ما كان يهم في مباراة المنتخب المغربي ونظيره الغيني في افتتاح كأس إفريقيا للأمم لأقل من 23 سنة، هو أن يحقق الأشبال الفوز والنقاط الثلاث، فكل بداية تقترن بالفوز هي بداية مثالية بل ونموذجية، وما عودتنا عليه المباريات الإفتتاحية أنها تأتي موغلة في الإحتراس، حيث يضيق الضغط النفسي الخناق على الملكات الفردية والجماعية، حتى لا تستطيع أن تجد لها فرجا وفتحات للتعبير عن نفسها.
ولأنها كانت المباراة الرسمية الأولى لمنتخبنا الوطني الذي أعفته استضافة البطولة من دخول الأدوار الإقصائية، فقد كان من الصعب على الأشبال أن يجدوا الإيقاع التنافسي الذي يساعد على فك شفرات منافس، بدا واضحا أنه لم يأت للنهائيات صدفة، وكيف يكون الأمر كذلك وهو من أقصى في طريقه منتخبات قوية، آخرها المنتخب النيجيري.
ولم نكن في كل الأحوال، لنتبين لمنتخبنا الوطني في شوط مباراته الأول، ملمحا ولا هوية ولا تناسقا، فقد أفقدت التغييرات إن على مستوى الرسم التكتيكي أو على مستوى الإختيارات البشرية، المنتخب المغربي القدرة على تطويع منتخب غيني كان يلعب بسلاسة وبطلاقة وبثقة كبيرة في النفس، ولربما كان النهج التكتيكي الذي لعب به الأشبال مساعدا له لكي يجعل من الشوط الأول كابوسا ثقيلا على لاعبينا، ولينهيه بهدف سجله في الثواني الأخيرة من خطأ مشترك بين حائط الصد وبين الحارس المرمى بلعروش.
كان لزاما إزاء هذا الإسفاف التكتيكي الذي ميز الأداء الجماعي لمنتخبنا الوطني في الجولة الأولى، حيث تضببت الأفكار وكثرت أخطاء التمرير، أن يتحرك المدرب عصام الشرعي لتغيير الوضع للأفضل، لنقل الفريق الأولمبي من وضع الفريق المصادر والمخنوق إلى وضع الفريق المبادر للهجوم والمتحرر من الضغوط، وبحلول الدقيقة 64 وبعد أن تأكد أن لا جدوى من شاكلة اللعب المتبعة (3-5-2)، سيدخل بعد ريشاردسون، كل من صيباري وبكراوي، لينتقل الفريق الوطني لشاكلة 4-3-3، وليصبح المتسيد والمتحكم في موازين المباراة، بحكم وجود فاعلية كبيرة في الأداء الهجومي، ما مكنه من عودة جميلة، بفضل هدفين للزلزولي من نقطة الجزاء.
لقد أمكن بعد هذا التغيير الإستراتيجي والحاسم، أن نشاهد فريقنا الوطني وهو ينتزع من المنتخب الغيني السيطرة على وسط الميدان، وأن يؤسس لبناءات هجومية جميلة، يقودها يمينا كل من صيباري والواحيدي، ويقودها يسارا كل من بلال الخنوس والزئبقي الزلزولي بمساعدة الظهيرعمراوي، ما أنتج فيضا هجوميا كاد أن يعطينا هدفا ثالثا، كان سيعفينا من رجفة النهاية وحكم المباراة يحتسب لغينيا هدفا في الوقت بذل الضائع، عاد حكم الفار ليشير على حكم الساحة الصومالي عمر أرتان بوجود خطأ واضح ارتكبه لاعب غينيا بمضايقته للحارس المغربي وبلمسه كرة بيده، ليلغى الهدف، وتنتهي المباراة بفوز أؤكد على أهميته الإستراتيجية، فوز من رحم المعاناة، وفوز غطى على مجازفات تكتيكية، كل الأمل ألا نكررها في مباراة الثلاثاء أمام غانا التي ستكون فيها النقاط الثلاث عنوانا لتأهل مبكر للدور نصف النهائي الذي سيجعل أشبالنا يقفون على مسافة قريبة جدا من التأهل لأولمبياد باريس.