مباراة الغابون، محطة أخيرة مقروءة بنوايا الماضي ورد الدين للأسود عندما خسروا معركة 2012 بالغابون وغادروا النهائيات. والفهود ينظرون الى محطة التأهل بأقل النوايا وهي التعادل المفضي للمركز الثاني، ولكن في الكرة، ليس هناك أمان للحلم.

غلة غابونية في الانتظار 
وقبل الحديث عن الأسود بتداعيات اللحظة الأخيرة من مباراة الجولة الثالثة والأخيرة من دور مجموعات كأس إفريقيا بالكامرون، لابد أن نبدأ بالحديث عن المنتخب الغابوني الذي أحدث قفزة نوعية في مراحل هذه الكأس، بالحصول على 4 نقاط من مباراتين من دون حضور نجميه الكبيرين أوباميانغ ولامينا، بالفوز على جزر القمر والتعادل أمام غانا، يعني أن الفهود تسير في الاتجاه الأفضل على الرغم من المشاكل المادية التي أعاقت سياقات تحضيرات الفهود، وبرغم تعاقب الغيابات بفعل الإصابة بفيروس كورونا، إلا أن ما أعطى للفهود هذه الحلاوة المبدئية للنتائج، هي الروح الجماعية وارادة الفوز واللاخسارة حتى ولو كان الخصم من عيار ثقيل. وبالطبع ما فعله الغابون أمام غانا برغم تحجيم صورة الخط الأمامي في غياب نجمه أوباميانغ، أعطى الصورة أن خط الهجوم يملك دنيس بوانغا وبوبيندزا وحتى افيلناه موقع هدف التعادل كمهاجم أيسر، وهي معطيات بشرية غاية في الأهمية والخطورة الهجومية، وهي ما قدمت الرسائل أمام غانا ذات الدفاع الهش، ولذلك فما فعله الغابون بدنيا وحضوريا واستراتيجيا أمام غانا، يؤكد أن الفهود تملك الروح الجماعية واستراتيجية هجومية بالنظر لما قدمته أمام غانا من فرص كبيرة وكغلة يراد معالجتها عن قرب.
أسود اللحظة 
حتى اللحظة، يوجد أسود الأطلس في طريق تثبيت دور زعامة المجموعة، لكون التعادل يضمن حسابيا الصدارة أمام الغابون، ولكن ما يمنع الدخول في الحسابات والقراءات القادمة حول ملاقاة أي المنتخبات التي سنلعب أمامها في دور الثمن، هو السقوط أمام الغابون بخسارة ستضعه حتما في المركز الثاني لمواجهة الكامرون، ولكن ما يفيدنا أصلا هو احتلال المركز الأول دون التفكير في أي كان، والحكمة أن أسود اللحظة هم أقوى المنتخبات على مستوى الخط التصاعدي رقما في النقاط، والاكثر حضورا على مستوى الهجوم بإضاعة الفرص، ولكن ما هو ثابت أن الفريق الوطني يملك إرادة الفوز والسيطرة على كل الأوضاع، وروح المبادرة في كل الأركان حتى ولو أضاع سيلا من الفرص الممنوع ضياعها في هذه المنافسات العملاقة، ولكن ما هو واضح أن الأسود تجني ثمار التسلق التدريجي نحو النتائج الجيدة وليس التفكير في ما بعد هذه الدور. 
