ومرة أخرى تنقذ ألعاب القوى ماء وجه الرياضة المغربية في الألعاب الأولمبية من خلال نحاسيتي صلاح حيسو في10 آلاف م بعد منافسة شرسة مع العداء الأسطورة الإثيوبي هايلي جبرسلاسي والكيني بول تيرغات ، وخالد بولامي في5000 م ، فيما كان حظ هشام الكروج عاثرا إثر سقطته الشهيرة قبل خط النهاية بأربعمائة متر وكان وقتها من أقوى المرشحين للظفر بذهبية 1500 م.

وفي دورة سيدني التي شارك فيها المغرب بثمانية أنواع رياضية وهي ألعاب القوى وكرة القدم والزوارق الشراعية والتنس والتكواندو والجيدو والسباحة وقوارب الكاياك ارتفعت الحصيلة إلى خمس ميداليات، فضية واحدة نالها الكروج في1500 م بعدما تفوق عليه أرنبه السابق الكيني نواه نغيني، وأربع نحاسيات أحرزها كل من علي الزين في3000 م موانع وإبراهيم لحلافي في5000 م ونزهة بيدوان في400 م حواجز والطاهر التمسماني في الملاكمة.

كما تألق في الدورة كريم العلمي الذي بلغ دور ربع نهاية مسابقة التنس لكنه انهزم في نصف النهاية أمام السويسري روجي فيدرير الذي سيتربع على عرش التنس العالمي سنوات عدة. وفي عاصمة الإغريق أثينا سجل هشام الكروج إنجازا تاريخيا بتتويجه المزدوج بطلا أولمبيا وبات ثاني عداء في التاريخ يفوز بذهبيتي 1500م و5000م في دورة واحدة بعد العداء الفنلندي الشهير بافو نورمي عام 1924 في دورة باريس ليعزف النشيد الوطني مرتين ويرفع العلم المغربي خفاقا في سماء أثينا.

ودون إنجاز هشام الكروج الاستثنائي بمداد الفخر و الاعتزاز في سجلات الأولمبياد الناصعة وهو الحلم الذي تحقق بعد مخاض عسير وفترة انتظار طال أمدها بعدما محت دموع الفرح في أثينا دموع الخيبة والانكسار في أتلانتا وسيدني .

وتعزز هذا العقد الفريد بفضية سباق 800م التي أحرزتها حسناء بنحسي . وكانت ميداليتها الفضية بحق بطعم الذهب لتصبح ثالث عداءة مغربية تصعد لمنصة التتويج بعد نوال المتوكل ونزهة بيدوان، وهي أفضل حصيلة على الإطلاق في تاريخ المشاركة المغربية في الألعاب الأولمبية مما جعل المغرب يحتل المركز 36 في سبورة الميداليات.

ولم تكن المشاركة المغربية في أولمبياد بكين 2008 في مستوى التطلعات إذ كانت أم الرياضات مرة أخرى هي المنقذ ، بإحرازها ميداليتين، فضية بواسطة جواد غريب في الماراطون الذي نال لقبه العالمي مرتين متتاليتين (2003 و2005)، ونحاسية بفضل حسناء بنحسي في سباق 800م، مع العلم أن المغرب شارك في سبعة أنواع رياضية وبوفد ضم 48 رياضيا.

وفي أولمبياد لندن 2012 أبانت الرياضة المغربية عن محدوديتها ووقعت على واحدة من أسوأ مشاركاتها باكتفائها بميدالية برونزية يتيمة جادت بها قدما العداء عبد العاطي إيكدير.

وكانت الخيبة مريرة في لندن حيث شارك المغرب بأكبر وفد رياضي في التاريخ في 12 نوعا رياضيا،خاصة وأن الدولة وفرت الموارد المالية الضرورية ووضعت برنامجا لإعداد ومتابعة الرياضيين من المستوى العالي.

وقبل انطلاق الأولمبياد اللندني تلقت الرياضة المغربية صفعتين موجعتين بعد استبعاد اثنين من العدائين المغاربة المعول عليهم للصعود لمنصة التتويج، من طرف الإتحاد الدولي لألعاب القوى بسبب تعاطيهما لمواد منشطة محظورة ،وهما مريم العلوي السلسولي، وصيفة بطلة العالم في 1500م داخل القاعة، وأمين لعلو، الفائز بلقب 1500م ضمن منافسات كأس العالم لعام 2010 في سلبيت .

ولم تكن كرة القدم الوطنية أفضل حالا من باقي الرياضات التي لم تعرف طريقها إلى منصة التتويج حيث خرج المنتخب الأولمبي المغربي من الدور الأول للمسابقة بعد انهزامه أمام منتخب اليابان (0-1) وتعادله مع منتخبي هوندوراس (2-2) وإسبانيا (0-0) ليبقى أفضل إنجاز للأولمبيين في سبع مشاركات بلوغهم الدور الثاني في دورة ميونيخ 1972.

فمن أصل ال 20 نوعا رياضيا التي سبق للمغرب أن شارك بها في دورات الألعاب الأولمبية نوعان فقط حصدا 22 ميدالية، 19 لألعاب القوى منها ست ذهبيات وخمس فضيات وثمان نحاسيات فضلا عن ثلاث نحاسيات للملاكمة.

كما تبقى ألعاب القوى الرياضة الوحيدة التي كانت حاضرة في جميع الدورات الأولمبية، بينما شاركت بعض الرياضات أكثر من مرة، لكن نتائجها كانت تتراوح ما بين الطيبة والهزيلة بشكل يثير مشاعر أسف وأحيانا خجل الجمهور المغربي الذي يرى بكل حسرة رياضيين من بلدان لا ترى على الخريطة بالعين المجردة يصعدون لمنصات التتويج .

والمؤمل أن يطلق الجمهور المغربي في أولمبياد ريو دي جانيرو العنان للأفراح احتفالا بتتويج أكثر من رياضي ورياضية ولم لا في أنواع رياضية أخرى من غير ألعاب القوى والملاكمة كالفروسية التي تمثل لأول مرة في تاريخ المشاركات المغربية.