجل الحصول على حقوقه، فهل من حق الماص فعلا أن يحصل على المبلغ الذي يطالب به؟
حسب خبراء في القانون الرياضي فإن من حق المغرب الفاسي أن يطالب أولا بحصة 5 % من قيمة العقد المبرم بين الهلال والوداد، في إطار ما يسمى ببند التضامن.. وعليه أن يطالب بها الفريق السعودي، كما أن على الماص الحصول على نسبة 25 % من مبلغ الصفقة من الوداد سواء كانت مالية أو غير ذلك.. أي عليه أن يستفيد مثلا من 25 % من أي نشاط رياضي بين الوداد والهلال حتى ولو كانت مداخيل لقاء ودي بينهما.
مهما كان المغرب الفاسي مصرا على المطالبة بحقوقه من الوداد، وما على الطرفين سوى البحث عن تسوية بينهما تحفظ لهما ماء الوجه معا، قبل أن يتفاقم المشكل ويتحول إلى نزاع معقد.