• التدوير والعلامة الكاملة برؤية شاملة
بعد أن اطمأن على العبور والتأهل المبكرين لدور الملحق، وبعد أن تجاوز هواجس القلق والشك المحيطة حاليا بأغلب المنتخبات في باقي المجموعات وهم يرتهون للعبة الحسابات الضيقة، أسود وحيد على موعد مع نزالين شكليين في الصورة عميقين في مضمون الأهداف والمقاصد والغايات.
فقبل أن يختتم المشوار في دوره هذا بملاقاة أفيال السيلي، سيكون لزاما إكمال نفس النسق ونفس السيرورة بالإطاحة بصقور الجديان المستضيف لنا في الرباط وليس أم درمان، تعزيزا لإغراء العلامة الكاملة وتحسينا للتموقع الدولي في ترتيب الفيفا وربحا لقبعة ثالثة في قرعة المونديال لو كتب الله لهذا المنتخب تأهلا.
• الجديان في غير أم درمان
لما لاحت القرعة وقد رمت بهذا المنتخب العربي المشاكس في طريق الأسود، تحدث وحيدفي استباق لما سيكون عليه الوضع عن صعوبة المباراة، وقال أن اللعب في قواعد الصقور سواء في الخرطوم أو أم درمان غالبا ما يكون محمولا على كثير من التعقيدات، مستحضرا ضرورة حسم الأمور مبكرا لتفادي مفاجآت هذه الرحلة الشاقة.
ما اعتقد وحيد ونحن معه ولا كل من المراهنين، أن تأتي الجولة الخامسة والمنتخب المغربي مؤهل، وفي غير حاجة لنقاط هذه المباراة، وثانيا سيستضيف منافسه بالرباط وليس في السودان، وثالثا أن يأتي المنتخب السوداني الشقيق لينازلنا وهو مرهق ذهنيا بسبب ما يعيشه هذا البلد الأبي من أوضاع أثرت على لاعبيه بحسب مدربه ورئيس اتحاده، لذلك هي مباراة يظهر فيها المنتخب السوداني في صورة المضيف لكن في الواقع هي استضافة على أرض الضيوف؟
• فلاش باك
حسم المنتخب المغربي أموره ذهابا بهدفين، فكان ذلك إيذانا بقص شريط التصفيات بنجاح، ولو أنه بالعودة لتداعيات ما حدث يومها بالعناوين والتحاليل، فقد كان هناك شبه إجماع على رداءة المنتوج الذي قدمه الفريق الوطني يومها.
انطلاقة بنصر، وزاد النقاط الثلاث لم يكن ليحجب قلقا مشروعا لاح وتهادى بسب ضبابية الصورة ورعونة ما أنتجته المنظومة التكتيكية للمدرب، والتي خرج ليدافع عنها باستماتة ويقول أن ما همه ويهمه هو الإنتصار لا الطريقة التي وعد بأنها ستتحسن في القادم من المحطات.
ونحن نعود بالذاكرة لتلك المباراة، نستحضر صمود السودانيين وصلابتهم في التعاطي مع الفريق الوطني تكتيكيا وبدنيا لدرجة أن النزال رافقته التحامات عنيفة تسببت في مضاعفة حدة التوتر وتوقفات وتدخلات حازمة من الحكم لفض الإشتباكات التي كانت عنوانا واحدا لحقيقة تقول، أن الصقور عازمون ومصممون على الذهاب بعيدا في هذا المشوار.
• إنقلاب في انقلاب
سافر الفريق الوطني مثقلا بجبال من الشكوك في الجولة الثانية لملاقاة غينيا العنيدة، واستضافت السودان غينيا بيساو التي قدمتها الترشيحات كحلقة أضعف داخل المجموعة.
