المنتخب: بدرالدين الإدريسي  

يأتي كلاسيكو الأرض بين العملاقين ريال مدريد وبرشلونة في نسخته 171 محمولا على الكثير من الأسئلة المرتبطة بالمناخات الفنية التي تسود هذه القمة التي لا تنازعها في الكونية سوى قمم قليلة جدا، والمرتبطة أيضا بالحالة المعنوية التي يوجد عليها الفريقان برغم أن حالة الإسثتناء هي التي تحضر في مثل هذه النزالات حيث يطمح كل فريق للقبض على النقاط الثلاث.
ومن حسن الطالع أن ريال مدريد وبرشلونة اللذين إشتكيا في الآونة الأخيرة من غيابات وازنة لم تؤثر بشكل كبير على الحصيلة الرقمية ما دام أن برشلونة برغم غياب نجمه وأسطورته ليونيل ميسي حافظ على صدارة الليغا، كما أن ريال مدريد لم يسقط في فخ الهزيمة سوى في الجولة الماضية أمام إشبيلية برغم أنه إشتكى من غيابات عديدة ووازنة أفقدته التوازن على مستوى التشكيل الهجومي.
هل يلعب ميسي؟
ولا أحد يعرف ما إذا كانت الأسئلة الإستفهامية التي يطرحها لويس إنريكي مدرب برشلونة بخصوص إمكانية الزج من بداية المباراة بليونيل ميسي العائد لتوه من فترة غياب إستمرت لثمانية أسابيع، هي بغرض التمويه أو أنها من صلب الحقيقة الطبية التي تطالب بالإقحام التدريجي للبرغوث، إلا أن المؤشرات كلها تقول أن الكلاسيكو جاء في الوقت المناسب، إذ أن رافا بينيتيز مدرب ريال مدريد ولويس إنريكي مدرب برشلونة سيكون بمقدورهما اللعب بالتشكيل المثالي الذي يتطابق مع فلسفة الناديين القائمة بالضرورة على الحس الهجومي، فكما أن ريال مدريد سيكون متاحا أمامه لأول مرة منذ زمن طويل اللعب بثالوثه المشكل من رونالدو، بنزيمة وغاريث بيل، فإن برشلونة سيكون بمقدوره الإعتماد على ثالوثه المرعب والمشكل من ميسي، نيمار وسواريز، برغم أن ما تدلنا عليه الأرقام والمعطيات، هو أم ثالوث برشلونة إذا ما حضر ميسي بكامل جاهزيته البدنية يتفوق من حيث النجاعة في الثلث الأول من موسم الليغا على ثالوث الريال.
الوسط مرتكز الإنفجار الهجومي
وتأسيسا على الحضور المحتمل لهذا الثالوث المدريدي والبرشلوني على حد سواء، فإن منظومة اللعب تحضر في هذا الطرف أوذاك بهدف خلق التوازنات بين المؤدي الدفاعي والمؤدى الهجومي، في ظل ما يعاب على المدربين، فبينيتيز يعاب عليه أنه يريد إدخال الريال في بوثقة دفاعية وإنريكي يعاب عليه أنه مستمر كحال من سبقوه في عدم تحصين منظومة الدفاع ضد الأخطاء المجانية والتي تكلف الفريق هزائم بمفعول نفسي عنيف.
وبرغم ما يمثله خط الهجوم عند ريال مدريد وبرشلونة من أهمية تكاد تكون مطلقة لحاجتهما معا إلى لعب فرجوي يستميل المشاهدين ويرضي غرور الرعاة والمستشهرين، إلا أن مصدر الثقل المركزي في منظومة اللعب هو وسط الميدان بأدواره التمشيطية والبنائية، لذلك تبدو عودة راكتيتش إلى وسط برشلونة عنصر قوة إضافي ليكتمل وسط الفريقين ولنعيش مصاقرة كروية من الطراز الرفيع.
