تمثيل بلادي وصية أجدادي
بلجيكا أغرتني مرارا واختيار الأسود قرار لا يقبل المساومة
المونديال حلم سأدركه والأولمبياد رهان مستحيل تضييعه
توصلت بعديد العروض واقتفاء آثار زياش يغريني
في بلجيكا يخافون الأسود ويحذرون من انتقامهم 

إلياس السيباوي واحد من المواهب كي لا نقول ونكتفي بمجرد موهبة، ممن يلمعون اليوم في بلاد "البينيلوكس"، عشرات الذرر والزهور تسطع وتينع اليوم بين حدائق هولندا وبلجيكا وتغري البلدين بقطافهما.
السيباوي اختار المغرب رغم إغراءات البلاجكة له، حضر مؤخرا رفقة الأولمبي المغربي وشارك رفقة الأسود في مباراة تدريبية أمام مدغشقر، وعن أحلامه ومقاومته للإغراءات البلجيكية وما الذي يمثله له تمثيل الفريق الوطني، أبحر بنا إلياس في هذا الحوار الحصري كاشفا الغطاء عن ملمح قمة في الإخلاص لوطنه لو كلفه ذلك انتظارا طويلا ولسنوات لتمثيل منتخب بلاده..

< المنتخب: إقتربت كثيرا من معانقة الحلم الكبير بالتواجد رفقة الأسود ولو لفترة قصيرة، ما الذي مثله ذلك بالنسبة لك؟
ـ إلياس السيباوي: منتهى الفخر بطبيعة الحال، شعور لا يقاوم ولا يمكن وصفه، فكلما توصلنا لا أنا ولا بقية زملائي الذين يلعبون في بلجيكا أو حتى هولندا على اعتبار أننا نحضر مجتمعين ببطاقة دعوة للتواجد في معسكر من المعسكرات إلا وتأخذنا النشوة والفرحة وبشكل طفولي.
شعور لا يمكن أن يصفه إلا من هو مغترب ومن هو متعلق بهذا الوطن ويرغب في أن يقدم له شيئا أو يرد له دينا، لذلك كنت سعيدا بتلك الإلتفاتة..
< المنتخب: كيف كان موقف الركراكي وحتى الحسين عموتا منكم بعد تلك البادرة أو الإلتفاتة كما وصفتها؟
ـ إلياس السيباوي: لقد أبلغنا السيد الركراكي ما نمثله للفريق الوطني مستقبلا من أهمية، وتحدث معنا عن دقة المرحلة الحالية وحساسيتها كونه حضر متأخرا والمونديال على وشك الإفتتاح، وبالتالي سيكون لنا مجال لتقديم أنفسنا مستقبلا وبشكل أكبر وأفضل وهو نفس خطاب السيد عموتا والذي تحدث معنا في معسكر المنتخب الأولمبي بعدما كان هو من أبلغنا برغبة السيد الركراكي في ضمنا لمعسكر الكبار، وشرح لنا أهمية التواجد مع المنتخب الأولمبي الحالي باعتباره نواة أسود المستقبل..
< المنتخب: مؤكد أنكم لا تشعرون بي نوع من الإحباط بسبب كل هذه الشروحات وأقصد بها بطبيعة الحال المونديال الذي يحلم به الجميع؟
إلياس السيباوي: بطبيعة الحال لا يوجد مجال للإحباط، والدليل أنه لا أنا ولا زملائي الصيباري ولا الخنوس أو بوشواري وغيرهم تلقينا بطاقات الدعوة من منتخبات المهجر للحاق بالفرق الأولى ورفضناها، دون أن ننتظر ضمنا لمنتخب الكبار في بلادنا، المسألة أكبر بكثير من ذلك وترتبط بالتعلق بهذا الوطن وبعلم هذه البلاد الغالية علينا مثلما علمونا والدينا وأجدادنا..

< المنتخب: أنت هنا تجرني للحديث عن أصولك ومعها نشأتك رفقة الأسرة كاملة في بلجيكا، ما السر في تعلقك بالمغرب رغم أنك لا أنت ولا والديك رأى الجميع النور في بلجيكا؟
ـ إلياس السيباوي: هذا صحيح، بل سأخبرك أنه حتى جدي ولد في بلجيكا، إلا أن هذا لم يحل بينهم وبين التعلق بالأصل وهو المغرب، وهنا لا بد من توضيح مسألة في غاية الأهمية للبعض ممن لا يقدرون تضحيات أبناء المهجر.
