الحوار مع السيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، هو سفر إن عرفت له بداية فأنت لا تعرف له نهاية، لأن محطات السفر كثيرة وغزيزة غزارة الينبوع الرياضي والفكري المتدفق منه.
"المنتخب" تدعوكم إلى سفر جديد لفكر الربان الأول لكرة القدم المغربية، اربطوا الأحزمة:

ــ المنتخب: كمدخل لتفكيك ما انتهى إليه الإجتماع الأخير للمكتب المديري مع رؤساء العصب الوطنية والجهوية من قرارات جريئة، سأتناول معك الوضعية المالية للأندية التي تخضع اليوم لرقابة من قبل لجنة تدبير مالية الأندية، في ظل وجود الجائحة، هل ما زالت الجامعة تقف على نفس الخط لدعم الأندية ومساعدتها على عقلنة تدبيرها المالي وتجاوز تداعيات الجائحة؟
فوزي لقجع: التدبير المؤسسي المحتكم للحكامة يفرض أن تزيد علاقة الجامعة بالأندية قوة ومتانة، فما أن الجامعة لا يمكن أن تعيش من دون أندية، فإن الأندية ستكون مشتتة من دون جامعة، لذلك هناك علاقة جدلية بين الإثنين، إذا تقوى الواحد منهما قوى الآخر وإذا وهن أحدهما أصاب الآخر بالحمى، لذلك كانت الأندية في صلب كل استراتيجية تشتغل عليها الجامعة ليس اليوم فقط ولكن منذ زمن بعيد.
تعرفون أن الجامعة اشتغلت منذ سنوات على التطوير المؤسساتي للأندية، والذي توج أخيرا بإحداث شركات رياضية، وهذه المسألة تقتضي منا كعائلة رياضية وكروية أن نقف عندها بكل مسؤولية وجدية، لأنها ستكون فاصلة في تحديد طبيعة الإنتقال الإحترافي ببلادنا، وكجامعة هيأنا كل الظروف لكي تفوض الأندية تدبيرها المالي لشركات رياضية أحدثتها بنفسها، وهذه الشركات الرياضية تخضع للقانون العام، هي شركات مجهولة الإسم خلقت بضوابط قانونية متعارف عليها تجاريا، ومنها التعريف الضريبي، بمعنى أن هذه الشركات مطالبة بعدد من الأمور التي لها ارتباط وثيق بحكامة التدبير، على رأسها عقد المجالس الإدارية، وتهيء الإفتحاصات المالية الأوتوماتيكية، وأن تنشئ أجهزة الرقابة والتدبير.
هذه حقيقة لا يمكن اليوم أن نتجاهلها وهي أن النادي عندما يخلق شركة رياضية، فإن كل متعلقات التسيير والتدبير للفريق الأول ولمركز التكوين وما إلى ذلك من المعاملات الإدارية والمالية التي أوردناها تصبح الشركة هي المسؤولة عنها أمام الجمعية الرياضية أمام الجامعة وبخاصة أجهزة المراقبة.
ما فعلته الجامعة أنها أخضعت التقارير المالية الخاصة بالموسم الكروي المنتهي، والتي توصلت بها من الأندية، لدراسة دقيقة صغنا من خلاله تقريرا مفصلا، وقد وجهنا لكل الأندية في القسمين الأول والثاني أظرفة مغلقة، يقول ما بداخلها كيف هي الوضعية المالية لكل فريق على حدة، وأحدثنا لجنة بها خبراء ماليين والأشخاص المانحين للرخص، وقلنا للأندية أنكم مع نهاية كل موسم، تتخلصون من لاعبين إما من المنتهية عقودهم أو من المنفصل عنهم، بمعنى أن لائحة الأجراء تتقلص عندكم، وإذا ما كان للنادي أجراء جدد (لاعبون يريد التعاقد معهم) أو مستشهر قادم أو مستشهر سينتهي عقده، فإنه يتحتم عليه التواصل مع هذه اللجنة التي تشتغل طوال أيام الأسبوع لتحيين هذه المعطيات، والتي على ضوئها وطبقا للقانون يجب أن تتوفر على 70 بالمائة من كثلة الأجور من الرصيد المالي الخالص، بمعنى أنه من غير المقبول تماما أن يصرف النادي 100 مليون سنويا وهو لا يحقق كعائدات سوى 70 مليونا، أي أن هناك عجزا يتراكم. 