ولا يبدو أن بينيتيز سيكون متاحا أمامه الإستمرار في الإعتماد على وسط ميدان بفكر دفاعي مشكلا من كاسيميرو وكروس ومودريتش، ذلك أن عودة خاميس رودريغيز إلى كامل جاهزيته ستفرض العودة إلى الشكل التكتيكي الذي حقق لريال مدريد نجاحات كثيرة في السابق، والذي يجعل وسط الميدان مشكلا من كروس ومودريتش وخميس رودريغيز، إلا إذا رأي بينيتيز ما يشفع لكاسيميرو بأن يحضر أساسيا بدلا من الألماني كروس.
وعليه فإننا سنكون أمام حرب طاحنة على مستوى خط الوسط، المنطقة التي تتحكم كثيرا في البناء التكتيكي للفريقين معا ولو أن هناك إختلافا بين الريال وبرشلونة بخصوص منطقة المناورة، فريال مدريد لا يزعجه أن يلعب في مناطقه ليبدأ منها الإنطلاق نحو الهجوم إما بكرات عرضية أو بمرتدات خاطفة، بينما يرتكز برشلونة على اللعب متحركا باتجاه مناطق الخصم للضغط عليه بأكثر عدد ممكن من اللاعبين بهدف خلخلة التنظيم الدفاعي للخصم وإعطاء عناصر الهجوم الكثير من الفرص للإختراق إعتمادا على ملكاتهم الرهيبة في التوقع وفي التلاعب بالمدافعين، وفي اختلاف المبنى التكتيكي تتنوع الحلول وتتشكل الفقرات الهجومية لنكون امام مباراة مفنوحة لا تغتال الإبداع.
مضادات نفسية بأثر رجعي
وبالإرتكاز إلى الحالة المعنوية التي يكون لها تأثير مباشر على الفريقين في مباراة شديدة الحساسية، فلا بد وأن نأخذ في الإعتبار أن برشلونة يأتي للكلاسيكو  وهو متصدر ومبتعد بثلاث نقط على الغريم ومصمم على أن يكون الكلاسيكو مناسبة لتعميق الفارق ولما لا يصل إل 6 نقاط، فيما يأتي ريال مدريد إلى الكلاسيكو بمستودع مضطرب بالهزيمة الأخيرة امام إشبيلية في مباراة قدم فيها الريال أداء ضعيفا بعد إنصرام النصف ساعة الأولى، وأيضا بما راج في الآونة الأخيرة عن وجود صدع في علاقة الدون كريستيانو رونالدو بمدربه بينيتيز إلى الحد الذي جعله يلمح بقرب موعد الرحيل.
وإن ظهرت لهذه النتوءات النفسية أهمية كبرى على محيط المباراة، فإنها قد تلعب دور السحر عند ريال مدريد وتعطيه قوة رهيبة لإسقاط برشلونة كما كان الحال في مباريات سابقة، وبخاصة ذهاب الكلاسيكو في الموسم الماضي حيث إتفق الجميع على أن الملكي لقن درسا قاسيا لبرشلونة، ولو أنه درس لم ينفع بأي شيء ما دام برشلونة هو من حمل درع الليغا قي نهاية المطاف.
كلاسيكو.. للمتعة عنوان
الكلاسيكو هو لحظة للإستمتاع برغم كل الشحنات العاطفية التي تراق على هوامشه، فهذه المباراة هي إستعراض لأجمل ما في كرة القدم وعرض لأروع ما في إحتفاليات كرة القدم، والكلاسيكو فوق هذا وذاك هو سلعة تسوق سنويا بملايين الدولارات وهو أيضا مرآة عاكسة لما وصلته كرة القدم على مستوى الفرجة وبالنسبة لخبراء الكرة هو لقاء يقدم للعالم أحدث الصيحات على مستوى التكتيك، كيف لا وهذا الكلاسيكو يضم على الأقل ستة من أحسن عشرة لاعبين في العالم حاليا.
فرجة ممتعة.