يستعد أمين عدلي لكتابة فصل جديد من فصول التميز، إذ بات قاب قوسين أو أدنى من دخول تاريخ كرة القدم الأوروبية، بعدما دخل تاريخ «اليوندسليغا». والتميز هذه المرة عنوانه كأس «أوروبا ليغ».. فالموعد مهيب والحدث رهيب والمباراة حازمة.
فبعدما حسم عدلي مع باير ليفركوزن، لقب البطولة المحلية لصالحه، في مسار باهر وغير مسبوق، يستعد لانتزاع لقب جديد لضمان «الثنائية»، في انتظار أن يحسم «الثلاثية» يوم الأحد المقبل بانتزاع كأس ألمانيا.

إحتفالات البداية
وقع أمين عدلي على موسم بديع وباهر للغاية، ليس فقط لأنه أنهاه مع ليفركوزن بالتتويج بلقب «البوندسليغا» من دون تلقي أي هزيمة، ولكن أيضا لأنه كتب خاتمة رائعة مع فريقه بالتوقيع على «أسيست» خلال الفوز على أوغسبورغ (2 – 1) في الدورة الأخيرة من منافسات البطولة، فهو من صنع الهدف الأول، من تمريرة حاسمة وسجله زميله فيكتور بونيفاص في الدقيقة 12.
كان موسما ساحرا، بكل ما في الكلمة من معنى، دخل فيه أمين عدلي التاريخ بعدما بات ليفركوزن أول فريق ينهي منافسات البطولة من دون أي خسارة. ويحق لعدلي أن يحلم بالمزيد بعد الإنجاز المحلي الكبير الذي حققه بطل الدوري الألماني، إذ يستطيع هذا الأخير أن يضيف لرصيده لقبين إثنين خلال شهر ماي الحالي، إذ سيلعب نهائي كأس «أوروبا ليغ» بعد غد الأربعاء، قبل أن يخوض نهائي كأس ألمانيا يوم الأحد المقبل.
وتسلم عدلي درع البطولة مع باير بعد الفوز على أوغسبورغ في الجولة الختامية للموسم، وألهب بذلك حماس الجماهير الذين احتفلوا في المدرجات، قبل أن تتواصل احتفالاتهم في شوارع ليفركوزن، وهي بلا شك بداية الإحتفالات التي يريد مناصرو الفريق أن تتواصل خلال الأيام القادمة.
ولن تهدأ هذه الإحتفالات بالتأكيد في انتظار أن يحسم الفريق نهائي يوم الأربعاء أمام أطلانطا الإيطالي، على كأس «أوروبا ليغ» والذي ستحتضنه العاصمة الإيرلندية دبلن.
هل يكون «الثالث»؟
ومرة أخرى يحضر أسدا مغربيا نهائي كأس «أوروبا ليغ»، إذ سبق للثنائي الدولي ياسين بونو ويوسف النصيري أن لعبا نهائي هذه المسابقة مرتين اثنتين، وتوجا بالكأس في المرتين معا مع نادي إشبيلية الإسباني، لذلك يرغب عدلي في أن يسير على نهج زميليه في صفوف الأسود ويتوج باللقب.
فقد كتب النجمان الكبيران بونو والنصيري فصلا جديدا من مجد الأندلس عندما توجا مع إشبيلية بكأس «أوروبا ليغ» مرتين، الأولى في موسم 2019 / 2020 على حساب إنتر ميلان الإيطالي بعد الفوز عليه في نهائي تاريخي (3 – 2)، والمرة الثانية على حساب روما الإيطالي أيضا بعد التغلب عليه في نهائي مثير ( 4 – 1 / ض.ت، بعد التعادل 1 – 1)، ليحصد الفريق الأندلسي لقبه السابع في تاريخ المسابقة، مسجلا بذلك رقما قياسيا في عدد مرات التتويج.
ويتطلع عدلي للسير على خطى بونو والنصيري، والتتويج مع فريقه باير ليفركوزن بلقب المسابقة يم الأربعاء القادم أمام أطلانطا، علما أن الفريق الألماني تويج بلقب المسابقة مرة واحدة في تاريخة تحت المسمى القديم «كأس الإتحاد الأوروبي، وكان ذلك في موسم 1987 / 1988، فيما لم يسبق لأطلانطا أن توج بلقب هذه المسابقة، وستكون مباراة يوم الأربعاء تاريخية بالنسبة إليه، حيث سيخوض مباراة النهائي لأول مرة في تاريخه.
