مثلما يفكر أسود الأطلس في الحلقة الأولى أمام ايران لتجاوز الخطو الأول، مثلما يتهيأ الثوار الإيرانيون للمعركة على أنها صراع للبقاء أو الرحيل، ذلك ما يتطلع إليه كافة مكونات المنتخب وتسيدهم استقبال رئيس الدولة روحاني لبعث أمل الصمود ورأس الرأس عاليا، المنتخب الإيراني الذي يستهين به البعض على أنه فريسة سهلة فهو مخطئ، ومن يتوهمه ضعيفا وعاديا فهو أيضا مخطئ، حيث يتقدم الثوار على أنهم فعلا ثوار المرحلة الثانية على التوالي في مونديال لا يمكن أن يخرجوا منه خاويي الوفاض.
إيران.. حسم التأهل مبكرا
تعتبر مشاركة إيران في المونديال الروسي الثانية على التوالي تحت قيادة كيروش والخامسة لذات المنتخب في التاريخ، وتعود آخر مشاركة للثوار في البرازيل 2014، حيث قدموا مباريات جيدة نالوا من خلالها نقطة وحيدة أمام نيجيريا وخسارة صعبة أمام الأرجنتين بهدف ليونيل ميسي في وقت قاتل، ثم هزيمة أمام البوسنة والهرسك، وكان المنتخب الإيراني قد نال بطاقة العبور بفارق سبع نقاط عن كوريا الجنوبية المتأهلة أيضا وبفارق تسع نقاط عن المركز الثالث الذي كان يحتله المنتخب السوري.
وتبدو سرعة إيران في حجز ورقة التأهل من خلال فارق النقاط التي عجلت تأهله مبكرا ومن دون خسارة تذكر وبدفاع صلب وخط هجومي محترم، ولو أن شكل الهجوم لم يكن بدرجة عالية في عشر مباريات حين سجل فقط عشرة أهداف بمعدل هدف في كل مباراة، ولكن الأهم هو التأهل قياسا مع جودة المنتخب في طريقة توقيع الأهداف من قناصيه المعتادين، ويمكن القول أن إيران تأهلت في مجموعتها التي ضمت كوريا الجنوبية كمتأهل ثاني إلى المونديال وسوريا التي كادت تخلق الحدث في الملحق الإقصائي وأوزباكيستان والصين وقطر.
10 مباراة ودية
وبالأرقام الحسابية لمسار المنتخب الإيراني من خلال مبارياته الودية التي تمت برمجتها بعد التأهل، لعب الإيرانيون 10 مباراة ودية مع منتخبات إفريقية (الطوغو – سيراليون – تونس والجزائر) ولاتينية (باناما وفنيزويلا) وأسيوية (أوزباكيستان) وأوروبية (روسيا – تركيا وليتوانيا)، مع إلغاء ثلاث مباريات أمام كل من ليبيا واليونان وكوسوفو.
وخلال هذا المسار الزمني سجل خط هجوم إيران 15 هدفا وسجلت عليه ستة أهداف كإنجاز يسجل للمنتخب كونه يلعب كرة هجومية ودفاعية في نفس الآن، وكان القناص ساردار أزمون هو هداف الوديات بأربعة أهداف متبوعا برجل الوسط أنصاريفرد بثلاثة أهداف وأشخان ديغجا صانع ألعاب بهدفين، ومن خلال هذه الوديات بنى المدرب كيروش إختياراته الشاملة للكوموندو بشكل موسع، معتمدا على الأسماء اللامعة بالبطولة الإيرانية ولفيف محترف وخبير قبل أن يستقر على اللائحة النهائية قبل الخامس من هذا الشهر.
نزال المقاتلين
ويأتي هذا المونديال ليؤرخ مسيرة الناخب البرتغالي كما قلت كونه أسس لجيلين من المواهب التي شارك بعضها في المونديال السابق وبعضها يدخل التاريخ من بابه الواسع، كما أنه يؤسس لنفسه ملحمة جديدة عندما يلاقي منتخب بلاده البرتغال في نفس المجموعة وبمصادفة غريبة للرجل وبخاصة المنتخب الإسباني الذي خسر أمامه في ثمن نهائي 2010 عندما كان يدرب المنتخب البرتغالي، لكن تبقى إيران تحت قيادة كيروش منتخبا صلبا دفاعيا وخطيرا على المستوى الهجومي وذا بنية جسدية هائلة ولياقة بدنية عالية أيضا ولا يستسلم بسهولة، ويمكن أن يعود في النتيجة في أي وقت، وهو السلاح الأبرز الذي قد يستخدمه المدرب البرتغالي في مواجهات المجموعة للخروج بأفضل نتائج ممكنة، وربما تحقيق المفاجأة التي لا يعلمها أحد.
