لن أختلف مع العصبة الوطنية لكوة القدم الإحترافية، في عدم تهويلها للنزوح الجماعي للاعبين مغاربة صوب البطولة الليبية التي أطلت من جحر الألم لتصنع أمل العودة بقوة للواجهة الإفريقية، فإن كان كم هذا النزوح يصيب بالدهشة، إلا أن من جرى اجتذابهم لا يمثلون قاعدة كبيرة لسواعد البطولة الإحترافية وملهميها، فبعضهم كسر طوق الإعتزال المبكر، وبعضهم الآخر رحل لأنه لم يجد له مكانا في البطولة الإحترافية، وبعض ثالث أعياه التردد على غرف النزاعات لاستخلاص المستحقات العالقة، وبعض رابع يعتبر في واقع الأمر امتدادا للحظوة الكبيرة التي يتمتع بها اللاعب المغربي في البطولة الليبية، لقيمة ما قدمه العابرون للمتوسط.
إلا أنني وأنا أوافق العصبة الإحترافية على عدم تفخيم وتهويل موضوع هذه الهجرة الفجائية التي طفت على السطح، أرفض أنني أعترض على معاملة هذا الموضوع بالمثل الشائع «كم من حاجة قضيناها بتركها»، إذ هناك بالفعل حاجة لأن توضع الظاهرة بحجمها ومضمونها، قيد الدرس، لربطها بالحالة المتأزمة التي يوجد عليها مشروعنا الإحترافي، عطفا على الإختلالات البنيوية والإقتصادية التي تضرب الأندية الوطنية.
لا نكاد نشعر ونحن نعيش السنة 12 إحتراف، أن بطولتنا تمنعت وتحصنت وسلكت بالفعل طريقا لا يجعلها تتخلف عما عداها من بطولات توجد في محيطنا الجهوي، ولا يعيد في كل مرة عقاربها لنقطة الصفر.
ولن تختلف معي العصبة الوطنية لكوة القدم بكافة مكوناتها، وقد حصلت على تفويضات كبيرة من الجامعة لإدارة مرفق البطولة الإحترافية بكافة ملاحقها وتوابعها، وهي التي تقف اليوم بعد الآخر على قوة الملفات المعروضة على النقاش، وعلى المثبطات الهيكلية التي تمسك بتلابيب الأندية الإحترافية، على أن الوضع المحتقن يحتاج بالفعل لقرارات حازمة، لعل أبرزها أن تتقوى شخصية الأندية الوطنية وتتمنع وتتقوى هياكلها الرياضية والإقتصادية، لتكون قادرة في فضاء يشتعل بالمنافسة على صيانة مكتسباتها البشرية، فإن رحل اليوم من البطولة لاعبون أغلبهم شارفوا على الإعتزال، فهناك أيضا لاعبون صغار السن يهمهم في مقام أول تأمين مستقبلهم، وهناك أيضا منتج بشري تقدمه الأكاديميات لكرة القدم الوطنية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال السماح بالإستيلاء عليه، تحت أي مسمى أو وازع حتى لو كان المال الذي يقال أنه يصنع طريقا في البحر.
من حقنا أن نتهيب ونرتاب بل ونتخوف من هذه الموجة العالية التي أطلت من البحر الأبيض المتوسط، لتجرف عشرات اللاعبين المغاربة صوب البطولة الليبية، وذلك لا يكون برفع الإستفهامات وعلامات التعجب، ولكن بالإقبال على المشهد الكروي الإحترافي الوطني، لإنجاز تقرير موضوعي بانتكاساته ورهاناته والقطع مع كل ما يصيبه بالضعف والضحالة.