كل موسم يتكرر نفس السيناريو من خلال تواعد الغريمين في سوق الإنتقالات سواء الصيفية أو الشتوية مع تعاقدات أغلبها ينتهي قبل الأوان وبنفس صيغ الطلاق الكلاسيكية مع أداء قيم مالية نظير إنهاء علاقة لا يكتب لها النجاح.
في المتابعة التالية نرصد لحالات الإسهال المفرط والمزمن لتعاقدات الرجاء والوداد مع لاعبين أجانب لا يجري التدقيق بشأن استحقاقهم وهويتهم قبل التفكير في استقطابهم.
نرصد كلفة الإنفصال ومسببات الطلاق وتأثير إنهاء العلاقة التعاقدية بتداعياتها الكبيرة على توازن واستقرار الغريمين.

 

التكوين لم يعد صناعة الغريمين
من يتحدث عن الوداد والرجاء يتحدث بالضرورة عن التكوين، وعن مدرستين قائمتي الذات وعن مشتل لا يفتر ولا ينتهي من تفريخ المواهب وتكوين لاعبين من المستوى العالي.
الوداد والرجاء ارتبطا ومنذ تأسيسهما بمنح الفرصة لأبناء الحواري بالدار البيضاء وللمواهب التي كان يتم استقطابها من طرف كشافة وعيون خبيرة ومختصين وإعادة تأهيلها وصقل موهبتها ومنحها فرصة حمل قميص الفريق الأول بعد اختمار التجربة ونضج العظم.
التكوين الذي اشتهرا به قطبا الدار البيضاء كان واحدا من عناصر الإحتفاظ بالهوية ومنح أسلوب الأداء الطابع الجمالي الذي عرف بهما خارج المغرب وأكسبهما التقدير والإعجاب.
اليوم ما عاد التكوين يحضر ضمن أولويات الفريقين، وما عاد هذا الورش يغري مسؤولي الفريقين والذين غيروا من سياستهم وقرروا التوجه صوب سياسة الجاهز واللاعب صاحب الخبرة أو البضاعة المستهلكة بتعبير أدق.
سخاء أم سذاجة والوكلاء يربحون؟
لا يمكن أن ننحو باللائمة ونحن نتعقب آثار التعاقدات المخيبة والكارثية لفريقي الوداد والرجاء مع اللاعبين الأجانب على المدربين الذين يتم التعاقد معهم أو استقطابهم، بل على المكتب المسير للفريقي،ن وفي المقدمة رئيسا الناديين لأن العارفين بخبايا الأمور مدركون أن الإبل تورد داخل الغريمين بقرارات رئيسيهما في مقام أول.
وبدا الأمر مثيرا وجالبا لكثير من الحيرة أن يتعرض أكبر فريقين بالمغرب لمقالب مسترسلة ومتكررة من طرف وكلاء أعمال لاعبين أفارقة يتم تقديمهم على أنهم نجوما كبارا وتؤكد الوقائع اللاحقة أنهم لاعبي صف ثالث لا يصلحون لحمل قميصي الغريمين ولا تحمل ضغوطات أنصارهما.
في الإسهال المرافق لتعاقدات الوداد والرجاء مع اللاعبين الأجانب والطريقة التي يتم من خلالها الإرتباط والعودة بعدها بفترة قصيرة لإعلان الإنفصال والطلاق، يبرز مستفيد واحد وأوحد وهم وكلاء أعمال هؤلاء اللاعبين والذين يربحون في الأمرين والسياقين معا من خلال استخلاص العمولة والظفر بكعكة النسبة ولا يهم إن حظيت البضاعة التي عرضوها بمعرض الفريقين بفرصة المشاركة أم رحلت حتى من دون خوض نزال واحد.
الرجاء سدد فاتورة طلاق غالية
يعتبر الرجاء البيضاوي أكثر الفرق الوطنية إنفاقا فيما يخص فك الإرتباط باللاعبين والفريق الأكثر أداء للشرط الجزائي للاعبين الذين تم التعاقد معهم.
فخلال فترة رئاسة بودريقة بلغ عدد اللاعبين الذين تم تسريحهم قبل الأوان أو أولئك الذين فك الفريق ارتباطه بهم قبل نهاية الفترة الزمنية المتاحة والمتفق عليها أكثر من 43 لاعبا من بينهم 11 لاعبا أجنبيا، وهو رقم مهول وعدد لاعبين يبرز أن الفريق غير موفق بالمرة على مستوى ضم الجواهر الناذرة من القارة السمراء.
