بدرالدين الإدريسي

لن يكون السوبر المغربي الإماراتي الذي سيشهد هذا السبت بقلعة الملاحم الكروية مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، مولد نسخته الأولى والتي شاءت لها الأقدار أن تجمع بين ناديي الوداد والعين، إلا بذرة أولى تغرس في فضاء التعاون الذي هندسته الجامعة الملكية المغربية والإتحاد الإماراتي لكرة القدم، لعلها تسقى بعناية كاملة فتأتي أكلها لتنفع الأجيال الحالية والقادمة في بلدين آلا على نفسيهما منذ عقود من الزمن بناء جسور منيعة ومتينة قوامها الثقة والحب والمنفعة المتبادلة.
كنت سأتحفظ مثل غيري والجامعة تبادر إلى الإرتباط باتفاقية تعاون وشراكة مع الإتحاد الإماراتي لكرة القدم، على مضمون وإطار هذه الإتفاقية وعلى ما أبداه الطرفان معا من تصميم على إنجاز شراكة إستراتيجية، إعتبارا لما علمتنا إياه الأيام من أن بعض الإتفاقيات تبرم على السريع لإرضاء نزوات عابرة من دون أن تتأسس على قناعة كاملة بنفعية هذه الشراكة فتموت في مهدها، لولا أن القائمين على الشأن الكروي بالمملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة جسدا معا حسن النوايا وعبرا عن إرادة  قوية من أجل تمتيع هذه الشراكة بما يحميها من التلف والضياع، عندما قررا على الفور تفعيلها بإقامة مباراة السوبر التي سيكون طرفاها مساء اليوم السبت  الوداد والعين كبطلين للبطولة الإحترافية المغربية ودوري الخليج العربي بالإمارات وكأقوى مرجعين في تاريخ كرة القدم بهذا البلد أو ذاك.
لعل الأساس الرياضي الذي قامت عليه هذه الشراكة هو الحاجة الماسة إلى البحث عن تكثلات والحاجة الأكبر من ذلك إلى مد جسور التعاون لربح رهان العالمية في زمن عولم أساليب تدبير كرة القدم وحدد لها معايير لتتمثل صفة الكونية، ولما كان المغرب والإمارات قد أنجزا على مر عقود شراكات قوية ومؤثرة ونموذجية في العالم العربي وفي القارتين الإفريقية والأسيوية بما قدره الله سبحانه وتعالى من أسباب للتلاقي والتوادد والشعور بأن هناك فعلا مصيرا مشتركا، وبما أبدعه المغفور لهما بإذنه تعالى صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كرم الله مثواهما وما يرسخه اليوم كإرث حضاري وإنساني العاهلان جلالة الملك محمد السادس وأخيه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، لما كان المغرب والإمارات قد بنيا كل هذه الصروح التي لا يزيدها الزمن إلا قوة ومناعة، فإن الشراكة الكروية التي ستعطينا هذا السبت أول باكورة من خلال عيد السوبر، لا بد وأن تنسج على منوال ما عداها من شراكات في مجال العلم والسياسة والحياة، لتكون ناطقة باسم هذا الرباط المقدس الذي يربط المغاربة بإخوانهم الإماراتيين.
نتطلع إذا لأن تمتد الشراكة لتشمل كل الحقول وتصب في كل الأودية الرياضية، الفنية والتكوينية والتسويقية والإستراتيجية، فكما أن لكرة القدم المغربية بعراقتها ومرجعيتها التاريخية ما يمكن أن تفيد به كرة القدم الإماراتية، فإن للكرة الإماراتية الكثير من مناحي العبقرية والإبداع التي بإمكانها أن تمثل للكرة المغربية الإضافة النوعية.
هذا السوبر ليس إلا بداية متفائلة وموقنة ومتحمسة لشراكة تحتاج إلى تفعيل أكبر وتحتاج إلى إطار تنظيمي يسهر على حفظها من الزوال.
شكرا لمن أبدع هذه الشراكة وسهر على خروجها سريعا لحيز الوجود، والشكر محفوظ لكل الذين سيقدمون لهذه الشراكة حليبا يبقيها على قيد الحياة ولبنا يحميها من كل عوامل التعرية.