ــ المنتخب: القصد هو ضبط التوازنات الإقتصادية؟
فوزي لقجع: ليس هذا فقط، ولكن الغاية القصوى هي إحداث منعرج مفصلي في الممارسة الكروية الذي سيقودنا إلى الوضع الطبيعي والبديهي وهو أن تعود الأندية على سابق عهدها بأن تكون أندية مكونة ولكي يحتكم السوق الكروية إلى قاعدة من اللاعبين التي تلغي الإحتكار والمزايدة وتمنع التضخيم المبالغ فيه في قيمة اللاعبين.
أعتقد أننا في إطار مسلسل منتظم الحلقات غايته تطوير المنتوج الكروي الوطني وإنجاح الرهان الإحترافي، قد يكون من باب بيع الوهم أن يفيق أحدنا ذات يوم ليعقد مقارنة بين البطولة المغربية وبين البوندسليغا، ولكن أن نتطور باستمرار فهذا أمر ضروري ومؤكد.
اليوم ومن دون مبالغة بطولتنا هي الأفضل إفريقيا، لسنا نحن من يقول ذلك ولكنها الأرقام الصادرة عن الفيفا، اليوم أيضا أنديتنا تتصدر المشهد الكروي الأفريقي، هذه حقيقة يؤكدها التواجد المنتظم لأنديتنا في المنافسات القارية بخاصة في السنوات الأخيرة، فأنديتنا إما أنها تحصد الألقاب أو تصل للمباراة النهائية، في النسخة الحالية لعصبة الأبطال وكأس الكاف كنا 4 من أصل 8، أي أن المغرب حظي بنصف التمثيلية والنصف الآخر تتقاسمه 53 دولة أفريقية، هذه أرقام ومؤشرات هي ما يعتمد في التصنيفات وفي التحليلات الموضوعية.

ــ المنتخب: إلى أي شيء ينتهي بنا كل هذا؟
فوزي لقجع: إلى اقتناع كامل من أن المسلسل يجب أن يتطور وأن يواصل طي المسافات، بالطبع هناك نواقص واختلالات يجب الإشتغال عليها في المرحلة القادمة بمعنى أنه يجب إحداث قطائع مع مجموعة من الأمور التي أحدثت جدلا، منها مثلا أن بعض الملاعب التي تجرى عليها المباريات ليست بوضعية الجيدة، والإخوة رؤساء الأندية تفهموا الأمر، وقالوا بأننا في وضعية لا تسمج بحضور الجماهير وبالتالي الفرصة مواتية لمباشرة الترميمات في بعض الملاعب لكي تكون محينة مع عودة الجماهير ولكي تليق ببطولة هي الأفضل اليوم إفريقيا.
ما يتعلق بالبرمجة، أتصور أننا قطعنا شوطا بعيدا في تحديثها وتجويدها، اليوم نعرف لبطولة الموسم القادم بداية ونهاية ونعرف لكأس العرش تواريخ، وهذا احتجنا فيه إلى خبرة دولية بالتعاقد مع شركة هي التي تعمل على جدولة بطولات عالمية كالليغا والبرميرليغ، الهدف هو ضمان برمجة متوازنة ومنتظمة ويتحقق بها تكافؤ الفرص، ولعلكم أطلعتم على هذا الجديد من خلال عملية سحب قرعة البطولة ومنافسات كأس العرش التي أجريت مساء الأحد بمركز محمد السادس لكرة القدم. 
في الشق المالي قلنا للأندية التي تستجيب للمعايير المتضمنة في دفتر التحملات المالي، إذا كنت ترغبين في إنجاز انتدابات في حدود ما تسمح به إمكانياتك المالية تفضلي، وأنا من مصلحتي أن تذهب هذه الأندية لجلب لاعبين وازنين ولو بقيم مالية مرتفعة، إذا ما كان سيكون لتلك الإنتدابات قيمة إضافية للبطولة، أما الذين لا يملكون الإمكانيات المالية لكي يقوموا بالإنتدابات فنقول لهم اكتفوا بما عندكم.
على المستوى التقني، أكدت لنا الكثير من الوقائع أن هناك مدربين ينفصلون عن أندية، ويتسللون لأخرى بغطاء مدير رياضي يصبح بعد ذلك مدربا مقنعا، هذا نوع من التحايل أوقفناه لما فيه مصلحة الكرة والمؤطرين أنفسهم.