لأنه الفريق الأسطوري والملك الذي يجلس على عرش كرة القدم العالميا منتشيا بألقاب من كل نوع وصنف، ولأنه فريق النهايات يلعبها ويفوز بها، فقد كان من الصعب أن نتخيل ريال مدريد لا يتوج لخامس مرة في تاريخه بكأس العالم للأندية، حتى لو كان من ينازعه حلم الظفر بالكأس، هلال سعودي بزغ بأجمل صورة في سماء الموندياليتو، وهو يتقدم شجاعا وجريئا للمباراة النهائية التي غدت في عيون جماهيره وعاشقيه ملحمة كروية حتى قبل أن تبدأ.
استعاد ريال مدريد نجمه ومهاجمه المحوري كريم بنزيما، وبات هو التغيير الوحيد في تشكيل الملكي قياسا بالذي لعب مباراة الأهلي، فيما قرر مدرب الهلال رامون دياز التركيز أكثر على وسط الميدان فحشد أمهر ما يملك من لاعبين لشل حركة وسط مدريدي يوجد فيه مودريتش وكروس وعلى الخصوص المحراث تشواميني.
وكان من الصعب تخيل فريق ملكي لا ينجح سواء بالهجمة المنظمة المعتمدة على التمرير السريع للكرة أو بالمرتد السريع في احتكار الكرة وفي وضع المنظومة الدفاعية للهلال تحت الإختبار، إذ مع وجود الجناح الطائر فينيسيوس والمتعدد المهارات فالفيردي إلى جانب الكريم بنزيما، كان يجب أن نتخيل مقدار المعاناة وحجم الصبر الذي يتطلبه حراسة كل هؤلاء.
ما كان الهلال يستطيع أن يلعب متكدسا في منطقته وما كان دياز نفسه مستعدا لأن يحشر لاعبيه في خندق ضيق لرد الغارات المدريدية، لذلك قرر أن يلعب كما الأهلي المصري بطريقة شبه مفتوحة، مع التركيز على الواجبات الدفاعية، ومتى كان واضحا ما يوجد من فوارق في الدهاء وحسن التدبير والمهارة في كتابة الجمل التكتيكية، متى تخيلنا المشهد الذي كان مسيطرا على المباراة..
ريال يلعب على سجيته، ينطلق ويرتد كما يشاء، يحلق ويهبط في فضاء الملعب كما يشاء وهلال يجتهد في إخراج أنياب ترهب المنافس، وكان من نتيجة هذا التفكير التكتيكي من المدربين كارلو أنشيلوتي ورامون دياز، أن النهائي جاء احتفاليا وفرجويا، بل إنه سيشهد تسجيل ثمانية أهداف، وهي حصة أهداف لم يشهدها أي نهائي للموندياليتو من قبل، خمسة لريال مدريد دون احتساب ما ضاع، دليلا على اليسر الذي صاحب البناء الهجومي للريال، وثلاثة للهلال الذي صاغ أشياء جميلة من الخيال، فلدغ الريال من جحره الدفاعي المثقوب وأبرز شجاعة هجومية يهنأ عليها.
يذهب اللقب الخامس لريال مدريد الذي أكد مجددا أنه الفريق الذي لا يخسر النهايات، وتذهب الوصافة للهلال السعودي كثالث فريق عربي يحققها بعد الرجاء الرياضي والعين الإماراتي، دليلا على أن كرة القدم العربية بدأت تردم الفجوة والهوة وتكسب المناعة والقوة لتصاقر كبار العالم..