متى يتخلص من أزمات التسيير وسوء التدبير؟    
أنصار أضناهم الانتظار أمام تعنت رجال القرار

من حق جمهور جمعية سلا أن يبكي حال فريقه، بعد أن أضنته الوضعية التي لم تعد تسر لا حبيب ولا عدو، الفريق الذي يعتبر من أعرق الأندية وأنجب العديد من النجوم، التي صالت وجالت في الملاعب الكروية، أصبح متعوَدا على العيش في الظل بدون طموحات ولا آفاق، وفي مكان لا يليق بطموحات السلاويين ولا بمدينة مليونية، ليبقى السؤال، هو ما متى سيظل الفريق أسير هذا التواضع ورهينة لحجر تسييري؟

فريق عريق
رغم أن جمعية سلا لم يسبق له الفوز بأي لقب، إلا أنه يعتبر من الأندية التي كانت تحظى بشعبية واحترام من جننتهم كرة القدم، بحكم النجوم التي صنعها، والتي تألقت في البطولة، بل إن الكثير منها حمل ألوان المنتخب المغربي.
وارتبط جمعية سلا بملعب المسيرة الخضراء، الذي كان شاهدا على مجموعة من المباريات التاريخية، وتعاقب على أرضيته الكثير من الأجيال الذهبية، ورغم أن أرضية الملعب كانت متربة، إلا أنها تظل شاهدة على تألق المواهب السلاوية على مرَ العقود، وبرغم أن الحسرة كانت كبيرة، على أن الأجيال الذهبية المتعاقبة لم تفلح في التتويج بلقب، على غرار الجيل الذهبي الذي عرف تألق بنجيلاني، موح، مبارك، لعلو، محروس، خرازة، بيتشو، أجدي وعبد الحنين، إلا أن ما عرفه الفريق من شح على إنجاب النجوم، جعل أغلب السلاويين يعيشون على ذكريات الأمس الجميل. 

المواسم تتعاقب وتتشابه
عندما نقف على مستوى جمعية سلا هذا الموسم، سيتضح أنه يعيش نفس معاناة المواسم السابقة، فقد بات الفريق منافسا بالطبع على تفادي النزول للهواة، وقد سجل فارس الرقراق نتائج غير مقنعة بل غير مستقرة، وانتظر الدورة العاشرة ليسجل أول انتصار على حساب شباب المحمدية بهدف للاشيء، حيث حقق في المباريات التسع، 7 تعادلات وهزيمتين، واتسمت نتائجه بالضعف وبعدم الإستقرار، حيث انهزم على ملعبه أمام أولمبيك الدشيرة 5/2، في آخر مواجهة قبل توقف البطولة بسبب الجائحة.   
 
مدينة المواهب
من حق جمهور جمعية سلا أن يتحسر وأن يعضَ على أصابعه أسفا، وهو يصدم بمشهد فريق ينتمي لمدينة عريقة، وعاجز عن تثبيت أقدامه في قسم الأضواء، إذ ظل يلعب دور المصعد إلى أن دفن رأسه في القسم الثاني.
 ويحزَ في نفس الجمهور السلاوي، أن مجموعة من المدن بإمكانياتهاَ القليلة مقارنة بسلا، نجحت في التواجد بالقسم الأول، على غرار سريع وادي زم ويوسفية برشيد ونهضة الزمامرة، وما تأتى لها ذلك إلا برجالاتها وأبنائها وتسييرها المحكم وبرامجها الطموحة.
ويمكن القول أن جمعية سلا تمتارس ما يصطلح عليه بالهدر الكروي، في غياب استراتيجية واضحة على مستوى التكوين، وبسبب ضعف التدبير المالي، وضحالة الموارد المالية، ولو أن تعيين الإطار التقني الوطني عبد القادر يومير على رأس الإدارة التقنية للفريق خلال هذا الموسم خفف من وطأة الفراغ التقني.

العزوف الجماهيري.. المشهد الحزين
ظاهرة غير طبيعية عرفها فريق جمعية سلا، في المواسم الأخيرة ويتعلق الأمر، بعزوف جمهور ومشجعي الفريق عن متابعة المباريات، ومقاطعته لها بخاصة تلك التي تجرى بملعب أبو بكر عمار بسلا.. مقاطعة هي تعبير صريح من المناصرين وهم بالألاف عن رفضهم المطلق لمن يديرون الفريق منذ سنوات في ظاهرة هي أقرب لتوريث ومطالبتهم لهم بالرحيل.
وأصبح هذا المشهد الحزين معتادا في المواجهات التي يجريها الفريق السلاوي بمعقله، إذ يلعب مبارياته أمام مدرجات فارغة ووسط أجواء باردة، تعكس الواقع المتردَي الذي يعيشه هذا النادي، الذي لطالما تغنى بجمهوره العريض بالأمس القريب.
الأسف كل الأسف، أن جمعية سلا لا يستغل القاعدة الجماهيرية للمدينة، خاصة أنه الفريق الوحيد الذي يمثل المدينة في الأقسام العليا.

أخطاء متكررة وانتفاضة الأنصار
رغم مرور السنوات، إلا أن جمعية سلا لم يبارح مكانه، وبقي في موقعه بالدرجة الثانية، بل إنه نافس في بعض السنوات لتفادي الهبوط للهواة، وحسم بقاءه بصعوبة في الدورات الأخيرة.
وقد أفرزت هذه الوضعية المزرية والتراجع الرهيب لجمعية سلا، انتفاضة الجمهور السلاوي، الذي لم يعد راضيا على ما آل له فريقه، من تراجع وتواضع، رغم تعاقب المواسم، ذلك أن المكتب المسير لم يستفد من الأخطاء ولا من الإكراهات التي يعاني منها فارس الرقراق منذ سنوات، ليستمر الحال، دون إشارات مستقبلية على أن الفريق قابل للتغيير أو التطور والتخلص من الأعراض التدبيرية التي ضربته في السنوات الأخيرة.

إلى متى يبقى هذا الحال؟
إن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هو إلى متى سيستمر حال الجمعية البئيس؟ ومن يستطيع انتشال الفريق من تواضعه؟ 
المؤكد، أن الجمهور السلاوي مُصرَ على الاستمرار في مقاطعته للمباريات بملعب أبو بكر بسلا، ومصر على مواصلة احتجاجاته على المسؤولين، ليكون الخاسر الاكبر من هذه القطيعة المبرمجة، هو الفريق الذي يشكو من أعراض كثيرة، فماليته مثقوبة وجماهيره غاضبة ولاعبوه هدهد هذا العزوف، حتى أصبحوا يشعرون بحيف كبير أو ما يشبه " الحكرة "، خاصة أن المشهد  أصبح مألوفا في ملعب أبو بكر عمار، بغياب جمهور الجمعية، وحضور مشجعي الفريق الضيف، وتلك صورة تؤكد حالة أنصار الفريق المغبونة في انتظار التغيير.