ما بعد الفوز 
ما أظهره الناخب الوطني في مباراته الثانية، أراحنا نفسيا للتوليفة التي قدمت روحا كبيرة في خط الوسط استرجاعا وبناءا خلاقا، لدرجة أن الوسط هو من سجل بداية بشخصية سليم أملاح، وما أراحنا أيضا هو التدفق الهجومي الذي كان رواق حكيمي منطلقه والأطراف الأخرى دون رواق ماسينا، مثلما هيأت البشائر الجميلة لطارق تيسودالي حتى ولو تمنعت عليه بعض الفرص التي هيأها للكعبي من دون أن يكون أنانيا، ولكنه خلق هدافا وكان عليه أن يقنبل في حالات الرصد دون أن يمهد للكعبي فرص التسجيل، ومع ذلك، هو ربح جيد للفريق الوطني، وعموما فما ضاع لابد أن يتكرر مجددا بالفعالية والحسم والتركيز، صحيح أن الحظ أساء إلينا نوعا ما، ولكن عدم التركيز من الكعبي والنصيري وبوفال وأملاح وتيسودالي سيعاد تجديده، ولا يعقل أن يهدر لاحقا مثل هذه النوعية من الفرص المتاحة لكون أي مباراة لن تعاد كحلم، بل ستنتهي من نتيجتها، والفريق الوطني عليه أن يدرك أن لا مجال لارتكاب الأخطاء والتسرع والأنانية، ولذلك نقرأ هذه التفاصيل لما بعد الفوز على أنه تأهل رائع، لكن بتصحيح ما يهدر في اللحظات الحاسمة، وأعتقد أن هذه المباراة، نجح فيها الناخب من كل الزوايا الإختيارية والتبديلية والإيقاعية من البداية إلى النهاية دون أن يتعب الفريق الوطني، وهذه نقطة تحسب له كرجل تقني يظل ثاني أفضل منتخب بعد الكامرون.
مايي وبرقوق وآخرون
يظهر أن الفريق الوطني في نزاله القادم أمام الغابون، لن يعزله من الأحداث التي ترسخ منه بطلا للمجموعة، بل سيمنحه إشارة الفريق الذي يقاوم ويضغط ويدافع حفاظا على نظافة شباكه وعلى مأمورية خط هجومه، صحيح أن من لم يلعب من الرسميين هما ريان مايي وأيمن برقوق، وهما معا يؤثثان أدوار الفريق الوطني، بمن فيهم إلياس الشاعر، وبعودة هؤلاء أيضا، ستنقلب أوضاع الإختيارات وسيرى وحيد خليلودزيتش أن شفاء ريان مايي سيعطيه فرصة لقلب موازين الخط الهجومي ليكون أفضل مما كان عليه نجاعة وفعالية منقوصة، وربما قد تنقلب أوراق الوسط والهجوم معا، لنشاهد مثلثا من أمرابط وبرقوق وأملاح وربما الشاعر أو أوناحي، مثلما سنرى انقلابا في الخطة بتواجد مهاجمين ثابتين ليلعب الفريق الوطني بأربعة، أربعة واثنين، ولذلك يبدو نجاح الناخب الوطني وحيد دائما في تأطير الفريق الوطني بما يراه ملائما للساعة والحدث والفورما والجاهزية، وعندما يعود هؤلاء جميعا، ستكبر صورة الفريق الوطني بلا شك،  وأنا متأكد من ذلك، لأن الفريق الوطني به اليوم روح مجموعة بدون نجوم.
لنفز بلا رواسب 
فعلا، لنفز بلا رواسب الماضي، لكون الغابون فازت علينا في كأس إفريقيا 2012بثلاثة لاثنتين، وأخرجتنا من سباق الدور الأول، واليوم، تحاك النوايا من جديد بطعم تأهل موضوع في الجيب، ولكن بإرادة رد الدين التاريخي، صحيح أن فهود الغابون تتجهز للتعادل أو الفوز على الأسود، ولكن ما يهم الاسود هو تحقيق الفوز ليس للنفخ فيه، كما أريد له دائما في تصدر المجموعة بلا خطإ وبعدها يقصى، ولكن لصرامة الفريق الموحد والمتضامن من أجل صناعة التفوق على أي كان، والغابون هي محطة أخيرة لبداية قصول قادمة، وعلى الفريق الوطني أن يدرك هذه السمة التي يراها الناخب درسا له أيضا لكونه يعرف مسارات الفريق الوطني المتوقفة على دور أول وكفى، لذلك  يعتبر الفوز على الغابون ضرورة مقيدة بقراءة الخصم ومخططاته وما يمكنه أن يفعله باتريس نوفو الذي يعرف عنه، أن له خلفيات ماضية مع المغرب ومن هنا وجب ردعه.
• البرنامج
ــ الثلاثاء 18 يناير 2022
نهائيات كأس أمم افريقيا ـ الكامرون 2022
الجولة 3
بملعب أحمدو أهيدجو: س20 : المغرب ـ الغابون