ما الذي يدور في رأس عيسى حياتو؟
تنفيذية «الكاف» منقسمة على نفسها لأسباب «إلترا رياضية»
القوة القاهرة ستجعل الـمغرب يرفض اي عقوبة رياضية

يبدو أن الـمكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم لن يمهل نفسه مزيدا من الوقت للكشف عن طبيعة العقوبات الرياضية والغرامات المالية التي توعد بها المغرب بعد تمسكه بتأجيل النسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم بسبب ما إعتبره قوة قاهرة متمثلة في وباء «إيبولا»، والذي ترتب عنه قرارا صدر عن «الكاف» بترحيل هذه الكأس إلى غينيا الإستوائية، فما علمته «الـمنتخب» من مصادر عليمة أن المكتب التنفيذي للمنظمة الإفريقية سيجتمع يوم سادس فبراير بمالابو عاصمة غينيا الإستوائية قبل يومين من إسدال الستارة على النسخة الثلاثين لـ (الكان)، ليقرر بشأن العقوبات المالية والرياضية المنصوص عليها في النظام الأساسي لكأس إفريقيا للأمم.
وبرغم أن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم أنزل الشق الأول من العقوبة الرياضية بالمغرب موازاة مع قراره بترحيل النسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم إلى غينيا الإستوائية، باستبعاد الـمنتخب الوطني من هذه النهائيات التي كان متأهلا لها بوصفه البلد المستضيف، إلا أن هناك فاصلا ثانيا من العقوبات يتهدد الـمنتخب الوطني، إذ من غير المستبعد أن يحرم الـمنتخب الوطني من المشاركة في تصفيات النسخة 31 لكأس إفريقيا للأمم 2017 والتي سيكشف قريبا عن البلد الذي سيستضيفها، كما أنه سيكون معرضا لعقوبات مالية لا تقل عن مليون دولار كما هو مثبت في الفصل 34 المتعلق بالإنسحاب من نهائيات كأس إفريقيا للأمم وتحديدا في المادة 92 والتي تقول بالحرف، أنه في حال انسحاب أي بلد من تنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم 6 أشهر قبل إنطلاقتها، وهو ما يسري على المغرب، فإن العقوبة المالية تصل إلى مليون دولار بالإضافة إلى إصلاح وجبر كل الأضرار المعنوية والمالية التي يسببها هذا الإنسحاب للكونفدرالية الإفريقية وللمنتخبات المشاركة.
واحتاجت الإتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى وقت طويل ليبث بشكل نهائي في ملف المغرب، إذ برغم أنه تحجج بكونه إهتم في مقام أول بإنقاذ النسخة الثلاثين لكأس إفريقيا للأمم من الإلغاء والتي أصر المغرب على تأجيلها، حتى لا يسقط في سوابق ثقيلة تشجع على العصيان وحتى لا تتعرض علاقته مع الرعاة والمستشهرين إلى ضربة موجعة، إلا أن التأخر في الكشف عن العقوبات الرياضية والمالية على حد سواء والتي هي من مسؤولية اللجنة المنظمة لكأس إفريقيا للأمم، سببه أن المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم منقسم على نفسه بشأن طبيعة العقوبات، فبينما يقول بعض الأعضاء بضرورة إنزال عقوبات ثقيلة على المغرب لأنه إعتبر قرار الإنسحاب من التنظيم مهينا لــ (الكاف) وللأفارقة وهم منحدرون من دول لها عداء تقليدي للمغرب، يذهب البعض الآخر والمتصف بالحكمة إلى ضرورة تفهم موقف المغرب من إمعانه في طلب التأجيل وعدم إعتبار ذلك تملصا من التنظيم، وبالتالي لا يشجع على إنزال عقوبات ثقيلة ببلد لطالما أسدى خدمات جليلة لكرة القدم الإفريقية.
وتأكد لـ «الـمنتخب» أن السيد عيسى حياتو رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الذي كان قد إلتقى بفوزي لقجع رئيس الجامعة واستمع بإمعان لدفوعاته ووعد بنقل الصورة كاملة للأعضاء الذين لم يكونوا إلى جانبه وقتذاك، يوجد بين مطرقة أعضاء داخل اللجنة التنفيذية ينطقون بلسان رؤساء دولهم ويطالبون بتشديد العقوبات وبين سندان قناعته الراسخة بأن المغرب كما عرفه على الدوام ملتزم بتعهداته، وإن أمعن في طلب التأجيل فلأنه لم يكن على استعداد لفتح أي باب للمجازفة والمخاطرة.
