شغفي بالتدريب لا يوصف إلا أنني مكره لا بطل..
أسرتي تمضي حجرها الصحي بالجديدة ولهذا لم أزرها منذ أسبوعين

قد لا يكون من الذين يعشقون البهرجة والإطلالات ومن الذين لا تثيرهم التصريحات ولا الحوارات الفضفاضة، إلا أنه وللأمانة كلما طرقت "المنتخب" بابه سعيا خلف محاورة أو تصريح فإنه لا يتأخر وأيا كانت الظروف.
كلما هاتفت نيبت، إلا وبادر بالرد "صديقي المدريدي - وفي ذلك سر سنكشفه لاحقا في هذا الحوار- كيف لي أن أتأخر عن جريدة كنا ننتظر بشغف صدورها لنتعرف على قائمة الأسود، وهل كانت تتضمن أسماءنا، وكيف أتأخر عن جريدة تنقلت لغاية مدريد لتواكب تتويجنا التاريخي".
لن أطيل عليكم، أدعوكم في هذا الحجر الصحي، للإستمتاع مع العميد الأسطوري لأسود الأطلس نور الدين نيبت، بصراحته المعهودة وبأريحية المتجددة.
 الحوار هذه المرة مختلف عنه في أي مرة سابقة..

المنتخب: أدرك جيدا أنك من المقلين في الخرجات الصحفية، لكن دعني أقول لك أن هذه المرة المناسبة شرط والظروف تفرض علينا محاورتك في عدد من المواضيع الهامة ما رأيك؟
نور الدين نيبت: صدقني إن لمس الجمهور الكروي والرياضي المغربي ندرة في إطلالاتي الصحفية، فهذا والله يشهد عليه، لا هو تقصير ولا هو تطبع، بل هو طبع لا أتصنعه، لكني لم أتأخر منذ كنت لاعبا سواء عليكم أو عن باقي المنابر المحترمة في التواصل في حدود المتاح والمعقول وما يفيد المتتبع بطبيعة الحال، ولذلك أنا مرحب بكم على الدوام، فكلما هاتفتني إلا ويرد علي إسمك الموثق في القائمة عندي ب"الميرنغي" المدريدي وأنا مثلك ملكي مدريدي حتى النخاع (مبتسما).

المنتخب: ما دمت ذكرت ريال مدريد، حاورناك مرارا وسألناك عن قصة صفقة العمر التي تعثرت، انضمامك لريال مدريد من ناديك ديبورتيفو لاكورونيا، ألا يزعجك أن ننبش في الواقعة مرة أخرى؟
نور الدين نيبت: كل شيء قسمة ونصيب، وهذا الإنتقال لم يكن مقسما لي، رغم أنه كان حلما كبيرا وكما قلت أنت كانت صفقة العمر بالنسبة لي، الحمد لله على كل حال، لم تتم الصفقة، وأنا راض على مشواري الإحترافي كلاعب وأتشرف به.
مؤخرا رحل لورينزو سانز الذي كان يرأس النادي الملكي في تلك الفترة ويبدو أن حقيقة تعثر الصفقة قد رحلت معه، صدقني بعد كل هذه السنوات لم أعثر علي الحقيقة، لأن هناك من تحدث يومها عن أن رئيس ديبورتيفو لا كورونيا أوغوستو ليوندورو كان يرى أن خروجي من النادي أمرا مستحيلا، لذلك وضع لانتقالي شرطا ماليا تعجيزيا.

المنتخب: وقتها الويلزي جون طوشاك وقد طام مدربا لريال مدريد هو من أوصى بجلبك؟
نيبت: بالطبع، لأنه شاهدني كثيرا مع لاكورونيا، وكان يرى أنه بإمكاني أن أشكل ثنائية رائعة مع فيرناندو هييرو في وسط دفاع الريال.
على العموم وكما قلت لك، أحمد لله أنني لعبت في الليغا وعصبة الأبطال وحققت إنجازات كبيرة وواجهت الريال عميدا، ورغم هذا سأظل وفيا للديبور ومناصرا قويا للريال.

المنتخب: ولكنك وأنت المحب للريال، ستواجه الملكي في نهائي كأس الملك سنة 2002  وهي سنة احتفال الريال بمائويته، وستجرده في قلعته بالبرنابيو من تلك الكأس في مشهد أبكى كل المدريديين؟ 
نور الدين نيبت: طبعا ما زلت أذكر جيدا تلك المباراة، كانت لحظة خاصة بل واستثنائية، كان الريال يحتفل بذكراه المائوية وحتى كأس الملك كان تحيي ذكراها المائوية، والإعلام كله تكهن بتتويج الملكي، إلا أننا باغثنا زيدان وزملاءه بمنظومة تكتيكية فاجأت الريال وفاجأت مدربه ديل بوسكي.
تقجمنا سريعا بهدفين فيما أذكر، وبعدها صعبنا عليهم المباراة، كنا نتمتع بواحدة من أقوى دفاعات الليغا، ولم يفلح الريال بوجود زيدان وراوول ولويس فيغو وموريانتيس سوى في تسجيل هدف وحيد لنفوز في النهاية، ونهدي ثاني كأس للملك للاكورونيا.

