لم يكن أحد ليراهن على فريق إتحاد طنجة في موسمه الهلامي والخيالي ليكون بطلا سيما بعد البداية المرتعشة والمتواضعة التي وضعته في  أسفل الترتيب وفرضت حالة طوارئ داخل النادي وتدخل استعجالي بقرار شجاع وجريئ تمثل في إقالة الزاكي بادو والتعاقد مع ابن الفريق ادريس لمرابط.
قٍرار كان فارقا على مستوى مستقبل الفريق والذي سيقبض في نهاية المطاف على اللقب الأول وباستحقاق كبير.
الزاكي كشف النوايا
شكل تعاقد الفريق مع الزاكي بادو العائد من تجربة ناجحة من الجزائر إحدى أكبر الإشارات على أن الفريق بصد التخطيط لما هو أكبر من مجرد الظهور و التنشيط والإكتفاء بأدوار ثانوية في البطولة.
الطلاق مع بن شيخة في مرحلة ما والتوجه صوب الزاكي ليكون الخيار المثالي للفريق اعتبر إيذانا برغبة مكونات فارس البوغاز في أن يكونوا من أرقام الموسم الصعبة و من علامات البطولة في سابع نسخها الإحترافية.
ورغم أن سجل الزاكي ليس بالحافل ولا الكبير على مستوى أرقام التتويج محليا إلا ان شخصية المدرب وتاريخه الذي يجره خلفه إعتبر كشفا صريحا بنوايا ممثلي الفريق الأزرق في أن يوقوا على موسم إستثنائي.
الرياح تعاند الرغبة
ورغم بدايته الواثقة والكبيرة من خارج القواعد بعدما حقق انتصارا صريحا على النهضة البركانية بثلاثية الأمر الذي إعتبر رسالة صريحة من الإتحاد لبقية المنافسين والخصوم إلا أن الرياح ستعاند الإرادة والرغبة وما خطط له القيمون على شؤون النادي.
وخلافا للمواسم السابقة وبعد أن تقوت مناعة عبد الحميد أبرشان ومن يرافقه في تسيير شؤون النادي، فإن رئيس الإتحاد جعل من محطة الثلث الأول للبطولة فترة للتقييم ومرحلة للمحاسبة وبمنتهى الجرأة.
تواجد الإتحاد في مرتبة متدنية عكس ما تم التخطيط له وغرق الفريق في وحل من النتائج السلبية سيدفع إدارة الفريق لإتخاذ قرار شجاع وغير متوقع وهو إعلان الإنفصال مع الزاكي لإنهاء النزيف و وقفه مبكرا.
مطرب الحي هو الحل
هذه المرة وعلى عكس التفكير في الأسماء الرنانة من ذوي الخبرة والتجربة كما كان الأمر مع الجزائري عبد الحق بن شيخة ومع الزاكي بادو، كان لإدارة النادي توجه مغاير ومخالف للطبعات والقرارات السابقة تمثل في منح الثقة لمدرب واعد صحيح لا يملك خبرة بالبطولة، لكنه راكم من التجارب في مجال التدريب الشيء الكثير عربيا ويحمل لقبا في جيبه تحصل عليه بعمان وهو ابن النادي ادريس لمرابط.
التفكير في لمرابط جاء لكون ابن النادي وابن الفريق ظل قريبا من اللاعبين في الفترة السابقة و على اطلاع بأسرار المطبخ الداخلي وبيت الإتحاد ويملك أفكارا وأسرارا ستساهم في ربح الكثير من الوقت.
ولم يمن أبدا حين اختار أبرشان لمرابط مدربا أن يكون الهدف هو التتويج بقدر ما كان الزواج مع مطرب الحي أساسه هو إعادة الثقة للمجموعة ووضع قطار الفريق على سكته الصحيحة ليخرج من نفق النتائج المظلمة.
سلسلة ذهبية وصعود صاروخي
وكما هو وضع العديد من الفرق بالبطولة والتي تتحسن نتائجها على نحو لافت وكبير، فإن اتحاد طنجة سار في نفس الفلك والإتجاه مباشرة بعد التعاقد مع لمرابط اذ خرج الفريق سريعا من ورطة النتائج السلبية واستعاد نغمة الإنتصارات وليتحصل وعلى عكس كل التوقعات على 8 انتصارات متتالية كافضل سلسلة في البطولة منذ تطبيق الإحتراف بل تحصل على 28 نقطة من أصل 30 ممكنة وهو ما صعد بالفريق عاليا وجعله يطل على الصدارة .
الديكليك الذي حمله معه ادريس لمرابط سينعكس على المجموعة التي إستعادت أهم مقوم غاب عنها في فترة الزاكي وهو الثقة بالنفس، لنصبح أمام كومندو يفتقد للنجم الصريح لكنه يلعب بإيثار وروح جماعية مذهلة ستتسبب في كثير من المعاناة لبقية المنافسين.
معسكر إسبانيا
لم يطلب إدريس لمرابط لاعبين جدد في سوق الإنتقالات ولم يفرض مطالبه على إدارة الفريق، فقط ما إحتاجه كان حمل اللاعبين والمجموعة معه للخارج كواحد من الفرق القليلة إن لم يكن الفريق الوحيد الذي تنقل لإسبانيا من أجل التحضير لمرحلة الإياب.
وهنا اتضحت نوايا فارس البوغاز وعزمه الأكيد على التقدم في الترتيب والإيمان بحظوظه بعد أن زالت الدهشة ودخل الفريق فعليا أجواء الحسابات كواحد من الأطراف المعنية بالصدارة.
وبالفعل سيظهر اتحاد طنجة بمظهر الفريق القوي الذي لا يقهر ليعتلي الصدارة بداية من الجولة 17 وليقبض عليها حتى نهاية الموسم دون أن يبدي أية مرونة في التفريط فيها.
شك وتتويج تاريخي
شكلت الهزيمة أمام الجيش الملكي جرس إنذار طرق باب الفريق ونبهه لخطورة المنافسة خاصة تلك التي فرضها الوداد البيضاوي كبرت أحلامه وطموحاته وصار بدوره معنيا بمسالة التتويج التي شملت في مرحلة من المراحل 6 فرق كاملة,
الخسارة أمام الجيش والتعادل أمام الحسنية سيمثل بداية لمرحلة فراغ ستتواصل لاحقا بالخسارة بالميدان أمام الفتح  ثم خسارة بوادي زم وتعادلين على التوالي الأمر الذي سيفرض على الإتحاد الخروج سريعا من نفق الشك الذي حل في توقيت حاسم من الموسم وكاد يجهز على ما شيده الفريق في رمشة عين.
ولأن إتحاد طنجة كان يملك مصيره بين أقدام لاعبيه ولم يكن بحاجة لهدايا من أحد فقد كان لزاما عليه في آخر مبارتين أن يجمع 4 نقاط ليحقق الإنتصار أمام المغرب التطواني ويعفى من انتظار الجولة الأخيرة بعدما تواردت عليه أنباء سارة من آسفي تحمل تعثر الوداد وتعادله.
بهذا الشكل نجح اتحاد طنجة في التوقيع على الموسم الأروع في تاريخ حَضوره بالبطولة وليدخل نادي المتوجين من أوسع الأبواب وبمنتهى الإستحقاق.