ما حدث كان فريدا في صناعة الأحداث وغريبا في تلوينها بفصول خارجة عن صنف أشرس وأشد التوقعات سباحة في الخيال، ألغيت مباراة غينيا والمغرب بسبب الإنقلاب الشهير وانقلبت غينيا بيساو على السودان برباعية مدوية، فتبعثرت حسابات الصقور وتعرضوا لقصف إعلامي عنيف، سيتضاعف شكله في الجولات اللاحقة بعد نزيف نقاط أفقدهم كل حظ ممكن لهم في التأهل ومنازعة الفريق الوطني بطاقة الريادة عن مجموعته.
بعدها بأشهر سيحدث انقلاب في السودان أو مقدمات لاندلاعه، وبطبيعة الحال كان لهذا تأثير بالغ على الصقور الذين يحلون اليوم لملاقاة الفريق الوطني وقد ودعوا حلمهم الإعجازي باكرا.
• ماء الوجه والكبرياء
قبل أن نعالج هدف الفريق الوطني من هذه المباراة، نبدأ بالسودان التي تتذيل الترتيب عكس الترشيحات التي سبقت التصفيات بنقطتين، هما نتاج تعادلين وهزيمتين.
ب 5 أهداف و9 أخرى في الشباك مصنفا كواحد من أضعف خطوط الدفاع في التصفيات، سيرفع صقور الجديان وقد كان اتحادهم الكروي هو من أصر على إكمال مشواره بالمغرب، شعار التحدي الكبير ليبرقوا لجماهير الصقور في الخرطوم من العاصمة الرباط، رسالة أمل وتفاؤل كبيرة بشأن حظوظ هذا المنتخب في "الكان" الكامروني.
يدرك السودانيون أنهم أمام مهمة تبدو شبه مستحيلة وهم يتأهبون ب"الغرينطا" والطموح لكبح جماح الفريق الوطني على ملعبه الذي اندحر فيه المنافسون كلهم.
يأملون أن ينقذوا ماء الوجه ولو بنقطة تمثل استثناء طالما عجز عن نيلها منتخبا غينيا أمام رجال وحيد، لذلك النقطة عز طلب الصقور، والإنتصار سيحملهم لصدارة مانشيطات الدورة لا محالة.
• علامة كاملة برؤية شاملة
الإنتصار الخامس في اللقاء الخامس والنقطة 15 والصف 27، هذه هي أهداف وحيد البراغماتي وهو يستدعى الفيلق كاملا رغم حسم التأهل مبكرا.
لن يزايد وحيد ولن يتساهل مع لاعبيه ومؤكد أنه سيلعب بالأرمادة الأساسية التي أسعدته في معارك أكتوبر الكروية وحملته لصدارة وتأهل مبكرين وولوجا سلسا لنادي 30 بترتيب الفيفا.
صحيح أنه لن يكون صارما للحد الذي سيقمع فيه رغبة عدد من لاعبيه الذين لازموا كرسي الإحتياط في المعسكرات والمباريات السابقة، لكنه أيضا لن يكون متطرفا في الإنفتاح على التدوير الكامل.
قد يجازف بالزنيتي أو التكناوتي مثلا لكن في خط الدفاع وقد أرسى قواعده المتينة، فمن المستحيل توقع أن يغيب حكيمي وماسينا مع نايف وسايس في هذه المنطقة، لذلك ما هو متوقع كتغيير مثلا هو في مساحات الوسط والهجوم، كأن يمنح الفرصة للاعب مالح القادم من الكالشيو ويتفادى قصة تهميشه الأولى، ثم أن يدفع ببنشرقي على الأطراف جناحا وقد دافع على بقائه كي لا يغادر مع منتخب الرديف مثل رحيمي، وقال أنه يحتاجه مثلما قد يناور بورقة أبوخلال أيضا.
لكن مخطئ من يتوقع من مدرب تقليدي مثل وحيد أن يغير فريقه المثالي الذي أسعده بشكل راديكالي كامل، فقد يفعل ذلك أمام منتخب السيلي وليس أمام صقور الجديان، كل ذلك تثبيتا للصدارة وربحا لمزيد من جرعات الأمان والإطمئنان.