الوداد ذهب لا يصدأ حنينه للألقاب حقيقة وليس ارتياب
ملحمة إستعادة الفرسان لأغلى صولجان 
لا جديد يا سادة الفارس بطل كالعادة

وداد الأمة أو وداد الألقاب.. وحتى قلعة الكؤوس لا تهم الأوصاف ولا حتى التسميات مادامت جميعها تقود لحقيقة واحدة وهي أننا بحضرة فريق خاص وخاص جدا بينه وبين البوديوم قصة عشق لم تتأثر بمرور الزمن.
الوداد عاد إليكم من جديد، بلقبه رقم 18 الذي مثل لأنصاره الحلم الذي طال انتظاره والدرع الأول على عهد الإحتراف الذي تساوى به مع الغريم التقليدي.
موسم الوداد الـملحمي لم يكن كله مفروشا بالورود والرياحين، طريقه صوب اللقب صادف منعرجات ومطبات، وعديد الـمفاجآت الأخرى التي عبرها الفريق باقتدار.
في الرصد التالي نعيد كتابة مشهد التتويج ومفاتيحه والإكراهات التي كادت تنسف الحلم وحقيقة الوصال مع الألقاب التي عادت لتفتح شهية سيد الكرة الوطنية لإلتهام البقية..
الصيف صانت اللبن
ما إن إنتهى موسم الوداد الكارثي والذي واكبته أحداث مؤسفة ومخزية منها احتلاله مرتبة لا تليق لا بتاريخه ولا عراقته، وأيضا مشهد الإعتداءات التي تعرض لها لاعبوه بمركز تداريب الفريق من فئة لم يرقها حاله ووضعه، حتى باشر الأنصار على وجه الخصوص الترتيب لعهد جديد.
كانت محطة الصيف وخاصة محطة الجمع العام فاصلة وفارقة على مستوى وضع قطار الوداد على سكته الصحيحة، وهامش الخطأ لم يعد ممكنا ولا متاحا وملامسة عهد جديد ومقاربة تدبير وتسيير مختلفة باتت واقعا لا يرتفع.
وإذا كان الصيف عادة يفسد اللبن فإنه هذا الـمرة صان اللبن ومنح الأنصار ما ظلوا يطالبون به حقا وهو تنحي الرئيس عبد الإله أكرم وتنصيب سعيد الناصيري بدلا عنه في جمع عام توفقي أعطى إشارة الإنطلاق ومن جديد ووفق مقاربة مغايرة صوب تحقيق غايات ومقاصد كان لقب البطولة أولى أولوياتها.
الوداد عاد إليكم من جديد
باشر الناصيري إجراء تغييرات هيكلية عميقة على تركيبة الـمكتب الـمسير للفريق ودون إطالة الإنتظار، بتكوين مكتب مسير بدماء جديدة قوامها 19 فردا وبتعزيزات نسوية على مستوى هكيلة التسويق على وجه الخصوص، لكونه كان يدرك أن فريق من دون إيرادات هو أشبه بجسد من دون روح.
الوداد مع الناصري كان عالـما جديدا تعلق به أنصاره والذين واكبوا جديده وتفاعلات ما يحدث على امتداد فترة الصيف والتي انطلقت بضبط مكان التحضير بالبرتغال بعد التعاقد على السريع مع مدرب كان جاهزا بجيب الناصيري وهو الويلزي جون توشاك.
حضر توشاك وحضر فيلقه الـمساعد وبدأ الناصيري الـمتحمس تفعيل وعود سبق وأن أطلقها بتعاقدات جديدة منها من غلفت بالحماس الشديد ومنها من غاب عنها الضبط والدقة، والغاية هي توفير كومندو قوي يوضع رهن إشارة وتصرف توشاك لبدء رحلة القنص والصيد والظفر بزاد البطولة بقهر أشد منافسيه الذين كانوا يتحركون في الـميركاطو بدورهم وبنشاط شديد.
ملامح بطل وديربي الأمل
إستغل الوداد إنشغال كبار سواعد البطولة والتي ظلت تنافس عادة على الدرع والأدوار الأولى بالواجهة الإفريقية ليبدأ الـموسم بإيقاعات صحيحة حتى وإن بدا في بعض الـمحطات مضغوطا أكثر من اللازم.
تواجد الوداد في صدارة الأحداث خلال أغلب فترة البطولة وارتقاؤه للمقدمة خلال الدورة السابعة تحديدا كان مؤشرا على أن الفريق بصد التخطيط الفعلي ليكون بطلا لا منشطا كما قدمه البعض.
اكتساح بالطول والعرض وسجل خالي من الهزائم، كان لا بد له من فاكهة فتح الشهية والتي لم تكن سوى محطة الديربي في الدورة العاشرة حيث فاز الوداد بالـمباراة الأهم بالـموسم والـمباراة التي تعادل لقبا في العادة، وهنا بدأت تظهر مقومات وخصال الفريق البطل والتي جسدها خلو سجله من الهزيمة لــ 13 دورة بالتمام والكمال.
حكمة قهرت الشك والفراغ