ومن غير المستبعد أن يكون السيد عيسى حياتو رئيس (الكاف) قد وجه دعوة للسيد فوزي لقجع للحضور إلى مالابو كما وعد بذلك خلال آخر اجتماع بينهما يوم 22 دجنبر 2014 بالقاهرة بهدف تقديم المرافعة النهائية بحضور كل أعضاء اللجنة التنفيذية، قبل الإجتماع الحاسم ليوم سادس فبراير القادم الذي سيدل خلاله الستار على هذه القضية التي استهلكت بشكل كبير بل وظفت من قبل البعض للإساءة لكرة القدم الوطنية.
وسجلت «الـمنتخب» الدور الكبير الذي يقوم به كل المغاربة أعضاء اللجن العاملة داخل الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم والمتواجدون بغينيا الإستوائية للمساهمة في تنظيم النسخة 30 لـ (الكان)، من أجل رفع الكثير من اللبس والتصدي لحملات العداء والتشويش الموجهة للمغرب، بالتأكيد على أن المغرب هو من سعى بكامل إرادته لتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2015 ويشهد كل أعضاء اللجنة المنظمة لكأس إفريقيا للأمم من خلال زياراتهم المتعددة للمغرب أن الأخير سخر كل الإمكانيات من ملاعب رائعة للتباري والتدريب وفنادق فخمة ووسائل إتصال حديثة لينظم نسخة غير مسبوقة لكأس إفريقيا للأمم، وبالتالي لا حاجة للحديث عن نية مبيتة لإجهاض العرس الكروي الإفريقي.
وفي مقابل عدم وضوح الصورة وحتى المواقف داخل تنفيذية الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم للإعتبارات فوق الرياضية التي أشرت إليها، فإن المغرب المدافع دوما على عمقه الإفريقي وعلى مصداقيته الدولية والمؤمن إيمانا راسخا بالمبادئ الإنسانية التي قام عليها طلبه الأول والثاني القاضي بتأجيل نهائيات كأس إفريقيا للأمم من يناير 2015 إلى يناير 2016، يستعد للتعاطي مع العقوبات الرياضة والغرامات المالية التي ستصدر عن المنظمة الكروية الإفريقية، بما تمليه مصلحة الـمنتخب الوطني وبما يدعم الجانب الإنساني الذي إنبنى عليه قرار طلب التأجيل، فإذا كان للمغرب إستعداد تلقائي لرأب الصدع المالي الذي لحق بــ (الكاف) جراء النقل الإضطراري لــ (الكان) إلى غينيا الإستوائية والقبول المشروط بالغرامات المالية التي يحددها النظام الأساسي لكأس إفريقيا للأمم في مليون دولار، فإنه لن يكون له أي إستعداد لقبول عقوبات رياضية أخرى من قبيل حرمان الـمنتخب الوطني المغربي من المشاركة في تصفيات كأس إفريقيا للأمم لسنة 2017، وإن حدث ذلك فإن المغرب لن يتوانى من خلال الجامعة الملكية لكرة القدم، في استئناف أي عقوبة رياضية من أي طبيعة كانت، وإن لم ينصفه الإسئناف فإنه سيكون مضطرا للجوء إلى المحكمة الرياضية الدولية لإبطال مفعول العقوبة الرياضية، محتميا بكون النظام الأساسي لكأس إفريقيا للأمم الذي سيعتمد من قبل تنفيذية (الكاف)، لتوقيع العقوبات الرياضية والمالية يشير صراحة إلى عبارة «إنسحاب أو تراجع» بينما المغرب لم يقل صراحة لا برفضه ولا بانسحابه ولا بتراجعه عن تنظيم النسخة 30 لكأس إفريقيا للأمم، وإنما طلب من (الكاف) تأجيلها لوجود قوة قاهرة مبررة قانونا، وكما يمكن للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الحديث عن أضرار مالية لحقت بها ووجب جبرها، فإن المغرب على استعداد هو الآخر ليبرز الأضرار المالية والرياضية التي لحقت به جراء قرار (الكاف) بترحيل كأس إفريقيا للأمم 2015 إلى غينيا الإستوائية.
حالة من الترقب إذا تسود محيط تنفيذية (الكاف)، في انتظار ما سيؤول إليه إجتماع يوم السادس من فبراير بمالابو، وإذا كان هناك ما يؤكد أن (الكاف) وعلى رأسه عيسى حياتو لا يريد أن يفقد المغرب وهو العالم علم اليقين بصدقيته وبانتمائه لقارته الإفريقية الذي لا يقبل أي مساومات أو مزايدات، فإن المغرب أسمع للكل وبخاصة لعيسى حياتو أنه لا يقبل أبدا أن يلوى ذراعه من أي كان تحت أي ذريعة.    

بدرالدين الإدريسي