ففي بلجيكا مثلا دعيت لتمثيل منتخبات بلجكيا الصغرى وحتى المنتخب الأول. إلا أنني رفضت والقرار كان  نهائيا ومحسوم فيه من طرف الأسرة من الوالد الذي نفذ وصية والده أي جدي، يقولون لنا هناك، ماذا قدم لكم المغرب لتمثلوه؟ وردنا عليه أن المغرب منحنا دماءه وهذا يكفي، وحين نتابع بعض الأخبار التي تنال من المحترفين بالمهجر نصاب فعلا بالحزن ولا يتم تقدير هذه المواقف..
< المنتخب: مثل ماذا هل من توضيحات؟
ـ إلياس السيباوي: هناك من يقول أن أبناء المهجر يحظوا بامتيازات هائلة ويتم استصغار حقهم في اللعب لمنتخب بلادهم دون أن يعلموا حجم الضغوطات التي نتعرض لها، والتي تتجاوز الحدود أحيانا بسبب مواقفنا من بلادنا ورفضنا التجنيس، ورغم الإغراءات التي يقدمونها لنا.
شخصيا أتحدث عن نفسي، إخترت داخل أسرتي وعن اقتناع أن ألعب لمنتخب بلادي ولو كلفني ذلك الصبر والإنتظار لسنوات على أن ألعب لبلجيكا..
< المنتخب: ألم يغريك مثلا مشوار الشادلي و الفلايني و قد صارا لاعبين دوليين مع البلاجكة؟
ـ إلياس السيباوي: لا، لست مهووسا بهذا المشوار لأنه مقابل فلايني والشادلي هنالك نماذج أخرى تغرينا أكثر أنا وأبناء جيلي٬ نموذج مباراة بوصوفة ،وحاليا تيسودالي وأملاح، وخاصة  أرغب في أن أقتفي آثار حكيم زياش، أنتم على علم بحجم التضحيات والضغوطات التي تعرض لها زياش وقد قاومها ليكون اليوم من نجوم الكرة المغربية وبلغ العالمية وارتفعت أسهمه مع منتخب بلاده المغرب، هذا النموذج يلهمني كما يلهم عددا من زملائي كثيرا..
< المنتخب: مادمت بصدد الحديث عن بلجيكا، تقييمك لمواجهة الأسود أمامهم وكيف ينظرون هم لهذه المباراة في المونديال؟
ـ إلياس السيباوي: بمطلق الأمانة وهذه شهادة حق، هم يحترمون كثيرا الكرة المغربية واللاعب المغربي على وجه التحديد، وذلك يعود للصورة المتميزة والسمعة الحسنة والطيبة للاعب المغربي في بطولتهم.
كما يستحضرون أسماء نجوم مغاربة كبارا حتى الذين حملوا ألوان منتخبات بلدهم، لذلك ولو أنني لم أحضر تلك المباراة فقد بدأوا بالحديث عن مواجهة الأسود وتحذيرهم من رغبة المنتخب المغرب الثأر لخسارة في مونديال سابق، وشخصيا لا أنكر أن المنتخب البلجيكي قوي جدا ويضم نجوما كبارا وهم متقدم في تصنيف الفيفا لكني أتوقع وبعدها أتمنى أن يكون الإنتصار حليفنا..
< المنتخب: دعنا نعرف الجمهور بمن يكون ضيفنا ولو متأخرين نوعا ما، أين نشأ إلياس وأين كانت بدايته على وجه الدقة؟
ـ إلياس السيباوي: النشأة كانت في حي كونتيش في أنتويرب قد لازمت فريق هذه القرية منذ كان سني 7 أعوام لغاية انضمامي لفريق بيرشوت الذي قضيت في صفوفه كافة مشواري، وتكونت داخل وتدرجت عبره لأمثل الفريق الأول، تعلقي الكبير بهذا النادي الذي فتح أمامي مجال الممارسة كان سببا في رفضي تغييره رغم عديد العروض التي توصلت بها إضافة لتشبثهم الكبير بي..
< المنتخب: هذا يفرض علي سؤالك، لماذا بقيت طوال هذه الفترة مع بيرشوت؟
ـ إلياس السيباوي: أملك عقدا معهم لغاية 2025، توصلت في فترات عديدة بعروض من فرق سطاندار دو لييج وإف سي بروج ومن نادي ميشلين، ومن هولندا من تويني وأيندهوفن وغيرهم، إلا أنني ما يسعيت لحرق المراحل ولا فكرت في المغادرة، كما أن النادي كانت له شروطه المالية ووضع نسبا هائلة في حالة بيعي مستقبلا، لذلك تأخر خروجي منه وأنا سعيد معه..
< المنتخب: هل ستواصل رفقة بيرشوت لغاية نهاية عقدك؟
ـ إلياس السيباوي: لا أعتقد ذلك، قد يكون الميركاطو المقبل حاسما كي أقرر مستقبلي ومصيري، هم بدورهم يرغبون في الإستفادة المالية ولا أتصور أنني سأواصل خاصة بعد ارتفاع أسهمي مؤخرا ودخول فرق من بطولات أخرى على الخط.
