هذه المرة، لن يشفع لا الفوز ذهابا وإيابا على إفريقيا الوسطى، ولا الحصول على النقاط التسع من آخر ثلاث مباريات رسمية، ولا حتى التأهل بنسبة مائوية عالية جدا جدا لنهائيات "كان 2021" بوصول الفريق الوطني للنقطة العاشرة، للمدرب والناخب الوطني وحيد خاليلودزيتش، بأن يترك بعيدا عن سهام النقد وحتى الانتقاد من الذي شاهدناه على سبيل المثال لا الحصر أمس الثلاثاء، لأن ما صدمنا في مباراة دوالا أمام ظباء إفريقية وسطى هشة ونيئة، هو الدرك الذي انحدر إليه الأداء الجماعي، ولا وجود لأي دليل يبرئ وحيد خاليلودزيتش، من هذه الرداءة التكتيكية التي وقفنا عليها، برغم أن من فاز بالهدفين هو الفريق الوطني. ما شاهدناه هو "زيادة فالفهامة" التي تورط صاحبها بل ترمي به إلى التهلكة، لحسن الحظ أن من قابلناه منتخب لا حول له ولا قوة، منتخب يلعب في غياب كثير من قواه الضاربة. بالطبع نلوم وحيد لأنه تسبب لنفسه ولنا في اختناق تكتيكي وتقني، لأنه أتى بهلوسات كنا نظن أنه يقف بعيدا عنها أو أن له حصانة ضدها، وسأسرد لكم أربعا من هذه الهلوسات.. الهلوسة الأولى التي لازمت المباراتين معا، هي أن وحيد الذي اقتنع مع نفسه بعدم جاهزية حمزة منديل، سيجر المسكين سايس ليلعب في الرواق الأيسر، فلا نشاهد منه إلا الأداء الدفاعي على علاته، وكل متفطن، سيشعر كم كان الرجل مختنقا لا يتنفس إلا من رئة واحدة، والنتيجة أن الرواق الأيسر بات معطوبا بل ومعاقا.. الهلوسة الثانية أنه رأى في عصام شباك البديل الأفضل لنصير مزراوي وقبلهما لأشرف حكيمي الذي ستوصى خيالات مريضة بالسفر به إلى الجناح الأيسر. وقد وقف وحيد على سوء تقديره لمستويات لاعبيه، لأن عصام شباك كان في درجة تحت الصفر دفاعيا وهجوميا، والحال أن وحيد أصاب الرواقين معا بعاهة مستدامة، وكرة القدم العصرية تتنفس من هذين الرواقين. الهلوسة الثالثة، هي تشكيل مثلث الوسط باختلاف تموضعاته من سفيان أمرابط وأيمن برقوق وعادل تاعرابت، وإذا كان سفيان قد استحق علامة الجدارة الكاملة في تأدية الدورين معا، الإرتدادي والبنائي، وإذا كان برقوق قد لمع حينا وأفل أحيانا كثيرة، فإن عادل تاعرابت كان نقطة نشاز كبيرة في المباراة، لا شيء على الإطلاق فعله الرجل في تقمصه للدور الجديد، ولو خيرت بين تاعرابت الحالي ويونس بلهندة، لاخترت بعينين مغمضتين صانع ألعاب غلطة سراي التركي. الهلوسة الرابعة، هي أن وحيد خاليلودزيتش خيل له أنه جاءنا باكتشاف القرن، أن يعتبر أشرف حكيمي مهاجما أكثر منه مدافع، ولأن زياش بالطبيعة يميل إلى الجهة اليمنى التي تشكل قاعدة النيازك التي يطلقها، فإنه سيرمي بحكيمي للجهة اليسرى ضدا على طبيعته، والنتيجة أن حكيمي كان للأمانة خارج التغطية بالخصوص في مباراته هاته أمام إفريقيا الوسطى بدوالا، بل إن وجوده في الرواق الأيسر حرم من الظهور أجنحة مميزة لازمت كرسي الإحتياط. لست من الذين سبقولون أن ما يهمنا هو أن نفوز ونظفر بالنقاط ونتأهل، لأن مثل هذه المباريات التي كانت منها مباراة دوالا نموذجا، ستمثل مرجعا للرداءة والإنحطاط التكتيكي الذي يمكن أن ينزل إليهما الفريق الوطني، كلما زاد مدربه وحيد "فالفهامة اللي كتطلع الحيط عوج". اللهم إني قد بلغت.