ها هو موعد الإمتحان الأولمبي قد حان، ولا مؤشرات نملكها وعليها نتأسس لنضع سقفا لطموحاتنا، حتى لو كان بين القوم ممن يشككون في أن الرياضة المغربية ستظفر ولو بنحاسية، كما كان الحال في آخر دورتين أولمبيتين بلندن 2012 وريو دي جانيرو 2016.
لا أحد داخل اللجنة الأولمبية الوطنية، بمن في ذلك مديرها التقني، خرج علينا بخطاب الأمل والتوقع المحتكم للأرقام ليقول لنا ما هي حظوظنا في التتويج من عدمه، ولا جامعة من الجامعات التي انتزعت تأهلا واحدا أو أكثر لرياضييها في الأولمبياد، تفضلت علينا بتصريح للنوايا أو حتى برسم مرتعش للأحلام، وقد كان هذا حال الرياضة الوطنية منذ أمد بعيد، تحديدا منذ أن جف الضرع ونضب معين الإبداع وما عادت الطبيعة تجود علينا بنظير لسعيد عويطة ونوال المتوكل وهشام الكروج، وبين الثلاثة أبطال آخرون ممن تشبعوا بروح البطولية، فتركوا أسماءهم تلمع كالذهب في ذاكرة الألعاب الأولمبية.
مؤسف حقيقة أن نجتر في كل مرة يحل فيها موعد الإمتحان الأولمبي، سؤال الحظوظ في الصعود لمنصة التتويج، ولا أحد بيننا من يعرف لذلك جوابا، ليس لأن أولمبياد طوكيو يمثل في تاريخ الألعاب الرياضية الأكثر كونية، حالة مستثناة بحكم ما ترسله جائحة كورونا من أدخنة سوداء تلوث الفضاء الإحتفالي، وليس لأن عموم الرياضيين حول العالم، وهم يهيئون للموعد الأولمبي المرحل عن تاريخه الأصلي، واجهوا ظروفا عصيبة بل ومحبطة عند التحضير للحدث المنتظر، ولكن لأن رياضتنا لم تنتظم أبدا في استراتيجيات إعداد وتحضير وتأطير قوامها الزمني الدورة الأولمبية، لطالما أن البطل الأولمبي يقدم ثمان سنوات قبل موعد الأولمبياد تباشير النجاح، ولطالما أن الإعداد العلمي للمنافسة على البوديوم الأولمبي، يمر بشكل براغماتي من حقب زمنية مدروسة، إلى أن يصل للمستوى العالي في التحضير، وهذا المستوى العالي لا يقف عند نقطة معينة، بل إنه ينحو منحى تصاعديا من دورة أولمبية لأخرى، بحكم ما تعيشه رياضة المستوى العالي من تغيرات كبيرة في جغرافيا الإبداع.
من يا تراه إذا يحمل بين الرياضيين المغاربة الذين نالوا شرف التواجد في أولمبياد طوكيو، الأمل في الحصول على ميدالية أولمبية؟
لربما يكون العداء سفيان البقالي الذي أكدت كل خرجاته الأخيرة في سباقات الغولدن ليغ، جاهزيته الكاملة لكسر الإكتساح الكيني لسباقات 3000 متر موانع، هو الأمل الكبير في استعادة ألعاب القوى الوطنية صاحبة الغلة الأكبر من الميداليات في تاريخ الأولمبياد، لتتويج الأولمبي الذي ضاع منها في دورة ريو دي جانيرو، ولربما تكون العداءة رباب عرافي وقد بلغت من النضج مرحلة كبيرة، مرشحة للسير على منوال نوال المتوكل ونزهة بيدوان وحسناء بنحسي؟ ولربما يكون الملاكم محمد حموت الأكثر بين حاملي القفازات قدرة على مواصلة الفن النبيل صعوده للبوديوم بعد محمد ربيعي؟ ولربما تكون ندى لعرج هي الأقرب للصعود بالتيكواندو المغربي لأول مرة لأعلى مراتب التتويج، بعد أن عاكست الظروف ومستويات التحضير أحلام عدد من الأبطال الذين مروا على الأولمبياد ولم يتركوا أي صدى.
وإذا ما كانت المعطيات الرقمية الحالية لرياضيينا تجزم بأن الطريق إلى الميداليات بكل ألوانها عسير وشائك، بل وتخبرنا بأن الرياضة المغربية مرشحة للحصول على تنقيط متدني في الإختبار الأولمبي..
إذا ما عادت الرياضة المغربية لا قدر الله خالية الوفاض، لا تلوي على أي ميدالية، فأبدا لن ننزعج ولا نبتئس، لأن ذلك في واقع الأمر تحصيل لحاصل بئيس، قوامه الإستخفاف بشروط النجاح وعدم الأخذ بالمعايير العلمية لتحضير أبطال رياضيين مؤهلين نفسيا وذهنيا وفنيا ليكونوا بين المتوجين، وإهدار للمال العام من قبل رؤساء جامعات أكد أكثرهم عدم تطابقه مع متطلبات الرياضة الحديثة، ومع ذلك لا أحد منهم استحى على نفسه وابتعد عن المشهد.
عيد أضحى مبارك عليكم.