لم يكن أسود الأطلس ليطيلوا لحظة الفرح وهم يكتبون واحدة من أجل صفحات تاريخ المشاركات العربية والإفريقية في نهائيات كأس العالم، بعد فوزهم الأنطولوجي على المنتخب البرتغالي، وتصدرهم لمجموعة الموت، إذ كان عليهم أن يواصلوا الرحلة الملحمية وهم يتأهلون لثمن النهاية ليجدوا في طريقهم منتخب المانشافت الذي له تاريخ مثير مع المنتخبات المغاربية.
في يوم 17 من يونيو 1986 بملعب يونيفيسيتاريو بمدينة مونتيري التي خلقت ساكنتها ألفة مع أسود الأطلس وباتت لهم سندا قويا، سيواجه المغرب المنتخب الألماني، الذي حكت وقتها الصحافة عن أنه تعمد احتلال المركز الثاني في مجموعته ليتفادى مواجهة المنتخب الإسباني في الدور الثاني، إلا أن حقيقة الأمر أن من كان يقود المانشافت ليس سوى القيصر فرانز بيكنباور الذي يذكر جيدا أنه قبل 16 سنة كان منتخبه الألماني قريبا من تجرع هزيمة العار أمام أسود مغربية حضرت لمونديال مكسيكو 70 بأسهم ضعيفة جدا.
وفي مباراة سيفتقد خلالها الفريق الوطني صخرة دفاعه مصطفى البياز، سيشتد الصراع على كل المستويات بين أسود متعطشة لكتابة صفحات أخرى في تاريخ مجدها، وبين منتخب ألماني اعتاد على لعب الأدوار الطلائعية في نهائيات كأس العالم، كيف لا وهو يتشكل من أساطير ذاك الزمان (شوماخر ـ بريغل ـ ماتيوس ـ ماغات ـ رومينيغي وليتبارسكي).


لوتار القاتل..
وبرغم الحرارة التي سادت مونتيري وقتها، إلا أن اللاعبين تمكنوا من رسم إيقاع مرتفع كانت خلاله الهجمات متبادلة، ونجح الحارسان الأسطوريان المغربي الزاكي بادو والألماني شوماخر من صد العديد من الكرات، مع أن أبرز فرصة هي تلك التي لاحت لرومينيغي الذي سدد من على بعد أمتار قليلة، ليوقع الزاكي على تصد خرافي ما زال نجم المانشافت يذكره إلى اليوم.
وبينما كانت المباراة تسير إلى نهاية وقتها الأصلي، والدخول رأسا في الشوطين الإضافيين، إذا بالمدفعجي لوتار ماتيوس يتمكن من تسديد كرة من خطإ مباشر من على بعد 32 مترا، الكرة تخترق حائط الصد وتسكن في الجهة اليسرى للحارس الزاكي، ليتمكن الألمان من كسب مباراة كان يبدو على أنها ستكون لفائدة أسود الأطلس، ولتنتهي بذلك ملحمة مكسيكو 86 على إيقاع الخروج من الدور ثمن النهائي، وليخصص المغرب بتوجيه من المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني رحمة الله عليه، استقبالا تاريخيا للجيل الأسطوري الذي كتب أروع ملاحم كرة القدم الوطنية في نهائيات كأس العالم.