بعدما قهر الوداد الرجاء في الديربي وعاد ليظفر بنقاط المباراة الثانية من حيث الحدة والقوة وخارج قواعده تحديدا وهي مباراة الكلاسيكو أمام الجيش بالخميسات، أجمع الكل على أننا بصدد متابعة وداد كبيرة وقوية ستطحن الجميع في طريقها ولا أحد سيقوى على صد طموحها وكبح جماحها.
ما حدث بعد الكلاسيكو كان مثيرا للغاية وأعاد تركيب نفس مشاهد التخوفات السابقة والتي ظلت تعيق أحلام الحمر وهي مرحلة الفراغ والشك التي سيدخلها الفريق وأثارت رعبا داخل أوساط مناصريه تحديد.
تعادل الوداد بالدار البيضاء برسم الدورة 12 أمام الدفاع الجديدي وسافر لآسفي ليعود منهزما وعاد ليستقبل الحسنية ويكره على تعادل آخر وتنقل لخريبكة للدفاع على لقب الخريف فظفر بنقطة لم تكن لتريح مكوناته.
3 نقاط من أصل 12 نقطة شكلت الفترة الأسوا على مستوى الـمحصلة وكاد خريف البطولة يقوض مشروع الحلم بارتفاع الأصوات المنتقدة لتوشاك لولا حكمة الناصيري التي تدخلت لتعيد ترتيب الأمور.
قبطان ويلزي وشعب أحمر
وحين تأتلف مثل هذه الظروف السيئة وتجتمع فلا بد من تدخل قائد يعيد رسم الـمشهد ويضبط خارطة الطريق من جديد.
توشاك وليس سواه هو القبطان الذي عاد ليضع سفينة الوداد في مسارها الصحيح ولتتجاوز الأمواج العاتية التي اعترضتها خلال نهاية فترة الذهاب.
توقف البطولة سمح بترتيب الأمور من جديد فانطلق الفريق بقوة محققا إنتصارا هاما على حساب النادي القنيطري ولو عاد ليتعادل مع الـمغرب الفاسي من جديد داخل قواعده ويخسر من الفتح.
وبين الدورة 19 والدورة 23 تأكد الجميع أن الوداد سيكون بطلا بعدما حقق 4 إنتصارات متتالية راح ضحيتها فرق: (خنيفرة والحسيمة وبركان ومراكش)، وهو الـمسار الذي قابله تواضع باقي الفرق التي كانت تتربص بالقلعة الحمراء على مستوى تشديد الخناق في المطاردة.
وبجانب توشاك حضر شعب الحمراء وجمهورها الذي فطن إلى أنه سيكون صاحب الدور الـمحوري لإعادة اللاعبين لجادة الصواب وهو ما خالف القاعدة السابقة التي كان الجمهور يثور فيها ومن خلالها على اللاعبين.
بأكادير سمع الهدير
بعد هذا الـمسار الـموفق عادت البطولة لتتوقف من جديد وكان لزاما على الوداد أن يتجاوز شهر الحسم والأسبوع الأخطر على الإطلاق بنجاح، ولو حالفه الحظ وعبر 3 حواجز دون خطأ سيتوج بطلا ومن دون كثير شك.
البداية كانت بالديربي والذي علق عليه الرجاء آمالا عريضة جدا للإحتفاظ ببصيص يمكنه من المنافسة على اللقب أو تقديم خدمة لـمنافسي الوداد.
تعادل الوداد بالوقت القاتل بعدما كان الأقرب للفوز وتعادل بعدها بــ 3 أيام أمام الـمغرب التطواني الذي كان الفوز يعيده لواجهة الـمنافسة على اللقب، وعاد ليفوز على الجيش في الكلاسيكو الذي كان محفوفا بالخطر، ليتخلص من 3 جبهات صعبة ويعبر 3 جبال عالية ويضع يده على اللقب بعدما صار مصيره بين يديه.
تنقل الفريق للجديدة ففاز وعاد للدار البيضاء ليجهز على آسفي ثم كان السفر التاريخي والأهم لأكادير حيث عانق الفريق النجمة واللقب بعد ثلاثية مبهرة جعلت صوت أنصاره وهديرهم يسمع بالـملعب الكبير، واللون الأحمر يسيطر على عكس العادة على الـمدينة التي شهدت على ولادة ثانية للمارد الأحمر.
أرنب يعانق الـمجد
في الختام لا شيء جديد، الوداد ولد بطلا فكان لا بد أن يعود حتى و إن خسف قمره في فترات وأفل نجمه لأسباب وإكراهات سرعان ما يتغلب عليها بهمة الرجال.
فاز الوداد باللقب واستعاد الصولجان والريادة من جديد وربح وجوها وجمهورا وقاعدة عادت لتتعلق بالفرسان الحمر من جديد وبشكل أقوى من السابق.
كذب الذين باعوا جلد الحمراء وسوقوه أرنبا، لأن الأرنب أكمل السباق هذه المرة وواصل على المضمار ليصل في الوقت المحدد له.
4 سنوات غابت فيها شمس الوداد قبل أن تعود لتطل وأشعتها هذه المرة غطت على سماء الكرة الـمغربية بعد أن استعاد البطل ذاكرته الـمسلوبة.
هكذا حقق الوداد لقبا سعى خلفه مطولا وهكذا استعادت وداد الأمة صولجان الريادة الذي جعل منها واحد من أكثر الفرق تتويجا على الصعيد الوطني.


