نجحت روابط الأنصار التابعة لمختلف فرق البطولة في تأكيد عودتها للمدرجات عبر بوابة تجمع الإلترات الذي جرى حضره قبل نحو سنة و نصف ولتتم العودة في توقيت هام وحساس تسعى من خلاله الكرة المغربية لتسويق منتوجها الراقي وبطريقة محترمة تليق بالرهانات التي يتسابق عليها وفي طليعتها احتضان المونديال.
في الورقة التالية نستعرض أسباب المنع و مبررات العودة للمدرجات.

منع إلزامي
نزل قرار حضر الإلترات قبل نحو سنة تقريبا على مختلف الروابط مثل قطعة ثلج باردة و هي التي عمرت زهاء 12 سنة في مختلف الملاعب المغربية، إذ يعود ظهور أول الترات بمدرجات البطولة لسنة 2005 وتميزت بفرض أسلوبها و طريقتها في التشجيع التي جعلتها تتبارى فيما بينها وتتسابق لاحتلال صدارة العناوين ليس بعد المباريات و إنما أثناءها وقبلها.
قرار الحضر جاء متزامنا مع سيطرة سلطان الشغب وبطريقة موحشة على كثير من المباريات وحضوره الطاغي في جولات متتالية لتمادى أكثر من خلال بعض المباريات التي كان الرجاء البيضاوي طرفا فيها، بل الأدهى من هذا والأكثر إثارة لكثير من علامات الإستفهام أن الشغب تولد من الداخل وبتناحر الترات النسور الخضر فيما بينها في تآكل غريب للذات الأمر الذي تكرر مع فرق أخرى منها تنقل الوداد الشهير للحسيمة والأحداث الدامية وإحراق السيارات والإضرار بممتلكات العموم وبشكل غريب فعلا.
وأمام هذا التوتر جاء قراران ملزمان من وزارتي الداخلية والعدل بمنع نشاطات إلترات والأكثر من هذا منع التنقلات الجماعية للجماهير.

الإلترات تتحدى القرار
عبارة «الإلترات لن تحل» ستغزو الواجهات والجدران والملاعب وستصبح العنوان المتكرر في مختلف مواقع التواصل الإجتماعي وبلغ الأمر حد أن هذه الفصائل ستعلن وكرة فعل غاضبة على قرار حضر نشاطها مقاطعة مباريات فرقها مهما بلغت قيمتها ومنها مباراة الديربي التي قاطعها الوينرز كتعبير صريح على غضب هذه الفصائل وعدم استيعابها لرسالة منعها غير المبرر كما رأته.
بل أن عددا من الإلترات أصرت ورغم التحذيرات الأمنية على مواصلة نشاطها وعدم تخليها عن الطرق والأساليب التي ميزتها مع الدعوة لتعميم قرار المقاطعة وتوحيد الكلمة في مختلف الملاعب والتنسيق على مستوى المواقف ككتلة واحدة.
وسيبلغ الغضب الساطع القادم من معترك هذه الإلترات الدعوة لمقاطعة مباريات المنتخبات الوطنية، كما تجلى ذلك من خلال الدعوة لمقاطعة مسابقة الشأن التي احتضنها المغرب وهي الدعوة التي لم تجد آذانا صاغية، إذ سجل الحضور الجماهيري في هذه الدورة أرقاما جد محترمة أكد وبالدليل ضعف تأثير الإلترات على القاعدة المشكلة من الجمهور العادي غير المنتمي للفصيل.