هم يعلمون موقفي، وهو أنني لا أفكر في الرحيل حاليا، وكما قلت لك أود اقتفاء آثار حكيم زياش بالصعود المتدرج وليس بحرق المراحل، أريد أن تكون خطوتي المقبلة إن شاء الله صوب فريق يضمن لي مساحة كبيرة للعب والتألق..


< المنتخب: أيهما كان أفضل لرفع أسهم السيباوي، اللعب لمنتخب بلجيكا الأول أم الإكتفاء بتمثيل الأولمبي المغربي على الأقل حاليا؟
ـ إلياس السيباوي: لا أحسبها لا أنا ولا والدي بهذا الشكل، اللعب لمنتخب بلادي ولو مع الأولمبي لا يقدر مال الدنيا، تمثيل المغرب يتجاوز كافة العروض التي من الممكن أن أتوصل بها لو لعبت لبلجيكا، تربيت داخل أسرة محافظة ومؤمنة بالله سبحانه وتعالى وتعلمنا مثلما أوصاني والداي بذلك أن تمثيل والدفاع عن العلم المغربي لا يقبل المساومة ولا يقدر بمال الدنيا..
< المنتخب: علمت أنه كانت لإدارة منتخب بلجيكا الأول رغبة في ضمك لإحدى المعسكرات بعد رفضك، ألم تتعرض لضغوطات أو مضايقات داخل ناديك؟
ـ إلياس السباوي: بكل صدق ومنتهى الأمانة لا،  المعاملة لم تتغير لأن هناك احترام مطلق للحريات ورغبات الأفراد ولا يمكنهم مهما فعلوا أن يرغمونني على شيء، لذلك ليس من مصلحتهم مضايقتي.
المضايقة تأتي من بعض وسائل الإعلام التي يعلم الجميع خلفياتها، لكنني ناضج بما يكفي ولا أهتم بها ولا بما يقولون عنا..
< المنتخب: طالعت مؤخرا حوارات للمدير التقني للكرة البلجيكية وقد تأسف على ضياع موهبتك رفقة عماد الخنوس وعدم استفادة بلاده منها، ما تعليقك؟
ـ إلياس السيباوي: بدوري أشعرت بهذا، وهذه الشهادة تزيدنا اعتزازا بالنفس وثقة بالإمكانيات وتقدم صورة عن التضحيات التي قدمناها، لذلك حين نأمل تمثيل منتخب الأسود فلأني شخصيا أثق ألف بالمائة على أنني قادر على تقديم الإضافة له، ومتى تسنح لنا الفرصة كاملة لن نتركها تضيع منا.. 
< المنتخب: قد يضيع حلم المونديال، لكن ماذا عن الأولمبياد؟
ـ إلياس السيباوي: لقد أخبرونا داخل الجامعة والمنتخب عن أهمية الأولمبياد للكرة المغربية وما تمثله لها مستقبلا بعد الغياب عن دورتين، أعتقد أن قيمة الألعاب الأولمبية لا تقل عن كأس العالم، لذلك سيكون من المستحيل وقد اطلعت علي التجهيزات التي يتوفر عليه بلدي وعديد المواهب الحاضرة حاليا عدم التأهل، الوديات لم تكن بالجودة التي يتمناها الجمهور والمسؤولين، لكن هذا الجيل يحتاج لرعاية وبعض الصبر..
< المنتخب: الخسارة من السينغال مباراتين تواليا، أي تعليق؟
ـ إلياس السيباوي: قلت لك لم تكن النتائج سارة، لكن اللاعبون بالكاد تعرفوا على بعضهم البعض وحتى مع السيد المدرب، فلا خوف على هذا المنتخب ومستقبلا سيكون أفضل إن شاء الله تعالى..
< المنتخب: كلمة مفتوحة للجمهور؟
ـ إلياس السيباوي: أتمنى أن يحظى لاعبو المهجر بالتقدير الذي يستحقونه هنا، فهم لا يقلون وطنية عن غيرهم ومتعلقون بمنتخب بلادهم بشكل لا يمكن تصوره، هنالك مواهب يتم التغرير بها كل يوم لكنها لا تساوم في حب بلادها، حلمي الكبير تمثيل منتخب بلادي في المونديال وأن أجمل أحلامه وطموحته على كتفي وأن أسعد والدي وأجدادي لأن هذه كانت وصيتهم وهي اللعب للمغرب ولو طال الإنتظار.. 
وأنا ممتن كثيرا للعطف والحب الذي غمرني به الجميع هنا..