ـــــــــــــــ

إحصائيات متوج
ــ فاز الوداد في 10 مباراة داخل ملعبه؛
ــ 6 انتصارات تحصل عليها الوداد بعيدا عن قواعده؛
ــ 4 تعادلات داخل مركب محمد الخامس 2 ذهابا ومثلها بالإياب؛
ــ 5 دورات من دون انتصار في ختام مرحلة الذهاب الحصيلة الأسوأ للفريق بالـموسم.
ــ التعادل السلبي نتيجة حدثت في 3 مباريات للبطل أمام الـمغرب الفاسي والكوكب وأولـمبيك خريبكة.
ــ 4 أهداف لصفر النتيجة الأعلى التي سجلها الوداد وكانت بمرمى الكوكب والفتح بملعبه.
ــ الخسارة الأكبر للوداد بالـموسم كانت أمام الفتح أيضا وبثلاثية بالرباط.
ــ 3 لصفر نتيجة تكررت 3 مرات انتصر بها الوداد أمام كل من شباب الحسيمة وشباب خنيفرة وإتحاد الخميسات.
ــ 32 هدفا وقعها الوداد داخل ملعبه والثلث الـمتبقي كان خارج القواعد.
ــ الوداد فاز في 8 من آخر 10 مباريات له بالبطولة وهو ما جعله يحسم اللقب لصالحه.

ــــــــــــ

صدارة لــ 24 دورة كاملة
لم يتسلل الوداد للصدارة في سباق الأمتار الأخيرة، كما أنه لم يدس على البنزين خلال الخط المستقيم للبطولة ليظفر باللقب.
الدرع هو نتاج سيطرة بالطول والعرض ومن الألف للياء على مشهد الأحداث والأرقام تتحدث عن اعتلاء الوداد لصدارة الترتيب لــ 24 دورة بالتمام والكمال، ما يعني أن صموده طوال كل هذه الدورات وعدم تأثره بضغط الـمنافسين دليل إضافي على طول النفس واستحقاق التتويج.
24 دورة تعني أكثر من 2000 دقيقة من السيطرة والصدارة وهو رقم كافي ليؤكد أن الوداد الذي اعتلى الصدارة منذ الدورة السادسة وضع اللقب نصب عينيه ولم يكن كما ساد الإعتقاد مجرد منشط أو أرنب سباق.


