• جيل مونديال 2005 لم يتم تأطيره بالشكل الصحيح
وجه الإطار التقني الوطني فتحي جمال، مدير التطوير التقني في الجامعة الملكية لكرة القدم، رسالة إلى الإطار التقني محمد وهبي مدرب المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، ومن خلاله لكل لاعبي المنتخب الوطني المقبل على حدث تاريخي، متمثل في خوضه ليلة اليوم الأحد نهائي كأس العالم.
ومن خلال حوار له مع موقع الفيفا، حرص الإطار الوطني فتحي جمال، أول مدرب مغربي، يقود فريقا مغربيا للعب نصف نهائي كأس العالم، قدم فتحي جمال كشفا تقنيا للوصفة التي مكنت المنتخبات المغربية من الوصول للقمم العالمية.
وهذا نص الحوار الذي خص به فتحي جمال موقع الفيفا:
يعتبر فتحي جمال من أفضل المدربين في المغرب، ليس فقط بسبب إنجازه في مونديال هولندا للشباب سنة 2005، بل لأنه اكتشف العديد من الأسماء المميزة، وقاد جميع الأندية التي دربها إلى تقديم كرة جميلة و ممتعة.
في هذا الحوار الخاص مع الفيفا يستعيد فتحي جمال ذكرياته مع جيل 2005، ويقيّم مشوار المنتخب الحالي، مُوجّهًا رسالة خاصة للمدرب محمد وهبي ولاعبيه قبل المباراة النهائية المرتقبة.
الفيفا: ما هي أوجه التشابه والاختلاف بين جيل 2025 وجيل 2005؟
فتحي جمال: الجانب المشترك بين جيل تشيلي 2025 وجيل هولندا 2005 هو حب اللاعبين للوطن ورغبتهم الصادقة في تمثيله بأفضل صورة. كلا الجيلين يتمتعان بشغفٍ كبير وعزيمة على النجاح، ولديهما موهبة واضحة وقدرة على تقديم مستوىً عالٍ على أرض الملعب. أما الاختلاف فيتمثل في النضج والتنظيم. جيل 2005 كان موهوبًا جدًا، لكنه افتقر إلى التوجيه والمرافقة الكافية، وكان بعض اللاعبين يتأثرون بالضغط الإعلامي أو يختارون مسارات احترافية غير مناسبة. بينما جيل تشيلي 2025 يأتي في بيئة أفضل من حيث الإعداد والتكوين، مع أكاديميات قوية وبرامج تطوير واضحة، إضافة إلى إدارة تقنية متمكنة ومرافقة مستمرة من المدربين والإداريين.
• ما الذي جعل جيل 2005 لا يبرز في صفوف المنتخب الأول؟ لماذا لم نرَ أسماء كثيرة تُواصل مسيرتها على أعلى مستوى؟
فتحي جمال: هذا هو الهاجس الذي راودني بعد نهاية مشاركة ذلك الجيل في مونديال 2005، لأن هؤلاء اللاعبين كانوا يحتاجون إلى مرافقة وتأطير حقيقي بعد البطولة. كانوا شبابًا موهوبين، لكنهم افتقروا إلى النضج والتوجيه، وهذا ما جعل عددًا كبيرًا منهم لا يصل إلى المستوى العالي.
أتذكر أنه في تلك الفترة كان هناك اهتمام إعلامي كبير، والصحافة قامت بدورها، لكن بعض اللاعبين لم يتعاملوا مع هذا الاهتمام بعقلانية، في ذلك الوقت كان هناك بعض الطيش. كما أن الأندية، لم تُحسن الاعتناء بهم أو تأطيرهم بالشكل المطلوب. كثير منهم لم يجدوا من يوجههم نحو الطريق الصحيح.
على سبيل المثال، بعض اللاعبين اتخذوا قرارات غير صائبة في مسارهم الاحترافي، كمن اختاروا الانتقال إلى أندية كبيرة لم تمنحهم فرص اللعب الكافية، مثل نبيل الزهر الذي انتقل إلى ليفربول بعد المونديال ولم يحصل على دقائق كافية، وهو ما أثر سلبًا على تطوره.
أما الذين بقوا في المغرب، فقد واجهوا بدورهم صعوبات لأن أنديتهم لم تمنحهم فرص المشاركة، ما جعل عددًا قليلًا فقط يتمكن من بناء مسيرة كروية ناجحة. في رأيي، غياب التأطير السليم بعد البطولة، إضافة إلى ضعف التسيير الرياضي في الأندية، كان السبب الرئيس في ضياع جيل موهوب كان قادرًا على تقديم الكثير لكرة القدم الوطنية.