إختيار موفق
قبل أن يحسم باير ليفركوزن لقب «البوندسليغا» لصالحه هذا الموسم، منتصف أبريل الماضي، حسم صفقة عدلي قبل 3 مواسم.. وقتها أدرك الدولي المغربي (23 عاما) أن فرصة اللعب في البطولة الألمانية، كفيلة بأن تغير مجرى الأحداث في مساره المهني، وتكتب له فصولا مثيرة ورائعة، لا تُكتب عادة سوى للاعبين الكبار الذين يحققون أبهر النتائج ويحرزون أكبر الألقاب والإنجازات، لذلك لم يتردد في قبول عرض باير ليفركوزن الذي طرق بابه في صيف 2021.
عدلي، الذي كانت تتنبأ له مواهبه بمستقبل كروي باهر، لم يستطع أن يحقق أي شيء مع فريقه السابق تولوز الذي لعب له موسمين في «الليغ 1» و«الليغ 2»، فقد كان وقتها يقيس أولى خطواته ضمن الفريق الأول في تولوز، ويتحسس الطريق نحو كسب الخبرة الكافية التي تمهد له الطريق بأن يكون صاحب ثأثير واضح.
وقبل حتى أن تنضج تجربته بما يكفي وبما يؤهله ليرسخ موقعه ضمن الفريق الأول في تولوز، تلقى عدلي عدة عروض من عدة أندية، خصوصا بعدما أنهى موسم 2020 / 2021 وقد سجل لفريقه 8 أهداف وصنع 5 أخرى، إذ طلب وده كل من ليستر سيتي الإنجليزي ومارسيليا الفرنسي وميلان الإيطالي ومانشنغلادباخ الألماني، بل حتى بايرن ميونيخ وفق ما ذكرته آنذاك تقارير إعلامية فرنسية.. قبل أن يدخل باير ليفركوزن على الخط ويقدم عرضا جادا ويحسم الصفقة لصالحه، وقد كان عدلي على صواب عندما قبل بصفقة الفريق الألماني، وكان اختيارا موفقا.
عملاق جديد
ولم يكن أمام عدلي سوى أن يشد بالنواجد على فرصة إثبات الذات مع فريق يتطلع للكثير، ويحلم بالكثير، ويريد أن ينجز الكثير.. إذ كان هم ليفركوزن أن ينهض بنفسه، وأن يجد له موطئ قدم بين عمالقة الأندية المحلية أولا، وأن يشارك بالتالي في أقوى مسابقة قارية ينازل فيها أكبر الأندية الأوروبية، عصبة الأبطال.
ومع مطلع أكتوبر 2022، إلتحق تشافي ألونسو بليفركوزن على رأس الجهاز التدريبي، أملا في تصحيح أوضاعه بعدما تراجعت نتائجه بشكل ملحوظ آنداك، وكان عليه أن يقاتل محليا وقاريا من أجل أن يضمن له تحقيق بعض النتائج المشرفة.. لكن الفريق أنهى الموسم (2022 / 2023) في المركز السادس الذي خول له المشاركة في مسابقة «أوروبا ليغ» والتي يحقق فيها حاليا أفضل النتائج.
وكان على ألونسو أن ينهض بالفريق مع بداية الموسم الحالي معتمدا على أفضل لاعبيه من ضمنهم أمين عدلي الذي اكتسب خبرة مهمة للغاية مع المدرب السابق السويسري جيراردو سيواني.
وظهر ليفركوزن بصورة حازمة منذ انطلاق منافسات الموسم الحالي، وأثبت  نفسه بين عمالقة «البوندسليغا»، وبات فريقا قويا مهاب الجانب.. بل أكد فعلا أنه عملاق جديد.. وطيلة الدورات 29 التي خاضها في منافسات البطولة الألمانية حتى الآن، ظل الجميع يترقب المباراة التي سيخسرها، أو الفريق الذي سيهزمه، لكن دون جدوى، فقد تقوى عوده وأصبح صلبا ولم يستطع لا بايرن ميونيخ، البطل المتوج خلال المواسم 13 الأخيرة على التوالي، أن ينال منه ويهزمه، لا هو ولا غيره، إذ حقق ليفركوزن 25 إنتصارا و4 تعادلات، ولم يخسر أي مباراة حتى الآن، وهو ما أهله لحسم اللقب في وقت مبكر جدا.
