وصل باريس سان جيرمان بطل أوروبا إلى كأس العالم للأندية لكرة القدم، يحدوه الأمل في التتويج باللقب، لكن الهزيمة أمام بوطافوغو، يوم الجمعة، أظهرت أن هذه النسخة ستشكل تحدياً كبيراً لهم. وخسر بطل فرنسا 1 - صفر أمام بوطافوغو بطل البرازيل على ملعب روز بول في باسادينا، وهي النتيجة التي أشعلت المنافسة في المجموعة الثانية، وأثرت سلباً على الحالة المزاجية في معسكر سان جيرمان بعد فوزه الكبير 4 - صفر على أتلتيكو مدريد في المباراة الافتتاحية.
وقال ديزري دووي، الذي سجل هدفين في فوز سان جيرمان الساحق 5 - صفر على إنتر ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا الشهر الماضي، إن الفشل في استغلال الفرص التي أتيحت لهم كلفهم الكثير. وقال لاعب الوسط الهجومي: «افتقرنا للفاعلية. أتيح لنا العديد من الفرص. سددوا فقط مرتين أو ثلاثاً، وسجلوا. كانوا أكثر فاعلية أمام مرمانا».
وكشف نهج بوطافوغو الشرس وخطوطه المتقاربة عن علامات الإرهاق في صفوف سان جيرمان بعد موسم طويل في كرة القدم المحلية والأوروبية. وعدلوا جدولهم في كاليفورنيا للسماح للاعبين بالحصول على فترة راحة بعد الظهر للتعافي بين جلسات التدريب. وأجرى المدرب لويس إنريكي تغييرات على تشكيلته، إذ بدأ المباراة من دون لاعبيه الأساسيين جواو نيفيش ونونو منديش وفابيان رويز وماركينيوس، الذين شاركوا بعد الاستراحة بحثاً عن الفاعلية.
لكن حتى مع التعزيزات، فشل سان جيرمان في اختراق دفاع بوطافوغو المتماسك. وجاءت اللحظة الحاسمة في الدقيقة 36 عندما سدد إيغور جيزوس كرة قوية سكنت شباك جيانلويجي دوناروما. ولم يبحث لويس إنريكي عن أعذار، وأشاد بأبطال «كوبا ليبرطادوريس» على نهجهم.
وقال المدرب الإسباني: «كان بوطافوغو أفضل فريق دفاعي واجهناه طوال الموسم، سواء في الدوري أو في عصبة أبطال أوروبا. كانوا رائعين. كانوا ببساطة أكثر فاعلية وخطورة في الهجمات المرتدة. سجلوا هدفاً رائعاً عن طريق جيزوس، وهذا منحهم دفعة معنوية حقيقية. لم نخلق الفرص التي اعتدنا عليها. نحن معتادون على اللعب أمام الفرق التي تدافع بعمق، ولكن في هذه الحالة من الصعب دائماً اختراق دفاع منافس، نجح بوطافوغو في ذلك بشكل رائع، وأهنئهم».
ورغم سيطرة سان جيرمان على الكرة لفترات طويلة فإنه افتقر للشراسة المعتادة، وقال دوي إن الهزيمة يجب أن تكون رسالة تحذيرية لهم. وأوضح: «رفعنا مستوى أدائنا في المواجهات الثنائية، لكن الفاعلية كانت غائبة اليوم. يجب أن تساعدنا هذه المباراة في العودة. لم ينتهِ أي شيء بعد، لدينا مباراة أخرى وسنفوز بها». ويواجه سان جيرمان فريق سياتل ساوندرز في مباراته الأخيرة بدور المجموعات يوم الاثنين المقبل، ولم يتوقع لويس إنريكي أن تصبح الأمور أسهل. وأضاف: «إنها بطولة صعبة للغاية. كل مباراة ستكون هكذا».
والحقيقة التي بدت واضحة أن هيمنة أوروبا المستمرة منذ 13 عاماً على المنافسات الدولية انتهت عندما تغلب إنتر ميامي الأميركي على بورطو 2 - 1، وتغلب بوطافوغو 1 - صفر على سان جيرمان بطل عصبة أبطال أوروبا في كأس العالم الموسعة للأندية لكرة القدم. وسجل ليونيل ميسي هدفاً مذهلاً من ضربة حرة منحت إنتر ميامي الفوز بعد أن عوض تأخره بهدف أمام الفريق البرتغالي، فيما قدم بوطافوغو بطل أميركا الجنوبية أداء منضبطاً ليتفوق على سان جيرمان.
وشكلت هذه النتائج تحولاً كبيراً في مسابقة كانت تهيمن عليها الأندية الأوروبية تاريخياً، إذ يرجع آخر فوز غير أوروبي لعام 2012، حين تغلب كورينثيانز البرازيلي على تشيلسي في نهائي كأس العالم للأندية. وكان انتصار بوطافوغو مذهلاً بشكل خاص. واستعد بطل البرازيل جيداً للمسابقة بعدما وصل إلى الولايات المتحدة قبلها بعدة أسابيع وأقام معسكراً مكثفاً في لوس أنجلس. وكان هذا على النقيض تماماً من جدولهم المرهق في دجنبر (كانون الأول) الماضي، عندما اضطروا لخوض الجولة الختامية من البطولة البرازيلية قبل السفر لقطر للمشاركة في كأس القارات مع أقل من 72 ساعة للتعافي.
وقدم بوطافوغو أداء تكتيكياً بارعاً في مواجهته أمام سان جيرمان. وتسبب نهجهم الدفاعي وخطوطهم المتقاربة في إحباط أبطال فرنسا، الذين استحوذوا على أغلب دقائق اللعب، لكنهم واجهوا صعوبة في خلق فرص حقيقية. وقال البرتغالي ريناطو بايفا مدرب بوطافوغو: «مقبرة كرة القدم مليئة بما يسمى المرشحين المفضلين». وكان انضباط فريقه وهدوئه واضحين طوال المباراة إذ أحبطوا هجمات سان جيرمان، واستغلوا فرصة نادرة لتحقيق الانتصار، وسجلوا هدف الفوز من هجمة مرتدة سريعة بقيادة المهاجم جيسوس في الشوط الأول.
وأظهر إنتر ميامي مرونة كبيرة في مباراته أمام بورطو. وبعد أن تأخروا بهدف، نجحوا في العودة بفضل تألق ميسي، إذ سجل المهاجم الأرجنتيني ضربة حرة رائعة سكنت الزاوية العليا ليحسم عودة الفريق. وعلى الرغم من أن بورتو عانى من أحد أسوأ مواسمه منذ سنوات، فإن الفوز كان بمثابة رسالة مهمة من الفريق المنتمي للدوري الأميركي في المحافل العالمية.
وتبدو النتائج كأنها تؤكد التحول الكبير في كأس العالم للأندية، إذ تستفيد الفرق غير الأوروبية من التحضيرات الجيدة والجدول الزمني الأفضل. وفي حال فوز فريق غير أوروبي بلقب مونديال الأندية، فإن ذلك من شأنه أن يضعف قبضة أوروبا على المسابقة، ويظهر للفرق الأخرى من مختلف أنحاء العالم أنها ليس لديها ما تخشاه من فرق النخبة الممثلة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا).
إضافة تعليق جديد