المنتخب: بعد هذه النوسطالجيا الجميلة، نعود إلى ما نحن فيه اليوم، كيف يمضي نور الدين نيبت حجره الصحي؟
نور الدين نيبت: مثل أي مواطن مغربي، أنا ممثل للتعليمات والتوجيهات ومتقيد بها بشكل قوي، المغرب ولله الحمد وكما يشهد له الجميع، اتخذ إجراءات استباقية احترازية ووقائية جيدة للغاية، وضعنا مستقر ولله الحمد، وباحترام جميع المواطنين للتعليمات التي تسهر عليها الأجهزة المختصة والسلطات، أنا واثق من أننا سنجتاز هذا الوضع إن شاء الله بسلام.

المنتخب: هل تقصد أنك مواظب على البقاء بالبيت؟
نور الدين نيبت: بطبيعة الحال، ولا أغادره إطلاقا إلا للضرورة القصوى وأكثر من القصوى، فور إعلان حالة الطوارئ وتحديد فترتها، اصطحبت أفراد أسرتي لمدينة الجديدة لأسباب خاصة، وكان لزاما علي أن أتغيب عنهم لفترة ربما ناهزت أو فاقت أسبوعين، وبعد ذلك عدت لألتحق بهم لمرافقتهم في هذه التجربة التي نتاقسمها جميعنا. 

المنتخب: ما موقفك من مظاهر الإحسان والمساعدات الإنسانية التي انخرط فيها اللاعبون القدامى والجدد، سيما بالمغرب؟
نور الدين نيبت: حين قلت لك اني تغيبت نحو أسبوعين فلأنني رفقة جمعيات تعنى بالمبادرات الإنسانية، كان علينا أن ننخرط في هذا الشق وهذا الجانب الإحساني والإنساني، بأن أوصلنا مساعدات إنسانية ولله الحمد، لمواطنين هم في أمس حاجة إليها وبمناطق نائية تحديدا بالجنوب.
لست من النوع الذي يتباهى بهذه المبادرات التي تبقى بين الخالق والمخلوق، وحتى حين أثير اسمي بمنطق التحدي، لم أتأخر في تقديم مساعدة مالية ليس ردا على التحدي بل لأنه واجب ديني وأخلاقي اتجاه أبناء وطني.

المنتخب: لكن هناك من النجوم واللاعبين من أصروا على كشف هذا النوع من المبادرات؟
نور الدين نيبت: يبقى هذا شكل أو طبع يختلف من شخص لأخر، ولكل واحد دوافعه وخلفياته ومبرراته، البعض يفعل هذا لغاية نبيلة وهي خلق أجواء التنافس في فعل الخير. شخصيا يكفيني أن ضميري مرتاح سواء مع أشقائي أو مع المقربين مني أو من طرق بابي من أجل المساعدة أو تقديم معونة لمن يحتاجها، ونسأل الله أن يتقبلها منا ويضعها في ميزان الحسنات ويرفع عنا هذه الغمة.

المنتخب: فتحنا مِؤخرا ملفا يهم المدربين المغاربة، باستحضار أسماء مرت من المنتخب الوطني ولم تظهر في ساحة التدريب، أنت واحد منهم، لماذا أنت مبتعد؟
نور الدين نيبت: المسألة مرتبطة بأمور خارجة عن إراداتي، أي أنه بعد اعتزالي أنيطت بي مهام مختلفة بتعاقب الجامعات التي سهرت على تسيير شؤون كرة القدم الوطنية، ولم يكن ممكنا ردها أو رفضها، لأنها تندرج ضمن خانة الواجب الوطني.

الحمد لله تشرفت بكل هذه التكليفات والتي تعكس شيئا هاما وهو الثقة التي اكتسبتها بعد مساري الطويل ولله الحمد لاعبا وعميدا للمنتخب المغربي، علما أني مباشرة بعد إنهاء مساري رفقة المنتخب الوطني استفدت ولعام كامل، من دورات تكوينية على أعلى مستوى وتحت رعاية جامعة الكرة الإسبانية، كي أبرز لك أنه كان وما يزال لدي شغف لمزاولة مهنة التدريب.

المنتخب: معنى هذا، أنه يمكن أن نرى نيبت مستقبلا إن شاء الله مؤطرا خلف خط التماس ليرسم التكتيك للاعبيه؟
نور الدين نيبت: هذا لا شك فيه وسيحين وقته، بجانب الإستفادة من هذه الدورة التكوينية كانت لي استفادة من حلقات تكوين أخرى، لقد استفدت رفقة عدد من الزملاء من دورة عالية المستوى ل" المانادجر جنرال" منظمة بدرجة عالية من الإحترافية من قبل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
مساري الطويل واحتكاكي بمدربين من المستوى العالي، محليا وأوروبيا، أكسبني خبرات كبيرة، اعتقد أنه هي كل ما يحتاجه أي شخص يرغب في اقتحام هذا المجال، اليوم أنا مكلف بمهمة خاصة لها ارتباط بهذا الشق من طرف الجامعة، وسيظل ولوج مجال التدريب حلما قائما وأتمنى أن يتحقق يوما ما، وأنا أشاطركم الرأي أن الكرة المغربية يلزمها مدربون بجانب الأسماء الحالية التي نحترمها، تحمل إرثا وخبرة تمثيل الفريق الوطني مثل ما يجسده لوران بلان وزين الدين زيدان وديشان من المنتخب الفرنسي الذي جايلته وواجهته في نزالات ودية وبخاصة في دورة كأس الحسن الثاني الدولية.