قطعا ما توقع أحد بيننا أن تكون مهمة الوداد سهلة عند مواجهته للهلال، فقد جزمنا جميعا أن المهمة تبدو مرهقة كالصعود لقمم الجبال، وأن مواصلة حلم المونديال تحتاج لكثير من التركيز ولكثير من الخيال لإبداع الحلول، بخاصة وأن المباراة كانت تنبئ بوجود الكثير من الأقفال التكتيكية، لكن ما توقع أحد أن تكون الخاتمة بذاك الشكل المؤلم، أن يكون الوداد هو من سرع خروجه من بوابة الدور ربع النهائي، من دون أن يستفيد من كل الذي منحته إياه ظروف وملابسات المباراة، اللعب وسط جمهور ودادي بنى حصنا منيعا حول فرسانه، ومواجهة هلال متحفظ تكتيكيا بالغ في التوجس من تقلبات المنافس. بعد بداية مثالية، تحكم خلالها لاعبو الوداد في الكثير من تفاصيل الجولة الأولى بالإمتلاك والمباردة والإنطلاق للأمام ببناءات مختلفة، لم يكن ينقص خلالها إلا من يمتلك الجسارة الهجومية لإنهاء الهجمات، سينجح الوداد في التقدم مع بداية الشوط الثاني برأسية المدافع أيمن العملود، وهو ما سيفرض على مدرب الهلال السعودي رامون دياز الزيادة في الجرأة الهجومية وما سيحتم على الوداد تدبير السبق المهم، ليس بالتراجع للخلف لحماية المنطقة، ولكن باللعب ببلوك متوسط لإشعار الهلال بخطورة المرتد الودادي. وكان بالإمكان عبر تدبير ذكي للمباراة وعبر المواجهة الشجاعة للإنقضاض الهلالي، وقد عمد مدربه لتحويل الهلال فعليا للموج الأزرق، أن ينجح الوداد في إيصال المباراة لخاتمتها وهو متفوق بهدف العملود، لولا أن كرة داخل المعترك، ستلمس يد عطية الله وتكون ضربة الجزاء التي بها عاد الهلال من بعيد، وهو من كان يسير في اتجاه الإقصاء. ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فإن العميد يحيى جبران الذي يفترض أن يكون بحكم الخبرة والشخصية القيادية إطفائيا لكل الحرائق التي تشتعل في المباراة، سيفقد عقله وبتهور كبير سيتحصل في ظرف زمني قياسي على إنذارين موجبين للإقصاء من المباراة، وهو ما ترك الوداد منقوصا عدديا في مواجهة منافس تحرر أولا بتسجيله لهدف عودة الروح، واستفاد ثانيا من تفوق عددي، لحسن الحظ أنه لم يغير من نتيجة المباراة إلى أن تساوى الفريقان بعد طرد كنو الهلالي. والحقيقة أن الوداد ما تأثر من شيء في إعطاء هجماته المباشرة قوة الصعق الضرورية في مثل هذه المباريات، أكثر ما تأثر من غياب رأس حربة صريح وفعال، فلا لامكيل زي ولا جونيور سامبو أنسيانا في الكونغولي غي مبينزا، وزاد من قوة هذا الوهن الهجومي البين، غياب لاعب بقيمة زهير المترجي الذي يفلح في تسجيل الأهداف من وضعيات صعبة وفي توقيتات بالغة الحساسية. طبعا مع اللجوء للضربات الترجيحية، سنلجأ لعملية المقامرة، وسيضيع يحي عطية الله الضربة الأولى التي ستكون عنوانا للإقصاء الثاني من نوعه في ثاني مشاركة للوداد في مونديال الأندية. لم يكن الهلال هو المنافس الذي قرأناه في صحائف المباريات السابقة وحذرنا منه، لم يكن بتلك الشراسة التي توقعناها، ولكنه مع ذلك أفلح هنا في ديارنا في العبور لنصف النهائي، تماما كما لم يكن الوداد بالشاكلة والتشكيلة وبالروح التي يحتاجها كأس العالم للأندية للذهاب بعيدا في دروبه، وذاك خطأ فادح في تدبير المرحلة، خطأ يتكرر مرة ومرتين من دون أن نستفيد منه لغاية الأسف.