قلت مرة أن وحيد خليلودزيتش يبالغ أحيانا في قراءة المنافس، إلى الدرجة التي تصرفه عن حقيقة فريقه، بل وتصل به لدرجة إيذاء لاعبيه، وقد شاهدنا صورة من ذلك في مباراة يوم الثلاثاء أمام فهود الغابون، حيث اختلطت الأشياء على وحيد، ما بين حاجته إلى التدوير، وما بين يقينه من أن فهود الغابون تتمنى التأهل متصدرة للمجموعة، وخيار الفوز يمنحها ذلك على الرغم مما تشتكيه صفوفها من غيابات، وما بين حاجته هو الماسة لتحقيق التأهل متصدرا للمجموعة..
اختلطت الأشياء على وحيد لدرجة أنه أدخلنا إلى متاهة مرهقة ودوامة قلق، لم نكن بحاجة إليها، بل إنه لغاية الأسف سيصيب لاعبيه بأذى نفسي كبير، كما أنه سيلحق من دون أن يقصد طبعا ضرارا كبيرا بمنظومته الدفاعية، ولنعد إلى الأرقام والإحصائيات، لنعرف منذ متى لم يستقبل مرمى الفريق الوطني هدفين، أو بالأحرى منذ متى لم يتعرض لغارات هجومية كما كان الحال في مباراة الغابون.
تأذى اللاعبون وتأذت منظومة اللعب وتأذت دفاعية الأسود التي كانت في قارتها مضربا للأمثال، والحقيقة أن الموقف لم يكن يستدعي كل هذا الذي حدث..
تأذى اللاعبون بسبب الزج بهم في مباراة خاصة وبمنظومة لعب غريبة، فسفيان شاكلا قال لوحيد أنه ليس أبدا بالصلابة التي عليها مدافعون غيره إما لا يحظون بثقة وحيد وإما لم يناد عليهم أصلا (بانون، يميق، فضال)، وكم رثيت لحال الشاب إلياس الشاعر الذي يسحب بعد ثلاثين دقيقة، بموقف شاذ، كان المخطئ فيه وحيد وليس إلياس، وتأذى وسط الميدان برمته عندما تشكل على ذلك النحو الغريب، فلا هو نجح في ربح معركته مع وسط الفهود ولا هو ترك الأطراف على قيد الحياة..
وتأذت منظومة اللعب بهذا الرقص على الحبلين الذي بات وحيد ينهجه ولا يجني منه إلا الرعب. صحيح أن هذا الذي فعله وحيد كان أمرا مفكرا فيه، وصحيح أنه كانت له غايات من ذلك كله، ولكن بمطلق الأمانة، لا التفكير أصاب ولا الغايات بلغناها، وإن كانت الصدارة قد عضضنا عليها بالنواجد..
لذلك كله وقد أكرمنا الحظ بإدراك التعادل من هدفين وقعناهم من كرتين متوقفتين، وجب أن نطلب من وحيد ألا يزيد في العلم كثيرا، فما سيأتي بدء من الدور ثمن النهائي، يحتاج ثباتا وتركيزا ولا يحتمل أبدا اجتهادات محمولة على المجازفة وعلى الخطأ..