مراكش نقطة التحول
شكلت الأحداث الأخيرة التي اندلعت بملعب مراكش في مواجهة الرجاء والكوكب المراكشي والتي هي تكرار لما وقع الموسم المنصرم ولو مع اختلاف في سرد الوقائع هذه المرة، إذ ان احداث الموسم المنصرم كانت داخلية بفعل خلاف بين الترات الرجاء ومؤخرا كانت الأحداث نتيجة لصدام غير مبرر مع رجال الامن، نقطة تحول كبير في إعادة ومراجعة موقف السلطات الأمنية والمختصين من هذه الإلترات.
دراسة متأنية وقراءة بالأرقام لما تمخض عن قرار المقاطعة والمنع أفضت لنتائج كارثية أكدت أن وثيرة الشغب لم تنقطع بالمنع والحضر والأضرار التي لحقت بالملاعب فاقت كل التوقعات وتجاوزت ما كان مسجلا يوم كان الترخيص للإلترات بالظهور.
وأمام هذه الأرقام و محصلة هذه الدراسة ولحساسية الظرف والمرحلة ونتيجة لإقبال المغرب على تحديات كبيرة ورهانات عملاقة منها احتضان المونديال والرغبة في تسويق صورة رائدة عن المنتوج المحلي، جاء قرار السماح لهذه الإلترات بالعودة للملاعب وفق ضوابط ومناهج جديدة.

حكاية "الباش"
خلصت هذه الدراسة على البداية من حيث انتهى الخلاف ومن حيث استفحلت الأزمة و اندلعت شرارة الشغب في ملعب مراكش.
واقعة منع جماهير الرجاء من رفع "الباش" الذي يحمل الهوية البصرية و"لوغو" إلترا الفريق الأخضر شكل أساس هذه الدراسة، التي استعانت باخصائيين أكدوا ان السماح بالباشاج في ملاعب معينة كالرباط والدار البيضاء ومنهم بمراكش وأكادير من شأنه أن يوتر الأجواء أكثر ولن يأت بالحلول العملية المؤملة والمطلوبة، بل خلص القرار إلى إعفاء رجال الأمن في كل المباريات من تحمل فاتورة المشاحنات مع الإلترات والترخيص لها بتثبيت "الباش" دون أن تكون هذه الهوية خادشة للحياء ولا فيها تمرير لرسائل وميساجات مخلة بالذوق العام أو محرضة على العنف أو ما شابهه.
وبهذا ستكون عودة الإلترات للمدرجات مفتوحة ـأمام مصراعي ممارسة أنشطتها بمنتهى الحرية و دون تضييق عليها لكن بالتزام تام و مطلق للتعليمات الأمنية التي تمنع الإحتكاكات و الإستفزازات المتبادلة بالخطابات و اللافتات التي تتسرب أحيانا في غفلة من رجال الأمن للمدرجات.

لوحات "التيفو"
افتقدت الملاعب الوطنية في اكبر المواعيد و المباريات و كان آخرها ديربي الذهاب الذي سجل درجة حضور متدنية و غابت فيه اللوحات الكاليغرافية المشهورة بالتيفو أو الدخلة التي ظلت على امتداد سابق مباريات الديربي من أهم تجليات هذه المباراة و الصورة الأكثر رسوخا بالذاكرة أكثر من المنتوج الكروي المقدم على الميدان.
هذه المرة تزامنا مع قرار العودة و التأشير بفتح الملاعب و المدرجات في وجه الإلترات سيحضر التيفو من جديد و معه ستكون هذه الفصائل في اختبار حقيقي و صريح لإبداعها بعيدا عن الصور المستفزة مثل ما حدث في أحد الديربيات من خلال تصوير جماهير الرجاء على أنهم قردة و هو ما عرض الوداد لغرامة مالية.
و تراهن الجامعة و الأجهزة الأمنية الوصية و السلطات على تفهم من صقور الإلترات و على تعاون كبير في الفترة المقبلة يجنب اتخاذ قرارات كبيرة مستقبلا و منها الحضر النهائي كما حدث في مصر مثلا بعد احداث بور سعيد الدراماتيكية.
كما أنه يعول على الإلترات أن تكون قيمة مضافة للمنتوج المسوق و أن ترفع من وثيرة عودة الدفء للمدرجات.