هذا الموسم كان شاهدا على إنهاء الرجاء علاقته باللاعبين مابيدي وكوكو وبعدهما الغاني أساموا ناتالين وتواجد ياكوبو على خط الإنطلاق دون الحديث عن الخلاف الذي انطلق بداية الموسم مع اللاعب النيجيري أوساغونا.
فاتورة طلاق غالية وكلفة باهظة عرت عن واقع خطير بعض الشيء، لأن تكرار هذا النوع من الأخطاء التعاقدية كل موسم داخل فريق مهيكل من طينة الرجاء، هو في واقع الأمر وضع ليس بالعادي ووضع يؤكد أن خللا ما يوجد داخل الفريق وتوجد جهات ما تستفيد منه وتقتات على هذا النوع من الأخطاء التدبيرية، وهو الأمر الذي حاول رئيس الرجاء مؤخرا لفت الإنتباه إليه من خلال تأكيده أن سياسة الفريق المقبلة ستتغير ولن يكون هناك أي توجه للإرتباط بالأجانب ما لم يكن محاطا بدراسة شمولية عميقة وقوية.
حيرة ما بعد إيفونا
أن يتوفر بطل المغرب حاليا على فائض لاعبين أجانب يتعدى الكوطة المسموح بها والعدد الذي حددته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بتوفر كل فريق على حق استقطاب 4 لاعبين لا غير، فهو وحده يعكس أن كرة القدم المغربية تعاني خللا مزمنا، لكون الوداد كما الرجاء يفترض فيهما أن يشكلا المرجع والنموذج والفريقين المؤشران على حسن التدبير خاصة لنظام العقود.
الوداد يتفوق على الفرق المغربية كونه استفاد من عائدات بيع لاعبيه الأفارقة وبمبالغ خرافية بعد ضمهم بأسعار زهيدة، مثل الإيفواريين غوصو غوصو وبوبلي أندرسون وآخرهم الغابوني ماليك إيفونا.
ولئن كان الوداد قد غنم الكثير من وراء هاته الصفقات إلا أن الواقع يلخص أنه ومنذ رحيل إيفونا وهو يعاني، بدليل الصعوبات الجمة التي رافقت الإنفصال عن كل من مختار سيسي والبنيني نانا بادارو وقبلهما ضم الزامبي كاتيبي وتسريحهم جميعا.
الوداد سيكون مجبرا الصيف المقبل على التخلص من 3 لاعبين على أقل تقدير للإحتفاظ بـ 4 أجانب، أما إن هو فكر في ضم لاعبين أفارقة آخرين فإن الإشكال سيتفاقم وسيكون لزاما عليه البحث عن حلول لتصريف الفائض ولربما إضطر لأداء قيم مالية مرتفعة للتخلص منهم.
كرول تبرأ وطوشاك صامت
فجر المدرب الهولندي رود كرول قنبلة من العيار الثقيل وأكد في تصريحات مثيرة له أنه لم يكن في يوم من الأيام مسؤولا عن التعاقدات داخل الرجاء ولا هو كان مسؤولا عن تجريب كل ذلك الكم الهائل من الأفارقة الذين تواردوا تباعا على مركب الوازيس.
رود كرول قال بالحرف أنه كان مسؤولا عن التعاقد مع لاعبين فقط والبقية لم يحدد من ضمها ولا من هو مسؤول عن استقطابها، وفي ذلك تناقض غريب سيما وأن كرول وبتاريخه الكبير والحافل كان يفترض أن يتصدى لضم أي لاعب لا يدخل في صلب الخطة والإختصاص.
بخلاف كرول الذي رمى بالكرة لمعترك بودريقة قبل أن يرد عليه الأخير ويتبرأ من كل التعاقدات ويصرح لـ «المنتخب» أنها كانت بوحي وتأشير من رود كرول، فقد لزم جون طوشاك الصمت ولم يبادر للرد ولا حتى التوضيح سيما وكونه لم يشرك كما كبيرا من اللاعبين الذين كان رئيس الفريق يوقع معهم.
آخرهم ابراهيم البحري وقبله الشافني وبينهما إدعبد الحي وغوسطافو وآخرون ممن كلفوا الوداد مبالغ طائلة وجرى تسريحهم وفك ارتباطاتهم حتى من دون خوض مباراة واحدة، والسؤال  المحير، أي دور لطوشاك في المعادلة؟
هكذا أساء الغريمان ملف تدبير التعاقدات مع لاعبين أجانب وهكذا أخلف الغريمان الوعد مع العقود المنتجة والناجعة بكل ما رافق الأمر من سداد لفاتورة طلاق وانفصال باهظة.