• أنت حاليًا مدير التطوير التقني داخل الجامعة الملكية لكرة القدم. ما رأيك في مستوى التكوين بالمغرب؟
فتحي جمال: اليوم هناك تطور كبير وملموس على مستوى تطوير كرة القدم في المغرب، على جميع المستويات، سواء بالنسبة للرجال أو النساء أو الفتيات. أعتقد أنني عادة لا أحب إعطاء نظرة شخصية، ولكن يجب الاعتراف بأن السيد الرئيس فوزي لقجع هو من كان وراء الإيمان بتطوير كرة القدم، وهو من وضع الاستراتيجية لهذا العمل، واليوم نرى نتائجها على جميع المستويات.
منذ سنة 2021، بدأت الإنجازات تتوالى، سواء على مستوى الذكور أو الإناث، لأن العمل بدأ قبل ذلك بقليل. لكن على مستوى التطوير، منذ عام 2021، ظهرت دينامية كبيرة ونتائج مشرفة، واليوم نرى ثمارها على مستوى المنتخبات: أقل من 17 سنة، أقل من 20 سنة، أقل من 23 سنة، المنتخب الأولمبي، المنتخب المحلي، والمنتخب الأول الذي يحتل اليوم المرتبة 12 عالميًا، وبلغ نصف نهائي كأس العالم، محتلًا المركز الرابع، وهو إنجاز تاريخي.
بالنسبة للتطوير، لا يمكن أن نغفل الدور الكبير الذي قامت به أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي كانت سباقة في هذا المجال، وقام المسؤولون عنها بعمل متميز مع فئة الشباب. اليوم لدينا أيضًا أكاديميات أخرى قوية، مثل الجيش الملكي، الفتح الرباطي، ونهضة بركان، وهي من بين الأندية التي انخرطت بجدية في هذا التوجه. كما لدينا برنامج وطني لتطوير اللاعبين الناشئين داخل الأندية، يشمل 14 ناديًا، إضافة إلى مراكز التكوين الفدرالية.
حاليًا لدينا أربعة مراكز تابعة للجامعة في المغرب: واحد في سلا، واحد في الدار البيضاء، واحد في بنجرير، وواحد في العيون. ولدينا كذلك منتخبات ناشئة تبشر بالخير، مثل منتخب مواليد 2011 (أقل من 15 سنة)، ومنتخب 2010 (أقل من 16 سنة)، ومنتخب 2009 (17 سنة).
كما لا يجب أن ننسى المجهود الكبير الذي يقوم به المغاربة المقيمون في أوروبا، الذين يساعدوننا في اكتشاف المواهب هناك، بالتعاون مع المؤسسات المختصة، وهو عمل جبار يُشكرون عليه.
• ما هو تقييمك لمشوار منتخب تحت 20 سنة في تشيلي؟ هل كنت واثقًا من وصولهم إلى النهائي؟
فتحي جمال: هو مشوار مشرف للغاية، وبالنسبة لي لم يكن صدفة. كنت من بين الذين واكبوا هذا المنتخب منذ البداية، وكنت متفائلًا بأنه سيقدم مستوى كبيرًا في كأس العالم، رغم خيبة الأمل السابقة في كأس إفريقيا بالقاهرة، حيث لم يظهر المنتخب بالمستوى المنتظر وكان قادرًا على التتويج.
لكنني كنت واثقًا أنهم سيتداركون الأمر في كأس العالم، وهذا ما حصل فعلًا، حيث قدموا أداءً رائعًا وبلغوا النهائي بفضل عمل جماعي متميز، تحت إشراف الإطار الوطني محمد وهبي، الذي يستحق كل التقدير.
• ما هي رسالتك إلى المدرب محمد وهبي ولاعبيه قبل مواجهة الأرجنتين؟
فتحي جمال: رسالتي هي أن يحافظوا على هدوئهم وتركيزهم كما فعلوا منذ بداية البطولة، لأن الإيمان بقدراتهم كبير، وأتمنى لهم التوفيق إن شاء الله لتحقيق الكأس وكتابة صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم المغربية.
• أخيرًا؛ هل تعتقد بأن هناك لاعبين من هذه الفئة يستحقون اللعب مع المنتخب الأول في كأس العالم 26؟
فتحي جمال: أعتقد أن هناك أسماء من هذا الجيل قادرة على الالتحاق بالمنتخب الأول مستقبلًا، لكن يجب أن نكون موضوعيين، فهم ما زالوا صغارًا وأمامهم مشوار طويل للنضج والتطور. الهدف الأساسي هو أن نرى عددًا كبيرًا منهم يمثل المنتخب الأول بحلول كأس العالم 2030، وأنا واثق بإذن الله أن ذلك سيتحقق.
إضافة تعليق جديد