بنفس الجذور الألبانية والروح القتالية والتقنية، يحمل النجمان غرانيت تشاكا وجيردان شاكيري الأربعاء أمام إيطاليا في الجولة الثانية من دور المجموعات لنهائيات كأس أوروبا في كرة القدم، آمال سويسرا متعددة الثقافات والمصممة على الذهاب بعيدا في المسابقات الكبرى.

قال تشاكا بشجاعة قبل انطلاق نهائيات كأس أوروبا "نريد أن نصنع التاريخ وأعتقد أنها اللحظة المناسبة"، مؤكدا طموح الـ"ناتي"، وهو لقب المنتخب السويسري، في بلوغ ثمن النهائي، سقفه خلال النسختين الأخيرتين من نهائيات كأس العالم 2014 و2018 والنسخة الأخيرة لكأس أوروبا 2016.

أهدرت سويسرا فوزا في المتناول السبت لتدشين مشاركتها الخامسة في العرس القاري، بثلاث نقاط وسقطت في فخ التعادل أمام ويلز 1-1، لتضع نفسها في وضع صعب حيث يتعين عليها مقاومة إيطاليا الرائعة على أرضها الأربعاء، ثم الفوز على تركيا الأحد لضمان تخطيها الدور الأول للمرة الثانية في تاريخها بعد الأولى في النسخة الأخيرة عندما خرجت من ثمن النهائي.

ويعتمد المدرب فلاديمير بتكوفيتش في هذا الأمر على رجلين أساسيين في التشكيلة السويسرية لمدة عشر سنوات، مر كلاهما من فريق بال، البطولة الألمانية قبل أن يحطا الرحال في البطولة الإنكليزية الممتازة، لكنها مختلفين كليا على أرضية الملعب.

يلعب تشاكا، العميد السابق لأرسنال الإنكليزي والذي يرتدي شارة القيادة في منتخب بلاده، دور الرابط بين خطي الدفاع والهجوم بفضل طوله الفارع (1,85 م). في سن الثامنة والعشرين، يتألق بدقة تمريراته من الجهة اليسرى وقوة تسديداته البعيدة أكثر من تغطيته الدفاعية.

في المقابل، يحب شاكيري (29 عاما) صاحب البنية الجسدية الشبيهة برباع (1,69 م)، إزعاج خطوط الدفاع بمرواغاته في الجهة اليمنى. قادر على تسجيل أهداف رائعة على غرار تسديدته الأكروباتية في مرمى بولندا في ثمن نهائي كأس أوروبا 2016.


حتى قبل أن تتقاطع مسيرتهما الرياضية، فإن قصتهما الشخصية تقربهما مع ا كرمزين لسويسرا أعيد تشكيلها من خلال الهجرة السياسية والاقتصادية والتي تضم ربع الأجانب على أراضيها.

إذا كان تشاكا ولد في بال، فإن والده "كان فخرا لكوسوفو"، وأجبر على الفرار من يوغوسلافيا السابقة في عام 1990 بعد أن أمضى ثلاث سنوات ونصف السنة خلف القضبان بسبب مشاركته في تظاهره ضد السلطة الشيوعية، كما قال لاعب وسط أرسنال في عام 2017 لصحيفة الغارديان.

وأضاف "كانت الأشهر الأولى في السجن على ما يرام. ولكن بعد ذلك بدأت الضربات"، موضحا أنه "كبر مع القوة الذهنية" لوالده كنموذج يحتذى به - تماما مثل شقيقه الأكبر تاولانت، لاعب خط وسط نادي بال ومنتخب ألبانيا.

من جهته، ولد شاكيري في كوسوفو الحالية، قبل عام من توجه والديه إلى بال، حيث قاما بغسيل الأواني في المطاعم والعمل في ورشات البناء والتنظيف للتعويض عن جهلهم بالسويسرية الألمانية وإرسال الأموال إلى البلاد التي ضربتها الحرب قريبا.

واعترف شاكيري في عام 2018 لموقع "ذا بلايرز تريبيون" قائلا: "في المنزل القديم والقديم، مع عدم وجود تدفئة أخرى غير المدفأة، فإن الصغير جيردان كان يركض مثل المجنون حتى لا يصاب بالبرد الشديد وتلقى في سن السابعة نسخة أصلية بثمن معقول لقميص رونالدو البرازيلي".

وأضاف: "كنت المهاجر الوحيد في مدرستي، ولا أعتقد أن الأطفال السويسريين فهموا سبب هوسي بكرة القدم. في سويسرا، كرة القدم مجرد رياضة، وليست حيوية كما هو الحال في البلدان الأخرى".

لعبا معا في صفوف بال، وبزغ نجمهما في القارة العجوز بالكاد بعد فترة المراهقة، وذلك عندما تأهل النادي السويسري في كانون الأول/دجمبر 2011 إلى ثمن نهائي مسابقة عصبة أبطال أوروبا على حساب مانشستر يونايتد الإنكليزي.

في الصيف التالي، انتقل تشاكا إلى صفوف بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني حيث عانى في البداية من مشاكل في التأقلم قبل أن يمنح شارة القائد، قبل أن يفرض نفسه في صفوف أرسنال منذ عام 2016 على الرغم من انتقادات جماهير المدفعجية بسبب فقدانه لأعصابه وللكرة.

في المقابل، شهد شاكيري الذي لعب في فترة من مسيرته الكروية مع بايرن ميونيخ الألماني صعود ا أقل توهجا: فقد بدأ بضجة كبيرة في النادي البافاري قبل أن يجد نفسه على مقعد البدلاء، وقضى نصف موسم في إنتر ميلانو الإيطالي، قبل أن يولد من جديد في سطوك سيتي الإنكليزي الذي كان بوابته إلى ليفربول في العام 2018 في دور الجوكر.

أثار النجمان جدلا واسعا في مونديال 2018 في روسيا عندما قلبا تأخر سويسرا أمام صربيا في الدور الأول إلى فوز 2-1 في الثواني الأخيرة بهدف لشاكيري توجه بعده نحو المشجعين الصرب، ووضع يديه على صدره بشكل معاكس، راسما شارة "النسر المزدوج" الأسود اللون، رمز ألبانيا والذي يتوسط علمها الأحمر. سبقه الى ذلك مسجل الهدف الأول، تشاكا.

قلل الاتحاد الدولي من الحادث على الرغم من غضب بلغراد، واكتفى بفرض غرامة بسيطة، لكن سويسرا شككت بعد ذلك في ولاء لاعبيها ذوي الجنسيات المزدوجة والذين أصبحوا أغلبية داخل الـ"ناتي".

بعد ثلاث سنوات، أصبح الثقل على أكتافهم رياضيا فقط: كتبت صحيفة "لوتون" مؤخر ا أن "ناتي"، بعد عقد من التطور والآمال المخيبة، يحلم بربع نهائي الأول في المسابقة القارية لبدء "سنواته المجنونة".