بعد أن تكسر حلم الوصول إلى مونديال إسبانيا 1982 إثر السقوط المدوي أمام أسود الكامرون غير المروضة، طوى الفريق الوطني صفحة المدرب جوستو فونطين وفتح صفحة المدربين البرازيليين بالتعاقد أولا مع المدرب خايمي فالنتي الذي نجح في قيادة الأسود للفوز بذهبية الألعاب المتوسطية لسنة 1983، وبالتعاقد ثانيا مع المدرب المهدي فاريا الذي حضر خصيصا لتدريب الجيش الملكي قبل أن تؤهله نجاحاته ليتولى رسميا قيادة الفريق الوطني.

المكسيك تذكرنا بالأمس القريب
إثر نجاحه في بلوغ نهائيات الألعاب الأولمبية لسنة 1984 بلوس أنجليس الأمريكية يكون الفريق الوطني قد استعاد الكثير من هيبته وبات فعلا قوة حية داخل المنتظم الكروي الإفريقي، ما جعل الأحلام تكبر بمعاودة الحضور في نهائيات كأس العالم، كيف لا ونسخة 1986 تعود إلى المكسيك إلى أرض حضارة الأزتيك التي شهدت قبل 16 سنة الحضور الأول من نوعه للفريق الوطني على المسرح المونديالي.
نجح فاريا إذن في بناء فريق وطني متكامل يقوده حارس المرمى الزاكي بادو ويتواجد بين صفوفه لاعبون من ذوي الكفاءات العالية جدا من أمثال المرحوم عبد المجيد الظلمي وعزيز بودربالة وميري كريمو والأسطورة الأسمر محمد التيمومي.

ADVERTISEMENTS


 عبور سهل لحاجزي سيراليون والمالاوي
إستهل الفريق الوطني مشوار تصفيات كأس العالم 1986 بمواجهة منتخب مغمور إسمه سيراليون، وأبدا لم يجد الفريق الوطني أي عناء في تخطي هذه العقبة، إذ سجل فوزا قويا في مباراة الذهاب بأربعة أهداف لهدف وعاد ليجدد فوزه على سيراليون بفريطاون بهدف للا شيء، وبالتالي تأهل الفريق الوطني للدور الثاني الذي سيصطدم خلاله بمنتخب المالاوي.
وعلى غرار ما حدث أمام سيراليون سيتمكن الفريق الوطني من تأمين نسبة عالية من تأهله للدور الثالث بالفوز على منتخب المالاوي هنا بالمغرب بهدفين نظيفين حملا توقيع مصطفى الحداوي (د10) وسعد دحان (د73)، قبل أن يحل ضيفا على الأخير بميدانه ويتعادل أمامه من دون أهداف.


التيمومي وبودربالة يقهران فراعنة النيل
الأمور الجدية ستبدأ مع حلول الدور الثالث، حيث سيوضع الفريق الوطني في مواجهة منتخب مصر، وجاءت مباراة الذهاب بستاد القاهرة الدولي قوية ومثيرة للغاية، تمكن خلالها الفريق الوطني من تلجيم فراعنة النيل أمام قرابة 120 ألف من مناصريهم وانتهت المباراة متعادلة بلا أهداف، ليكون الحسم بالدار البيضاء بمركب محمد الخامس أمام قرابة 80 ألف متفرج.
وخلال مباراة ملحمية سيتمكن الفريق الوطني بعد أن تجاوز زلزال البداية عندما أعلن عن ضربة جزاء لفائدة المنتخب المصري أضاعها لاعبه جمال عبد الحميد، من افتتاح حصة التسجيل في الدقيقة 36 بواسطة الأسمراني محمد التيمومي قبل أن يقضي النجم عزيز بودربالة على آمال المصريين بتوقيعه للهدف الثاني في الدقيقة 82.


ثلاثية ليبيا وصل الأمان
لقد شكل التخلص من منتخب قوي بقيمة المنتخب المصري دفعة قوية لأسود الأطلس، إذ باتوا على خطوة واحدة من نهائيات كأس العالم 1986، وفرضت هذه الخطوة الأخيرة والحاسمة أن يواجه الفريق الوطني في الدور الإقصائي الرابع والأخير منتخب ليبيا الذي شكل مفاجأة التصفيات بوصوله إلى المرحلة الختامية.
وجاءت مباراة الذهاب التي أجريت بمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط يوم 6 أكتوبر 1985 حافلة بالندية والإثارة، إذ برغم تقدم الفريق الوطني بهدف مصطفى ميري الشقيق الأصغر لكريمو بهدف في الدقيقة 46، إلا أن المباراة باتت مشنوقة بحكم التنظيم الدفاعي الجيد للمنتخب الليبي، وكان لزاما أن ينتظر الفريق الوطني العشر دقائق الأخيرة من عمر المباراة ليتمكن من إضافة هدفين بواسط كل من محمد التيمومي في الدقيقة 84 وعزيز بودربالة في الدقيقة 89.

ADVERTISEMENTS


 الأسود يصالحون المونديال بعد 16 سنة
بدا إذن الطريق سالكا أمام الفريق الوطني للوصول إلى نهائيات كأس العالم وهو يخوض ببنغازي يوم 18 أكتوبر 1985 مباراة العودة أمام فرسان المتوسط، وبرغم أن المنتخب الليبي تمكن من افتتاح حصة التسجيل في الدقيقة 44 بواسطة مهاجمه فرجاني، إلا أن ذلك لم يؤثر على صلابة المنظومة الدفاعية للفريق الوطني الذي نجح في تطويق المباراة لتنتهي بتفوق صغير لفرسان المتوسط، لم يمنع أسود الأطلس من تجديد العهد مع نهائيات كأس العالم التي غابوا عنها لمدة 16 سنة كاملة.
لا أحد كان يتوقع أن هذا الفريق الذي انتزع بالعلامة الكاملة للإستحقاق تذكرة العبور إلى المونديال سيصبح بعد أشهر من تجاوزه لمنتخب ليبيا حديث العالم وهو يكتب صفحات في كتابه الأسطوري.