من البحر الأبيض المتوسط الهادئ بأمواجه، أطل إعصار قلب موازين الميركاطو الشتوي، وجرف لسواحل ليبيا العديد من اللاعبين المغاربة، فقد أفاقت عديد الأندية الوطنية، وقد ودعت للتو نسخة باردة وجافة من الميركاطو الشتوي بسبب تصدعات مالية ومديونية ثقيلة وأحكام مجترة من نزاعات لم تتم تصفيتها، على وقع أخبار صادمة ومتلاحقة، لاعبون يتنازلون عن مستحقات مالية متأخرة ويقترحون انفصالا بالتراضي، ولاعبون يخرجون أحرارا، وآخرون تكسرت شروطهم الجزائية، والنتيجة المرعبة، أن العشرات من اللاعبين غادروا البطولة الإحترافية وأعلنوا عن نزوح جماعي صوب البطولة الليبية.
كان البادئ بهذه الهجرة، نجم الرجاء الرياضي محمد زريدة الذي قدم لفريقه المخنوق بأزمة مالية قوية، على طبق حلا لبعض متاعبه المالية وهو يتنازل عن مبلغ مالي كبير ويقدم للرجاء عرضا بقيمة 800 مليون سنتيم للحصول على حق الإنضمام لنادي الإتحاد الليبي.
وبعدها نجحت أندية ليبية في كسر شروط جزائية ضحلة، للاعبين أجانب ينشطون بالبطولة الإحترافية، فأعلن دفعة واحدة عن مغادرة طوميسيانغ للجيش الملكي، ساماكي لأولمبيك آسفي وبونا عمار للوداد الرياضي، ثم بدأت العروض في شكل جرافات تجرف العديد من اللاعبين نحو البطولة الليبية، حتى أن العدد ناهز العشرين لاعبا، من الذين كانوا ينشطون بالبطولة الإحترافية الأولى والثانية، من دون احتساب اللاعبين المنضمين من أقسام الهواة لأندية الصف الثاني في ليبيا.
وإذا كان الإقبال الكبير للأندية الليبية على اللاعبين المغاربة، وقد خرجت من كهوف الأزمة لترمم صفوفها وتنبعث من جديد، يكرس المكانة الرفيعة للموهبة الكروية المغربية بدول شمال إفريقيا والخليج العربي، ويؤكد الإرتباط التاريخي للاعبين المغاربة بالبطولة والأندية الليبية، إلا أن دلالات النزوح الجماعي في الميركاطو الشتوي، تقول بكل أسف، أن هناك تراجعا مهولا للأندية المغربية على مستوى التحصين القانوني للاعبيها، وأيضا بالأعطاب الكثيرة التي تشوب المشروع الإحترافي، بدليل أن تهافت اللاعبين المغاربة على البطولة الليبية تحديدا في هذا الميركاطو الشتوي، يقول بعدم شعورهم بالأمان الكافي داخل البطولة الإحترافية، برغم أنهم محصنون بعقود.
ظاهرة النزوح نحو البطولة الليبية تنضاف لعديد الظواهر السلبية التي تقول أن بطولتنا الإحترافية تسير في الإتجاه المعاكس، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه.