نجح النهضة البركانية في صناعة عيد ثان له هذا الموسم، فبعد تتويجه بكأس الكونفدرالية الإفريقية، يتمكن من إحراز لقب كاس العرش متغلبا على الوداد البطل بضربات الترجيح، بعد أن كانت الدقائق 120 جافة، وليظل لقب الكأس الغالية غائبا للسنة الواحدة والعشرين. 

النهائي بين أجمل سفيرين
 هو كلاسيكو الزمن الجديد، ذاك الذي وضع الوداد الرياضي في مواجهة النهضة البركانية، في نهائي أغلى الكؤوس، حيث يتنازع الفريقان رغبة للحصول على اللقب لجعل الموسم خرافيا، من ثلاثية الوداد إلى ثنائية النهضة البركانية.
وللتغطية على الفراغ الكبير الذي تركه لاعبون وازنون داخل القلعة الحمراء، برحيل أشرف داري منضما لبريست الفرنسي وبرحيل الغوليادور الكونغولي غي مبينزا وباستبعاد العميد والقشاش يحيى جبران للإيقاف، عمد وليد الركراكي إلى اعتماد بدائل لا تغير شيئا من المنظومة التكتيكية، ولا تخرج الفريق من شاكلة 4-4-2.
الشيء ذاته عمد إليه الكونغولي إيبينغي مدرب النهضة البركانية، حيث جرى الإعتماد بالخصوص على عناصر الخبرة من دايو إلى الهيلالي مرورا بالعربي الناجي وحمزة الموساوي، ولو أنه فضل وضع رجل الخبرة بكر الهيلالي في الرواق الدفاعي الأيمن لسد المنافذ أمام زهير المترجي.
 وفي ملعب شغل كل مقاعده الممنوحة، جمهور الوداد، فيما تناثرت جماهير النهضة البركانية بين المدرجات، انطلقت المحاكاة الكروية بين فريقين كانا لكرة القدم المغربية أقوى سفيرين في المنافسات الإفريقية.
الفحلي أهدر الضربة المباغتة
كان النهضة البركانية قريبا من توجيه ضربة خاطفة للوداد في مستهل المحاكاة القوية، في الدقيقة الثانية كرة في العمق من الموساوي، وصلت ليوسف الفحلي المتخلص من الرقابة، وسدد لكن التكناوتي أنقذ.
كانت تلك غمامة غير ماطرة، ولا مؤشرا على أن الفريقين سيدخلان للتو في أجواء النهائي، لأنهما سيعودان إلى الأصل التكتيكي المتمثل في تشديد الرقابة على مفاتيح اللعب ما تسبب في غياب شبه كامل للحلول، إلا ما كان من شبه فرصة للوداد في الدقيقة 12، جلال الداودي بالتخصص، فضل تنفيذ خطإ مباشر من 35 مترا، إلا أن كرته علت القائم، ثم تلتها تسديدة لرضا الجعدي من كرة مستعادة من العربي الناجي، ولكن الكرة مجددا حادت القائم.
واستنفرتنا الدقيقة 24، وحكم المباراة رضوان جيد، أعلن مع التحفظ عن ضربة جزاء للوداد، بعد أن لمست الكرة يد مدافع نهضة بركان وهي في طريقها لتسومو، إلا أن حكم الـ«فار» حسم كل الجدل، حيث تلقى رضوان جيد إشارة من حكم الـ«فار» تقول أن لا وجود لضربة جزاء، لأن مهاجم الوداد تسومو كان في الأصل متسللا.
 لم تكن هذه الومضة الثانية، لترفع عن المباراة الحذر والتوجس، فقد تحول وسط الميدان إلى منطقة ملغومة، فلم يبرز اللاعبون مهاراتهم الفنية، وأوصدت الأطراف، فلم نشهد إلا تسللات لم تحمل أي خطورة، وحتى مع اللجوء للتسديد من بعيد لم نشهد أي فورة تمهد لاهتزاز الشباك، وانتهى الشوط الأول متعادلا في كل شيء.