ويعتمد مدرب المنتخب البرتغالي السابق على مجموعة من اللاعبين الموهوبين الشباب، مثل مهدي طارمي مهاجم الغرافة القطري، والحارس المتميز علي رضا بيرانفارد، والرباعي الدفاعي مرتضى بورليجاني ومحمد رضا وميلاد محمدي وشيسمي، وعلى صناع اللعب مثل حاج صافي وشجاعي وجاهنباخش وتاريمي ، كما يعتمد كيروش على طريقة لعب (4ــ2ــ3ــ1)، ثم تتحول إلى (4ــ1ـــ4ــ1) في كثير من الأوقات بعودة لاعبي الوسط قليلاً إلى الخلف، وترك لاعب وحيد يمارس الضغط على دفاع الخصم، على أن يقوم اللاعب الذي يشغل مركز وسط الميدان الدفاعي بمساعدة خط الدفاع، وتكوين حاجز أُحادي قبل الوصول إلى المدافعين.
هذه هي أسلحة كيروش
هذه هي المواصفات القتالية التي سيستخدمها كيروش لا محالة في أول مباراة أمام المغرب ليرفع درجة نفس الحلم المغربي حتى وإن كان كيروش يعرف المغرب بأقوى الدلالات الدفاعية والهجومية وينهج نفس منظومة إيران، ولذلك ندرك جيدا أن المنتخب الإيراني الحالي حسب متغيراته البشرية، قدم هذه النوعية القتالية في مجموعته التي تأهل عنها في التصفيات الأسيوية المؤهلة للمونديال من أجل المرافعة عليها أمام عيارات حديدية بمجموعته، وبكل تأكيد يرى كيروش أن المغرب محفوظ بأدواته الإستراتيجية ويعرفه جيدا من خلال المتابعات الدائمة لمبارياته، وعليه سيبني مرتكزاته الإستراتيجية لإضعاف قوته التي تبرز في الوسط والمباغثة الهجومية من خلال شحن رجال وسط ميداه الإيراني لإيقاف الزحف المغربي ومحاولة امتصاص المطاردة بالسرعة التي يملكها مهاجموه الأكثر خطورة في شخص رجال الأطراف تاريمي وجاهانباخش وقلب الهجوم أزمون، ما يعني أن كيروش سيدخل مباراة المغرب بنفس خطة 4ــ 1ــ 4ــ 1 وقد يقلبها حين يرى ذلك مناسبا إلى 4ــ 5ــ 1، ومن خلال مباراتيه الأخيرتين أمام تركيا وليتوانيا بنى تشكيله على نفس التوليفة والكوموندو أي برباعي الدفاع مكون من ريزايين كمدافع أيمن وميلاد محمدي كظهير أيسر وشيسمي وبور الغانجي في متوسط الدفاع وأبراهيمي في دور السقاء مع أربعة رجال وسط وصانعي اللعب وهم: تاريمي من اليسار وجاهنباخش من اليمين وشجاعي وحاج صافي وعزل ازمون ساردار كقلب هجوم، وبحضور إضافي لأنصاريفرد هداف أولمبياكوس اليوناني بـ 17 هدفا، ما يعني أن كيروش سيعتمد على هدافي ألكمار (جاهانباخش بـ 22 هدفا ) وأنصاريفرد بـ 17 هدفا وأزمون ـب 5 أهداف مع روبن كازان الروسي، وأكيد ستكون هذه التشكيلة هي الرسمية في حال عدم حدوث أية إصابات.
رعيل الثوار
إختيار كيروش للائحة النهائية بني على معدل الأعمار لما يزيد عن 26 عاما بنسبة عامة جزأت بين ستة لاعبين يفوقون سن الثلاثين وخمسة لاعبين يفوق سنهم عن 26 عاما والبقية لما يفوق 21 عاما، بينما حظيت اللائحة تواجد لاعبين شابين نودي عليهما لأول مرة يشاركان في المونديال، كما تظهر اللائحة تواجد 13 محترفا من سائر البطولات الأوروبية والخليجية، والبقية العشرة موزعة على أندية البطولة الإيرانية المعروفة (بيرسيبوليس والإستقلال وخرسان وسايبا وزباهران).
وبالقراءة العامة يظهر المنتخب الإيراني شابا في متوسط الأعمار وخبير باللقاءات الدولية الكبرى ويلعب كرة راقية محمولة بشخصية القوة والطلاقة في ملاعب راقية ومقاتل من جانب آخر ولا يضع نفسه أمام الخسارة، كما تجلى ذلك في المباريات العشر الإقصائية، ومن أضلاع اختيارات كيروش لعرين متمرس من البطولة الإيرانية في شخص الحارس الرسمي ألبيريزا بيرانفان من نادي بيرسيبوليس أقوى نادي في البطولة ، ناهيك عن الأسماء المتوازنة المشكلة في غالبيتها من البطولة الإيرانية ولفيف من محترفي السويد وروسيا في الخط الدفاعي وبأعمار متوسطة، كما يظهر ذلك في لائحة المنتخب الإيراني، ونفس الأمر يظهر على مستوى خط الوسط من كشكول البطولة مع أقلية المحترفين (حاج صافي من بانينيوس اليوناني)، فيما يظهر الخط الهجومي على درجة عالية من الخبرة والشباب والطموح الأبرز، مع اعتماد كيروش عادة على المهدي تاريمي هداف بيرسيبوليس الإيراني الذي يشكل ثنائيا خطيرا مع ساردار أزمون من روبين كازان الروسي، ثم إلى هداف أزيد ألكمار الهولندي أليريزا جاهانباخش، ثم هداف أولمبياكوس كريم أنصاريفارد بـ 17 هدفا.