تعود الحياة الى منافسات كأس العالم في كرة القدم الجمعة، مع انطلاق الدور ربع النهائي لمونديال 2018 بمواجهة فرنسا ومهاجمها السريع كيليان مبابي لدفاع الأوروغواي الصلب، والبرازيل ومهاجمها الأغلى نيمار لمنتخب بلجيكي موهوب.

وتجمع المباراة الأولى بين فرنسا المتوجة عام 1998 على أرضها، والأوروغواي الباحثة عن لقب ثالث بعد 1930 و1950، في نيجني نوفغورود (14,00 ت غ)، تليها مواجهة البرازيل حاملة الألقاب الخمسة وبلجيكا الباحثة عن أول ألقابها (18,00 ت غ) في قازان.

وبعد استراحة ليومين، يعود اللاعبون الى العشب الأخضر والمشجعون الى المدرجات، مع دخول المونديال الروسي ثاني مراحل الأدوار الاقصائية.

تجمع المباراة الأولى منتخبين متباعدين في الأسلوب والمقاربة: فرنسا بتشكيلة أودعت أربعة أهداف في مرمى الأرجنتين وليونيل ميسي في ثمن النهائي (4-3)، والأوروغواي بدفاع تلقى هدفا يتيما في أربع مباريات.

انبعث "الديوك" من أدائهم الممل مع انطلاق مبابي لعالم النجومية. الشاب (19 عاما) الذي أصبح العام الماضي ثاني أغلى لاعب بصفقة انتقال من موناكو لباريس سان جرمان، اختار ان يوقت أفضل أداء له في المونديال، في لحظة أفول نجم ميسي وانتهاء بطولة الأرجنتين.

اخترق مبابي الدفاعات بسرعة "37 كلم/ساعة"، وأصبح أول لاعب شاب يسجل هدفين على الأقل في مباراة ضمن دور إقصائي في المونديال، منذ الأسطورة البرازيلية بيليه عام 1958.

ضد الأوروغواي، سيكون في مواجهة دفاع لا يتزعزع عماده دييغو غودين وخوصي ماريا خيمينيز وخلفهما الحارس فرناندو موسليرا. لا يقوم المنتخب الأميركي الجنوبي على الدفاع فقط: لديه أيضا خط وسط قادر على نقل الكرة سريعا، ومهاجم فتاك اسمه لويس سواريز، وآخر أشد فتكا اسمه إدينسون كافاني، على رغم ان السؤال المحيط بالمباراة سيكون ما اذا سيحضر الأخير ويتغلب على اصابته بربلة الساق.

فرنسا التي انتظرت حتى مباراة الأرجنتين لتقديم أداء يليق بأسماء من قبيل مبابي وانطوان غريزمان وبول بوغبا، تدرك ان الأوروغواي ليست سهلة.

قالها المدرب ديديي ديشان "الأوروغواي تختلف" عن الأرجنتين. لا حل سحريا لدفاعها، بل سيكون المفتاح "الصبر" وعوامل لن تظهر سوى بعد إشارة البداية من صافرة الحكم نستور بيتانا... الأرجنتيني، للمفارقة.

سيحتاج ديشان الى حلول لاختراق دفاع هو في "جينات" لاعبي الأوروغواي ومن ثقافتهم. مساحات مغلقة من منتخب "فعال جدا أيضا في الانتقال من الدفاع الى الهجوم". نصيحته لمبابي؟ "في هذا العمر، نتعلم".

مدرب الأوروغواي أوسكار طاباريز (71 عاما) تجاوز مرحلة التعلم. لديه من الخبرة كمدرب للمنتخب (منذ 2006) ما يكفي ليدرك كيف يبقي فرنسا على أعصابها: لا إشارة عما اذا كان كافاني جاهزا أم لا.

خاض كافاني الخميس تمارين منفردة للمرة الأولى منذ اصابته السبت ضد البرتغال (2-1). أفضل هداف لبلاده في هذا المونديال سيكون مفتاح إقلاق راحة فرنسا. في حال غيابه، لن يكون لويس سواريز وحيدا: كريستيان ستواني، مسجل 21 هدفا لفريقه جيرونا الاسباني الموسم المنصرم، جاهز.

بكافاني أو من دونه، يدرك تاباريز ان ركيزته هي الاعتماد "بشكل كبير على قوتنا الدفاعية" التي ستكون اليوم في اختبار ضد "فريق قوي جدا".

يستذكر طاباريز شبان فرنسا الذي تغلبوا على الأوروغواي في نهائي مونديال 2013 لدون 20 عاما. المباراة "لن تكون سهلة، الا اننا لا نعتبرها مستحيلة. لدينا هامش مناورة".


المناورة هي أكثر ما أقدم عليه نيمار في مونديال روسيا.

أغلى لاعب في العالم، والعائد بعد غياب لثلاثة أشهر بسبب كسر في مشط القدم، بات محط سخرية لأنه أمضى وقتا ممدا على عشب المستطيل الأخضر، قد يناهز ما أمضاه وهو يجري بالكرة.

بالغ في السقوط عند الاحتكاك، وتصنع الألم والاصابة. في مواجهة بلجيكا، المنتخب المعتمد على ادين هازار وكيفن دي بروين وروميلو لوكاكو وغيرهم، لا مجال للمزاح أو التراخي.

تحسنت البرازيل تدريجا منذ مباراتها الأولى في المجموعة الخامسة ضد سويسرا (1-1)، ولم تعرف سوى الفوز منذ ذلك الحين. تستفيد من توازن نادر من حراسة المرمى الى الهجوم، بقيادة مدرب قدير هو تيتي، عرف كيف يعيد المنتخب الى سكة الفوز بعد الخروج المذل من مونديال 2014 على أرضه بالأهداف الألمانية السبعة.

اختصر تيتي ما سيجعل من تشكيلته منتخبا كبيرا "ان تكون قوية ذهنيا ومركزة بشكل صحيح (...) يجب التحلي بالتواضع وعدم الافراط بالبهجة أو الخشية من الخسارة". أمنيته قبل المباراة؟ "ألا يخضعوا للضغوط".

لم يغب السيليساو، بطل العالم خمس مرات، عن ربع النهائي منذ 1994. في 2002، أحرز لقبه الأخير بعد مسار شمل التخلص من المنتخب البلجيكي في الدور ثمن النهائي بهدفين لريفالدو ورونالدو.

الاطمئنان الدفاعي البرازيلي (هدف واحد في أربع مباريات)، يقابله قلق دفاعي لدى "الشياطين الحمر". سجلوا 12 هدفا في أربع مباريات، وتلقوا أربعة. ضد اليابان (3-2) في ثمن النهائي، ظهرت تشكيلة بلجيكا بصورتين مختلفتين: تأخرت بهدفين ضد لاعبين لا يقارنوا بها لجهة الموهبة والخبرة، لكنها تمكنت من فرض شخصيتها والعودة من بعيد والفوز.

يدرك مدربها الاسباني روبرتو مارتينيز ان للسيليساو امتياز من البداية "الفارق هو أننا لم نحرز ولو كأس عالم واحدة (...) الأمر بهذه البساطة".

لا تنقصه الحلول. ضد اليابان، أنقذه بديلاه مروان فلايني وناصر الشاذلي. عشية مباراة البرازيل، وضع على الطاولة معادلة "بسيطة" أيضا، فوز بلجيكا سينقلها من موقع مرشح محتمل الى "المرشح الأبرز للفوز باللقب".