ــــــــ
أرقام لها عنوان 
ـ 59 نقطة: هو الرقم الشاهد على استحقاق الدرع.
ـ 17: كلمة الفصل في انتصارات الفريق على منافسيه.
ـ 1 خسارة: دليل على استعصاء البطل على منافسيه محميا داخل قواعده.
ـ 48 هدفا: رمز للغارات الهجومية التي مارسها البطل بحق منافسيه.
ـ 11 تعادلا: الحالات التي رضي فيها البطل بمبدأ المناصفة مع غرمائه.
ـ 16 هدفا: عدد لحظات الوصال الجميل لهدافه إيفونا مع شباك الخصوم.
ـ 2 هزيمتان: لحظات انكسار ناذرة في مسار الـمتوج واحدة بآسفي والثانية أمام الفتح خارج الديار.
ـ 10 هدافين: الذين تناوبوا على اختراق حراس الخصوم وليسجلوا للقلعة الحمراء.
ـ 4 أجانب: كلهم سجلوا للفريق من إيفونا لكوني مرورا بفال وانتهاء بأونداما.
ـ 21: للفترات التي اهتزت فيها شباك الحمراء على امتداد موسم كامل.
ـ 29: الدورة الشاهدة على اللقب الغالي بمحطة أكادير وملعبها الكبير
ـ 1: اللقب الأول على عهد الإحتراف ووفق نظام البطولة الجديدة بقوانينه المعدلة.
ـ 300: مليون سنتيم قيمة درع البطولة الـمالية وقيمة مدخول قياسي بالديربي ذهابا.

ـــــــــــ

18 أم 13 الريادة ودادية
«الفيفا» و«الكاف» والجامعة قالوا كلمتهم
تفجر النقاش وتعمق الجدل وتناسى الوداديون لقبهم ليدافعوا عن تاريخهم ويظهروا رفضهم القوي لتزييفه أو تحريفه.
الحكاية بدأت كالعادة من خلال تصريح لبودريقة ولم يكن هذا موقف بودريقة وحده بل موقف الكثيرين ولو انهم ابتلعوا لسانهم، حين طعن في صدقية تتويجات الوداد وجزم أن عدد الألقاب الرسمية للفرسان الحمر هو 13 وليس 18.
الرد لم يتأخر ومن مختلف الأجهزة الرسمية الـمشرفة على اللعبة محليا وعالـميا، إذ أكدت الجامعة الـملكية الـمغربية لكرة القدم اعترافها الرسمي بحصول الوداد على 18 لقبا وهو نفس العزف الذي سارت عليه (الكاف) وهي تصنف الوداد سيد الكرة الوطنية على أن (الفيفا) باركت للوداد 18 لقبا كما تعترف به بموقعها الرسمي.
إلى هنا وتكون الحكاية شبه منتهية والسجال الدائر بخصوص أرقام وعدد ألقاب الوداد محسوم فيه، ولأن الوداد وأنصاره وهم يشعلون الأجواء بالبحث والتدقيق في سجلات وأرقام البطولة لربح التميز والإنفراد الـمطلق بالزعامة محليا، فإنه حتى باحتساب أن الوداد فاز  بـ 13 لقبا ما بعد الإستقلال يمنحه شرف الريادة، لكونه يتقدم على الجيش الـملكي صاحب 12 لقبا والرجاء صاحب 11 لقبا على مستوى التصنيف.
لذلك هي ريادة حمراء على الـمشهد الكروي محليا حتى في ظل إصرار أنصار الرجاء على التأكيد على أن ألقاب العصبة تفوق قيمة الدرع الـمحلي وتفرض إعادة النظر في التقويم والتصنيف.


الملف من إنجاز: منعم بلمقدم ـ محمد النابلسي