يواجه "سطاد دو فرانس" خطر الغرق في المجهول في حال استمرار أزمة وباء كورونا المستجد التي جمدت العديد من الأنشطة الحيوية سواء الرياضية أو الفنية، والتي كانت مصدر ضخ إيرادات كثيرة في خزانته المالية المهددة في أكثر السيناريوهات تفاؤلا بخسارة ملايين عدة في عام 2020.

فرض الانتشار الرهيب لوباء "كوفيد-19" في فرنسا، إلغاء مباراتين وديتين دوليتين للمنتخب الفرنسي لكرة القدم في مارس ويونيو. كما أن المباراتين النهائيتين لمسابقتي كأس فرنسا وكأس الرابطة لكرة القدم قد تقامان بدون جمهور على غرار نهائي مسابقة الركبي 14. والأمر ذاته بالنسبة للحفل الفني للايدي غاغا المقرر في 24 يوليوز، والمهدد بالإلغاء بسبب حظر التجمعات التي تزيد عن خمسة آلاف شخص.

من ما مجموعه عشرين إلى ثلاثين حدثا سنويا، فإن هذا يؤثر بشكل كبير على القلب النابض لمنطقة سان دوني والذي تم بناؤه منذ أكثر من عقدين بين طريقين سريعين وقناة بنهر السين، شمال باريس.

توقفت استضافة ندوات شركات المقاولات والمحلات التجارية وتأجير المكاتب والزيارات منذ 16 مارس الماضي، وهو التاريخ الذي وجدت فيه نسبة 75 بالمئة من مئات موظفي كونسورتيوم "سطاد دو فرانس"، التابع لشركتي فينتشي وبويغ المشغلتين للملعب المملوك من الدولة، نفسها في بطالة جزئية.

وقالت المديرة العامة للكونسورتيوم ألكسندرا بوتلييه في تصريح لوكالة فرانس برس "ربما سنكون قادرين على استئناف نشاطنا بنهاية العام الحالي، وربما لا. في كلتا الحالتين، نحن نتحدث عن عدة ملايين من الاورو (حجم خسارة الإيرادات). في الحالة الثانية، سيكون التأثير رقما مزدوجا"، من إجمال الإيرادات السنوية البالغة حوالي 60 مليون يورو، محذرة من أنه إذا استمر الحظر المفروض على التجمعات الكبيرة خلال عام 2021 "سندخل إلى منطقة مجهولة".

حتى الآن، يؤكد الكونسورتيوم أنه اقترح على الدولة وضع الملعب رهن إشارة العاملين على إيجاد حل للأزمة الصحية، في وقت تحول ملعب ماراكانا في ريو دي جانيرو إلى مستشفى ميداني، ومعقل ريال مدريد الإسباني "سانتياغو برنابيو" إلى مكان لتخزين المعدات الطبية.

عندما تعود الحياة إلى طبيعتها، سيكون من الضروري إجراء الحسابات، ولكن على المدى الطويل، سيكون مستقبل ملعب فرنسا مرتبطا بحدثين كبيرين هما كأس العالم للركبي عام 2023 وأولمبياد باريس في عام 2024. حتى ذلك الحين، من المقرر إجراء أشغال تجديد للإضاءة والترميم خصوصا المنصة الخاصة بوسائل الإعلام، بتكلفة متوقعة تبلغ 50 مليون اورو (قيمة عام 2016) تدفعها الدولة ومنطقة إيل دو فرانس.

علاوة على ذلك، هناك تشكيك بنجاعة النموذج الاقتصادي للمنشأة والمتمثل بالامتياز الذي عهدت به الدولة إلى الكونسورتيوم ببناء وتشغيل الملعب والذي ينتهي في عام 2025. وقد تم انتقاد هذا النموذج على أنه مكلف للمالية العامة للدولة.

بالإضافة إلى ذلك، كانت العلاقات متوترة منذ فترة طويلة بين الجامعتين الفرنسيتين لكرة القدم والركبي والكونسورتيوم حول تقاسم عائدات المباريات.

بالنسبة للعديد من الفاعلين، فإن النموذج المثالي سيشهد إشراك الجامعات في الكيان المستقبلي للهيئة الإدارية للملعب كي تثير اهتمامهم أكثر بخصوص استغلال الملعب، والانتقال من مرتبة "الزبون" إلى مرتبة "الشريك" كما أوضح لوكالة فرانس برس السيناتور إريك جونسانيطاس، مؤلف تقرير عن الموضوع في عام 2019.

وطالبت ألكسندرا بوتليي بأنه بات من الضروري أن يزداد الاهتمام في إقامة أكبر عدد ممكن من المباريات في "سطاد دو فرانس".

لكن المفاوضات تجري بهذا الشأن في وقت يتعين تجديد الملعب بالكامل بعد عام 2025، مع الحاجة إلى نحو 200 مليون اورو بحسب تقرير جونسانيطاس.

وقالت بوتلييه "يجب أن تقنعنا الأزمة بالتعاون والتعاضد وإعادة توفيق واجباتنا بدلا من معارضتها".

وتوجهت بوتلييه باسئلة إلى الكونسورتيوم قائلة "من الآن فصاعدا، هل يخطط الكونسورتيوم لمطالبة الدولة بتعويض جزء من الخسائر الناجمة عن الأزمة الصحية؟ من السابق لأوانه الإجابة على هذا السؤال".

وأضافت "ولكن إذا م نعنا من العمل لمدة 18 شهرا، فسيتعين على الجميع الجلوس حول الطاولة، لأنه لم يتخيل أحد هذا السيناريو. لن تكون برامجنا صحيحة، وسنضطر إلى ابتكار حل معا".

ويرى جونسانيطاس أنه "من هذه الأزمة يمكن أن يولد الإبداع من أجل عدم حصر الملعب في الأحداث الكبرى وجعله مكانا للحياة، داخله وخارجه".

واضاف أنه مع بناء مركز مائي جديد في الواجهة المقابلة للملعب وقرية الرياضيين بالقرب منه "ستكون الألعاب الأولمبية فرصة".