رست سفينة الرجاء البيضاوي بنسبة شبه مؤكدة على ضفاف دور المجموعات لعصبة الأبطال الإفريقية، بعدما ضرب النسور بقوة وبالحصة الكبيرة خارج القواعد، بفوزهم المستحق والثمين على النصر الليبي بنتيجة 1- 3 بملعب بيترو سبور بالقاهرة، ليكون قد حسم العبور في إنتظار التأكيد في إياب يبدو سهلا وشكليا بمركب محمد الخامس.
قمة عربية منفية
في ظل الأوضاع الأمنية المتوثرة بليبيا والتي يستحيل معها إجراء مباريات كرة القدم، آثر النصر الليبي إستقبال الرجاء البيضاوي بالعاصمة المصرية القاهرة وتحديدا بملعب بيترو سبور، في قمة عربية منفية قادها الحكم الجزائري لطفي بقواسة تحت أنظار زهاء 400 متفرجا.
النصر وصيف بطل ليبيا دخل منذ شهرين في تربص بمصر تحضيرا لعصبة الأبطال الإفريقية، مستفيدا من تأخر إنطلاق البطولة المحلية، مع إجرائه عدة مباريات ودية آخرها هزيمته بهدفين ضد اليرموك الكويتي.
النسور حطوا الرحال بالقاهرة بكامل عناصرهم الأساسية، مع عودة الشاكير لقطب الدفاع وتعويض المُستبعد كوليبالي، ليدفع المدرب باتريس كارطيرون بأبرز أوراقه المعروفة بمن فيها العميد بدر بانون، فيما لم يغامر بعمر بوطيب الذي لم تكتمل جاهزيته، ليشرك مكانه محمد الدويك.
سيطرة مطلقة للرجاء
مباشرة بعد إعطاء الحكم الجزائري صافرة الإنطلاق تحكم الرجاويون في مجريات اللعب، وبادروا لإمتلاك الكرة والإندفاع إلى الأمام ومحاولة تسجيل هدف مبكر يربك حسابات المضيف، ونجح وسط ميدان النسور بقيادة نغوما والعرجون ونناح في السيطرة المطلقة على اللعب، ورفع الإيقاع عكس ما يشتهيه الليبيون.
أصحاب الأرض دافعوا بستة مدافعين وأمامهم ثلاثي وسط الميدان الإرتدادي، وبدا أن همهم الأول تفادي إستقبال هدف من الرجاء في الدقائق الأولى، أكثر من سعيهم لفرض أسلوبهم والضغط وتهديد الحارس أنس الزنيتي.
هذا الأخير كان في راحة تامة ولم يُختبر قط، بل لم تصل إليه الكرة إلا نادرا ليظل متفرجا على إندفاع رفاقه في منتصف ملعب النصر، حيث تعددت الهجمات وتكاثفت الجهود بغية هز شباك الحارس الطلحي.
القائم ينقذ الليبيين
رغم أنه سيطر بالطول والعرض على الشوط الأول من بدايته وحتى نهايته، إلا أن الرجاء لم ينجح في خلق محاولات بارزة وحقيقية للتسجيل، بإستثناء ركنية محسن متولي المقوسة والتي إصطدمت بالقائم لتنقذ المضيف من الصفعة د22، وبعدها بثمان دقائق إهتز الجمهور القليل الحاضر إعتقادا منه أن شباك الليبيين إهتزت برأسية نناح بعد عرضية متولي، لكن الكرة أخطأت بقليل الإتجاه الصحيح وهزت الشباك الجانبية.
النصر دافع ثم دافع وأظهر عدم قدرته على مسايرة إيقاع النسور نظرا للفوارق البدنية الكبيرة بين الطرفين، وتأثر الليبيون كثيرا بإنعدام المنافسة وتوقف البطولة فكان عصيا عليهم شن هجمات ولعب التمريرات القصيرة والسريعة، فكان اللجوء للتمريرات الطويلة والمرتدات التي كانت تُقطع في مهدها.
ومضت الدقائق سريعة على الزوار وبطيئة على أصحاب الضيافة، وجرب متولي سلاح الضربات الثابتة الخطيرة لكن دون جدوى، لينتهي النصف الأول بالبياض الذي لم يعكس التفوق الميداني المطلق لكثيبة المدرب باتريس كارطيرون.
نغوما يأتي باليقين
35 ثانية فقط بعد صافرة بداية الشوط الثاني يفلح الكونغولي فابريس نغوما في تحقيق ما عجز عنه الآخرون في الشوط الأول، حينما عثر على المفتاح الصحيح وأتى باليقين ليهز الشباك من رأسية على يمين الحارس الطلحي، معلنا عن أفضل بداية ممكنة للنسور خلال النصف الثاني، وأسوء سيناريو للنصر الليبي الذي صمد طويلا قبل أن يسقط على السريع في الدقيقة 46.
هذا الهدف أراح بصورة واضحة زملاء العرجون الذين خففوا من الضغط بعدها وتراجعوا نسبيا للوراء، الشيء الذي سمح للخصم بترميم صفوفه والمبادرة للهجوم بحثا عن تعديل الكفة، وتباعدت خطوط الرجاء ولم يتواصل نهجهم للدفاع المتقدم، مما حفز الليبيين على الزحف تدريجيا دون تشكيل خطورة كبيرة على مرمى الحارس الزنيتي.
العميد محسن متولي تكلف بصناعة كل الهجمات فكانت تمر عليه جميع الكرات، وشكل الرواق الأيمن الطريق السيار لإختراق الدفاع وتوزيع عرضيات لم تجد اللمسة الأخيرة، في ظل عزلة أحداد وشرود الحاضر الغائب بنحليب.
نناح يرد على جونيور
أجرى المدرب الليبي تغييرين جيدين غيرا ملامح النهج الهجومي للنصر، خصوصا إشراك المهاجم الكاميروني جونيور الذي أنعش الجبهة الهجومية وكان جريئا ومتحمسا لزعزعة إستقرار الدفاع الرجاوي، وإستغل غياب الرقابة في أول هجمة منظمة خطيرة للنصر ليسرق هدف التعادل د64، في عقوبة مباشرة بعد تراخي بعض اللاعبين.
لكن من حسن الحظ أن المنقذ نناح كان في الموعد وأعاد عقارب اللقاء لفائدة النسور، حينما سجل الهدف الثاني د67 بعد تمريرة من أحداد، وإشتد وطيس المباراة وفتحت أبوابها لهجمات هنا وهناك، وكاد العرجون أن يسجل الهدف الثالث من تسديدة من بعد 35 تصدى لها الحارس الطلحي ببراعة د73.
المدرب كارطيرون ثار وأمر اللاعبين بعدم التهاون تفاديا لسيناريو بريكاما، وحذرهم من الإستهتار وتلقي هدف التعادل، قبل أن يطمئنه العميد متولي نهائيا ورسميا بتوقيع الهدف الثالث المريح من ضربة خطأ جميلة د84، ليطوي فصول المباراة بفوز كبير ومستحق ضد خصم ليبي متواضع، ويضع السفينة الخضراء على ضفاف دور المجموعات.