التكناوتي يوصد الأبواب
 وانفرج بشكل نسبي الشوط الثاني، عندما نجح اللاعبون في تكسير الطوق التكتيكي الحديدي، ولو أن من كان مبادرا ومهددا وقريبا من التسجيل، هو النهضة البركانية الذي سنح له في الدقيقة 52، على غرار الشوط الأول فرصة من ذهب، لكن الكرة ضاعت من لاعب وسط الوداد حيمود في منطقة المنافس، وانطلق نهضة بركان في مرتد سريع بواسطة العربي الناجي الذي وضع الكرة أمام البحري الذي سدد ولكن التكناوتي أنقد الموقف وعادت الكرة للفحلي الذي استهدف الشباك لكن فرحان أجهض المحاولة.
وكان النهضة البركانية أقرب للتسجيل تجسيدا لانتعاشته وأفضليته، عندما نزل بكر الهيلالي من رواقه الأيمن وسدد بقوة في الدقيقة 59، إلا أن كرته حادت القائم. 
وإذا كان الوداد قد حافظ في هذه الجولة على نظافة الشباك، فإن الفضل يعود لحارسه الأمين التكناوتي الذي تمكن في الدقيقة 82 من إبعاد كرة سددها نحو الزاوية البعيدة سفيان المودن من خطأ مباشر.
الوداد أضاع الضربة القاضية
وكانت الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني أشبه بالشهاب الأحمر الذي كاد أن يكسر الطوق، زهير المترجي في الدقيقة 88 انطلق من الجهة اليسرى، وانحرف قليلا ثم سدد والكرة تخطئ الإطار، إلا أن الضربة القاضية هي التي حملتها الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع، عندما هيأ الحسوني كرة ليحيى عطية الله الذي سدد بقوة الوعد الحارس البركاني أبعد الكرة التي باغتت بديع أووك وأرسلها بجوار القائم، وانتهت المباراة في وقتها الأصلي بالتعادل الأبيض، ليتم اللجوء للشوطين الإضافيين.
الماراطون والأقدام المتعبة
خلافا للجولتين الأولى والثانية، حيث كانت المبادرة للنهضة البركانية، جاء الشوط الأول الإضافي بلون أحمر، إذ ستتاح فرصتان للوداد، الأولى في الدقيقة 92، زهير المترجي في المكان المفضل يبحث عن الزاوية البعيدة لمرمي الوعد، لكن كرته تبتعد قليلا عن القائم، دقيقتان بعد ذلك فرصة أخرى للوداد، عطية الله النازح من رواقه داخل المنطقة البركانية يسدد لكن كرته تسكن أحضان الحارس الوعد.
ومع دخول المباراة لفقرتها الماراطونية، سيظهر العياء على لاعبي الفريقين وقد بدا الإرهاق والتعب عليهم، فتثاقلت الأقدام وغابت القدرة على صناعة الفارق المهاري، ليلازم البياض المباراة في دقيقتها 105 بنهاية الوقت الإضافي الأول.
ولأنها مباراة لم تبح بكل أسرارها، فإن خاتمة الشوطين الإضافيين، ستعرف أحداثا مثيرة، الوداد يهدر فرصتين أولى وثانية، بعد تسديدتين لجلال الداودي، الذي لم يفلح في هزم الوعد ليجد نفسه مطرودا بعدها وهو يوقف بطريقة غير مشروعة، مهاجم النهضة البركانية، طرد صاحبه طرد آخر للمدرب وليد الركراكي، ليحتكم الفريقان للضربات الترجيحية، التي ستكون فاصلا أخيرا بعد معركة دامت 120 دقيقة من دون أن تهتز الشباك.
ضربات الحسم ستمنح إذا كأس العرش للنهضة البركانية، فيما تأجل حلم الوداد بتجديد الوصال مع اللقب إلى موسم آخر. 

ADVERTISEMENTS