مثير للإعجاب
أنهى عدلي موسم 2022 / 2023 بشكل سيء للغاية، حيث حصل على البطاقة الحمراء خلال الجولة الأخيرة من منافسات «البندسليغا» أمام بوخوم، وهي المباراة التي خسرها ليفركوزن آنداك بنتيجة قاسية (0 – 3)، ومن المؤلم جدا بالنسبة لعدلي أنه حصل على بطاقة الطرد بعد 8 دقائق فقط على انطلاق المباراة، وكان من الطبيعي أن يدفع الثمن غاليا جدا في الموسم الموالي، إذ تعرض لعقوبة الإيقاف لـ3 مباريات، لذلك بدأ الموسم الحالي بشكل أسوإ، حيث غاب عن الدورات الثلاث الأولى (أمام لايبزيغ ومونشنغلادباخ ودارمسطاد) وهي المباريات التي كسبها ليفركوزن جميعها لينطلق بالتالي بشكل قوي.
ولم يكن أمام عدلي سوى أن يقاتل من أجل استعادة ثقة مدربه تشافي، وشيئا فشيئا بدأ يفعل ذلك، ويفرض على مدربه أن يمنحه مزيدا من دقائق اللعب، إلى غاية أن غاب عن الفريق مطلع شهر يناير الماضي، بسبب انضمامه لصفوف المنتخب المغربي للمشاركة في «كان» كوت ديفوار، ومن سوء حظ عدلي أنه عاش ظرفا صعبا للغاية خلال هذه الفترة بسبب وفاة والدته.
وبإصرار كبير وعزيمة قوية خرج عدلي من ظرفه الصعب، وسجل عودة قوية ومثيرة للإعجاب مع ليفركوزن بعد عودته من «الكان»، حيث انتفض وبات لاعبا مهما بالنسبة للمدرب تشابي ألونسو، وبدأ يشارك في التشكيلة الأساسية لفريقه في بعض المباريات.
تتويج معلق
ولم تكمن انتفاضة عدلي تكمن في قوته الذهنية والنفسية فقط، ولكن أيضا في أسلوبه النشط للغاية وركضه السريع، وتواجده بشكل متكرر خلف خط دفاع الخصم، وكلها عناصر مهمة ساعدت على توهجه وتألقه.
وقد أثبت عدلي ذلك بشكل مثير للإعجاب في المباراتين أمام هايدنهايم، عندما سجل هدفا وصنع آخر.. وأيضا عندما سجل هدف فريقه الثاني في الفوز على شتوتغارت (3 – 2) في ربع نهائي كأس ألمانيا.
وطيلة الدورات الأخيرة ظل عدلي يتطلع للعب بنفس الأداء القوي والعطاء الفعال رغبة في أن يشكل توهجه منعطفا مهما في مساره مع فريقه ليفركوزن ومع قناعة مدربه ألونسو، ويصبح بالتالي واحدا من المفاتيح الأساسية في خط الهجوم.
وأمام عدلي متسع من الوقت خلال ما بقي من منافسات الموسم الحالي، ليثبت قوته أكثر، ويحقق لقبا جديدا خصوصا أن ليفركوزن تنتظره مباراة النهائي على كأس ألمانيا وهي المباراة التي ستقام نهاية شهر ماي المقبل، وستتزامن مع الإحتفال الكبير الذي ينوي أن يقيمه الفريق بمناسبة تتويجه بلقب البطولة الألمانية لأول مرة في التاريخ.
كما يملك عدلي فرصة ذهبية للتتويج بكأس «أوروبا ليغ» بعدما قطع باير ليفركوزن مشوارا أسطوريا في مسار التصفيات وبلغ مباراة النهائي عن جدارة واستحقاق وبأرقام مثيرة.
البرنامج
الأربعاء 22 ماي 2024
ملعب أفيفا (دبلن / إيرلندا): س20: أطلنطا ـ باير ليفركوزن