الهدافون الكبار لا يحتاجون لمساحات زمنية ولا لفرص مكررة، كي يقدموا أوراق اعتمادهم من لمسة أو من دقائق معدودة تكفيهم ليعلنوا عن معايير الجودة وغريزة التهديف التي تسكنهم بالفطرة. يوسف العرابي نموذج لهذه العينة، تناولناه على عهد رونار بتحاليل مستفيضة عددنا مزاياه وأرقامه وكشفنا سليقته التهديفية التي بخسها الثعلب الفرنسي حقها، بل ظلمها ظلما واضحا. ولما عالجنا رونار في أعمدة وتحاليل وأحيانا أسئلة مباشرة كان تجاهل العرابي وسر استبعاده محورها. كان المدرب الفرنسي باسم الحق الذي يراد به باطل والعذر الذي هو أقبح من الزلة، يتحجج بسياق البطولة التي كان يمارس فيها العرابي ووصفها بفمه المليان كما يقول المصريون بالبطولة البطيئة، التي لا يمكن الإستناد إليها كمرجع وقصده بطبيعة الحال البطولة القطرية التي توج فيها العرابي هدافا مرتين. علما أن رونار كان يستدعي بوصوفة العاطل وبدوره كان يلعب في الإمارات وعديد العناصر الأخرى المحترفة بنفس المدار الجغرافي. ولأني تتبعت فصول هذا الإستبعاد في حينه، فقد كان في مدينة فرانس فيل في أول مباراة تصفوية أمام الغابون برسم تصفيات المونديال والتي انتهت متعادلة بالأصفار٫ وقصة الإستبعاد لا علاقة لها بالجوانب التقنية، بل بتداعيات ما حدث في مقر إقامة الأسود في مراكش لما جرى تسريب مقطع فيديو لأحد اللاعبين وهو في يوم راحة يدخنون الشيشا، وتم اتهام العرابي كونه سبب التسريب، الأمر الذي أغضب العميد السابق منه. لذلك حين التحق بنعطية بالدحيل قرر العرابي مغادرته والعودة لأوروبا وحسنا فعل عبر بوابة العريقأولمبياكوس ولو مع تقديم تنازلات مالية. أمام السينغال، ومن ربع ساعة هدف واحد وفرصتان مهدرتان وتحركات أكدت أن يوسف العرابي الذي كان آخر من سجل في مرمى السينغال وديا بداكار قبل 8 أعوام، هداف غريزي وبالفطرة تسبب رونار بتعنته في حرماننا منه، وليعزز رصيده هدافا للمجموعة الحالية ب 16 هدفا متقدما على حكيم زياش الذي يملك 14 هدفا. كنا يومها قد تناولنا بشاعة اختيارات رونار وما استوت مع منطق، وكان دائما يتصدى بفيطو "الكارط بلانش "لمجابهتها، وما اقتنعنا يوما أن بوهدوز القادم من فريق مغمور بألمانيا بحصية شحيحة من الأهداف ولا بوطيب الذي سطع نجمه في سن متأخر وبميزان تهديفي جد متواضع هو الأخر ولا حتى عليوي أو بامو هم أفضل من العرابي. غادر العرابي قطر إذن وتعملق في اليونان كما فعلها في فرنسا رفقة نادي كان، وفي السعودية مع الهلال وفي الليغا مع غرناطة، ليثبت أنه هداف عابر للقارات هو الآخر، بل أرقامه تتقدم على أرقام عبد الرزاق حمد الله ولم يحظ للأسف بنفس هالة الإهتمام. 25 مباراة هي قوام وعدد المباريات التي تجاهل فيها رونار العربي بين 7 مباريات رسمية بين مونديال روسيا وأمم أفريقيا مصر وبقية المباريات الخاصة بالتصفيات والمواعيد الودية، ولو تواجد فيها العرابي لكان هذااللاعب يقف اليوم على أعتاب 70 مباراة دولية، ولأصبح وصيفا للهداف الأسطوري فراس ومتجاوزا بصير صاحب 25 هدفا ولكم أن تحسبوها؟؟؟