ما أكثر ما قرأت واستمعت إليه، من استباقات وتخيلات لحدث الإجتماع الأول للمكتب التنفيذي الجديد للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، الذي جرى تسريب خبر عقده بالعاصمة الرباط، من كواليس الجمعية العمومية التي انتخبت القيادات الجديدة للمؤسسة الوصية على كرة القدم الإفريقية، قبل أن يشهر الكاف رسميا عقده بأكرا عاصمة غانا.
من اجتهد ونال أجر الإجتهاد فقط، لأنه رأى في تهريب هذا الإجتماع من الرباط، برغم أن لاشيء صدر رسميا بهذا الخصوص، مدعاة للجزم بأن باتريس موتسيبي تعهد للعضو الجزائري الجديد وليد صادي بموقع إستراتيجي في تشكيلة المكتب التنفيذي يتجاوز العضوية بتعريفها الصغير والمحجم، ومن اجتهد أيضا في قراءة نوايا العراب الجديد القديم للكاف الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، فسرحت بنا الخيالات لجزر بعيدة.
كان الأهم في هذا الإجتماع الأول والمفصلي، غير تحديد خارطة الطريق الجديدة، التي سيسلكها موتسيبي وأعضاء اللجنة التنفيذية والقائمون على اللجان المعاونة، لإقرار حكامة جديدة تتغيأ نقل الكاف ومعها كرة القدم الإفريقية إلى مستويات متقدمة في تدبير المؤسسة، وتسريع العمل في الأوراش المهيكلة، هو تسمية باتريس لنوابه الخمسة، وقد اختار أن يمأسس وظائفهم بأن تسند لكل منهم بحسب التراتبية ملفات كبرى لها تأثير مباشر على منظومة الإشتغال، والنية معقودة من موتسيبي على أن تكون ولايته الثانية أفضل بكثير من الأولى، في تلميع المسابقات ورفع العائدات وضبط مؤشر الحكامة على الإرتفاع والجودة.
ولأن موتسيبي أدرك أولا قيمة من سيختارهم للإنابة، وأدرك ثانيا أهمية خلق التوازنات بين المناطق اللغوية والجغرافية لقارة هو المسؤول الأول عن كرتها، ووقف ثالثا على ضرورة الأخذ بما أفرزه انتخاب الأعضاء الأفارقة الستة في مجلس الفيفا، وكان زعيمهم بلغة الإجماع والأرقام فوزي لقجع، فإنه انفرد بنفسه، فقلب الأمور من كافة أوجهها، فقرر أن يعين نوابه الخمسة بمعيار التقطيع الجغرافي واللغوي، ويكرس عنصر الخبرة والقيمة المضافة والقدرة على تحمل أكبر المسؤوليات في اعتماد تراتبية النواب، فما وجد بين كل أعضاء مكتبه التنفيذي ليكون نائبه الأول أفضل من السيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والحال أن من توهموا أن وليد صادي سيشغل من أول ولاية له كعضو داخل تنفيذية الكاف، نسوا أن يقيموا بمنطق المنفعة والأهلية والرسوخية أن الرجل قد يأتي متذيلا لترتيب أعضاء منطقة شمال إفريقيا الخمسة داخل تنفيذية الكاف، ليس من باب التنقيص، ولكن من باب المرجعية وقوة التأثير.
طبعا، ما كان من خيار أمام باتريس موتسيبي وهو يباشر ولايته الثانية على رأس الكاف، برهان تجويد الأداء وتسريع وثيرة العمل بأوراش الحكامة وإعادة الهيكلة، سوى أن يفتت كرة الثلج التي تشكلت ذات حين، فباعدت بينه وبين فوزي لقجع، نتيجة قبوله بالعمل تحت تأثير التجاذبات السياسية، وأن بجسد فعلا لا قولا، ما يقوله بشكل واقعي لا محاباة فيه، من أن المغرب رائد إفريقيا ليس فقط بنتائج منتخباته، ولكن أيضا بما يقدمه عينيا للقارة الإفريقية.
ما كان موتسيبي وهي يحدد مقاربة تعيين نوابه ويعمل على ترتيبهم، إلا أن يذعن في تسميته فوزي لقجع نائبا أول للرئيس، لمنطق مقاربة المنفعة والقيمة المضافة والكفاءة، فالرجل تحمل مسؤولية تخليص مالية الكونفدرالية من وزر المديونية ونجح لأبعد الحدود في تجويدها، إلى أن تحقق للكاف الأمن المالي، والرجل ممثلا للمغرب، بادر لصد كثير من الأزمات التنظيمية، وبلادنا تستقبل العشرات من مباريات المنتخبات الإفريقية المهجرة من ميادينها، والرجل فتح كل منشآت المغرب بتوجيهات ملكية سامية ليحتضن كرة القدم الإفريقية وهي تبني مستقبلها، بعيدا عن الهرطقات والتسكع الكلامي.
فأين لموتسيبي نائب أول أفضل وأكفأ وأنجع من فوزي لقجع؟