فرضت إجراءات الحجر الصحي، التي اعتمدها المغرب على غرار باقي دول العالم للحد من تفشي فيروس كورونا "كوفيد -19- آثارها على حياة الرياضيين، وباتت تهددهم مع استمرارها لمدة أطول بتداعيات على المستويين البدني والذهني بسبب توقف الأنشطة الرياضية.

ولم يسلم لاعبو المنتخب الوطني للجيدو من هذه التداعيات إذ أصبحوا يعيشون بين مطرقة الحفاظ على اللياقة البدنية وسندان إدراك التوازن الذهني، سيما وأن الكثير منهم كان يعلق آمالا كبيرة على المشاركة في دوريات عالمية، كانت ستشكل آخر المحطات للتأهل إلى أولمبياد طوكيو، قبل تأجيلها إلى أجل غير مسمى أو ألغيت.

وفي انتظار ما سيسفر عنه القادم من الأيام من قرارات أو إجراءات إضافية ،حسب تطور الوضع الصحي في العالم، تبقى تطلعات أبطال الجيدو المغاربة معلقة إلى موعد غير محدد، ويجدون أنفسهم بالتالي أمام حالة عدم اليقين من مدى استطاعتهم الحفاظ على لياقتهم وتركيزهم الذهني، وإلى متى.

وقال المدير التقني الوطني للجامعة الملكية المغربية للجيدو، الإطار الفرنسي كريستيان شومان، إن عناصر المنتخب الوطني، ورغم الظرفية التي تمر منها كجميع الرياضيين في العالم، تحاول قدر الإمكان التدريب للحفاظ على لياقتها البدنية خلال فترة الحجر الصحي.

وأوضح، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الجيدو رياضة تعتمد على الاتصال البدني حيث تستلزم توفر شريك إلى جانب الممارس لأداء التداريب وخاصة التقنية منها على أكمل وجه ، مما يضطر أغلب اللاعبين خلال الحجر الصحي إلى الاستعانة بأحد أفراد أسرهم، ويجعل مهمتهم أكثر تعقيدا. 

وفي ما يتعلق بالتحضير البدني، ذكر السيد شومان أنه سطر برامج تدريبية خاصة بالعناصر التي ستخوض الإقصائيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو المقررة سنة 2021 بعد تأجيلها، تمكنهم من أداء التمارين بدون معدات، بالإضافة إلى برنامج للتداريب التي تتطلب معدات (لأولئك الذين يتوفرون عليها) لتقوية عضلاتهم.

وأضاف أنه باستخدام المعدات الخاصة بكمال الأجسام أو معدات ضبط النبض (الدراجة الثابتة والبساط المتحرك.. ) ، يمكن لأعضاء الفريق الحفاظ على لياقة بدنية جيدة مع البقاء في منازلهم والامتثال للتدابير الاحترازية المفروضة لمكافحة جائحة فيروس كورونا.

وردا على سؤال حول الحالة الذهنية للرياضيين، شدد شومان على "أنهم يشعرون بخيبة أمل جراء تأجيل دورة الألعاب الأولمبية، لكن هذا التأجيل يجب أن يكون في المقابل حافزا لهم حيث بات لديهم الآن المزيد من الوقت للإعداد الجيد للتأهل لهذه المسابقة".

وأشار المدير التقني الوطني، إلى أن الطريق إلى التأهل "غير مضمون لحد الآن"، وأن هذا التأجيل يشكل فرصة حقيقية للاعبي الجيدو المغاربة الذين يجب أن ينتهزوا هذه الفرصة للتحضير بشكل صحيح لهذا الاستحقاق العالمي.

وذكر ،في هذا الصدد، أنه دشن تداريب عالية المستوى مع النخبة المغربية منذ يناير 2017، لذا أصبح أمامها الآن عام إضافي للتمرن أكثر بغية تحقيق نتائج إيجابية في المراحل الإقصائية المتبقية وجمع أكبر عدد من النقط التي تتيح انتزاع بطاقة المرور إلى أرقى تظاهرة على الإطلاق. 

من جانبه، أكد المسؤول الإداري عن المنتخبات الوطنية للجيدو ، عبد الله كايدي، أن العناصر الوطنية تخوض تداريبها المنزلية كباقي أبطال رياضات أخرى، في ظل الحجر الصحي من خلال اتباع برنامج يسطره المدير التقني الوطني أسبوعيا ويراعي الحفاظ على اللياقة البدنية في الدرجة الأولى.

لكن، يضيف كايدي، تستفرد رياضة الجيدو بعدة خصوصيات، منها كونها رياضة تعتمد على الاحتكاك البدني المباشر بين متصارعين، عكس العديد من الرياضات الفردية، الشيء الذي يزيد من صعوبة التداريب المنزلية بالنسبة للممارسين، في غياب العنصر الخصم .

وقال إنه رغم تشابه الأوضاع التي يعيشها أبطال رياضة الجيدو عبر العالم، يشكل التفاوت في التجربة وتوفر الإمكانات التكنولوجية والتجهيزات بل حتى في المستوى الاجتماعي، فارقا مهما في بلوغ مستوى معين من الإعداد لمسابقة مثل الألعاب الأولمبية التي تتطلب استعدادات من مستوى عال بدنيا وتقنيا ونفسيا.

وأشار كايدي، الأستاذ بالمركز الوطني للرياضات مولاي رشيد بسلا، إلى أن متابعة العناصر الوطنية عن بعد تختلف نتائجها من ممارس لآخر في ما يخص الالتزام بالبرامج الإعدادية المسطرة، والجدية أثتاء التداريب ودرجة التحفيز والطموح، وهي العوامل التي تتأثر بشكل مباشر بالحالة الذهنية لكل واحد منهم.

كما لم يخف أن هدف وطموح العناصر الوطنية الثلاثة، عصام باسو وسمية اللوراوي وشاكر عزيزة ، التي تعقد عليها آمال كبيرة لتمثيل المغرب في الأولمبياد الياباني، هو الخروج من هذه الأزمة أقوى والعودة إلى البساط لانتزاع تأشيرة التأهل، وبالتالي الالتحاق بزميلتهم في الفريق الوطني ، أسماء نيانغ، التي حجزت مبكرا مقعدا في الأولمبياد. 

من جهة أخرى، أشاد عبد الله كايدي، بالمجهودات التي تقوم بها اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، في إطار متابعة الأبطال المغاربة في أفق المشاركة في أولمبياد طوكيو، وخاصة المرافقة الذهنية من خلال انتداب مرافقين ذهنيين متخصصين ومستشارين في الطب الرياضي، ووضعهم رهن إشارة المديريات التقنية للجامعات الوطنية لمساعدة الرياضيين على تجاوز الضغوطات التي يفرضها الحجر الصحي.