المنتخب: المهدي الحداد

تعاطف الكل مع المهاجم عدنان تيغادويني الذي إنتظر دهرا ليُحرق جهرا في أول ظهور له مع الفريق الوطني وفي مباراة حاسمة ومصيرية.

اللاعب الذي كان في عز عطائه خلال الموسم الماضي وإختير كأفضل المهاجمين في هولندا بغلة تهديفية فاقت 15 هدفا مع قميص بريدا، إنتظر بشغف إلتفاتة من عرين الأسود، لكن مسعاه ذهب أدراج الرياح ليُصاب بالغبن ويتساءل حول الصكوك التي ستشفع بحمل قميص الوطن.

آثر الشاب على نفسه وحرم جيبه من تأمين المستقبل مبكرا بلفظ ملايين الإمارات العربية المتحدة ليقرر ركوب قطار الليغا خلال الصيف الماضي بقيمة مالية متواضعة، معتقدا أن ساحة العمالقة بشبه الجزيرة الإيبيرية ستقنع الناخب الوطني بادو الزاكي بالنظر إلى قدميه المبدعتين.

وبعد جهد جهيد ومطالب من مختلف الأقطاب إقتنع المسؤول الأول عن الفريق الوطني بالذهاب إلى مالقا لمتابعة هذا الشاب الطموح الذي زلزل دفاع الميرنغي في قلب البيرنابيو، وأسعده بدعوة المكافأة وفرصة العمر.

هذه الفرصة لم تكتمل أولا في لقاء الذهاب الأسهل للإندماج بأكادير ضد غينيا الإستوائية حيث كان منتظرا أن يُدفع بعدنان في الشوط الثاني، ولأن النقص العددي لم يساعفه في الظهور فالفرصة الثانية كانت خلال لقاء العودة الملغوم والأصعب، وعكس المتوقع وجد تيغادويني نفسه أساسيا في مباراة رسمية ومصيرية بقلب الأدغال الإفريقية التي لم يزرها إلا قليلا رفقة الفريق الوطني الأولمبي سابقا، ليُطلب منه اللعب في غير المركز الذي يتقنه ويلعب فيه عادة، الشيء الذي جعله شاردا وعشوائيا في الركض والبحث عن الكرات لتكون المقصلة الحادة في أسرع وقت بعدما إستُّبدل بقرار أليم بعد مرور نصف ساعة ونيف عن إنطلاقة الشوط الأول.

خرج تيغادويني الصغير في السن مطأطأ الرأس فلم يفهم لا هو ولا زملاءه ولا الجمهور المغربي كيف خرج قبل أن يقدم ما عنده، وتبين أن دخوله رسميا كان خاطئا من الأساس من الناخب الوطني الذي أساء قراءة المباراة قبل أن يسئ توظيف هذا النجم الواعد، والذي ذهب في الأخير ضحية من ضحايا باطا بعدما أُحرِقت ورقته اليانعة، ولعل الإحباط والغبن والتساؤلات العريضة تسبح بدون إجابة في مفكرة صاحب 23 سنة.

سوء الحظ هذا الذي أصاب تيغادويني لم يصب مصطفى الكبير الذي ينطبق عليه نفس ما جرى لزميله في قاعة الإنتظار الطويل قبل طرق باب الأسود، لكن ورقته لم تُكشف ولم تُحرق وإنما بقيت في ملف غامض وبعلم الناخب الوطني وحده طبعا.

من يعرف الكبير يعرف أنه مهاجم ماكر وسريع جدا ويتقن المرواغة والتسجيل من أنصاف الفرص، ويمكنه شغل مركز القناص كما دور المهاجم الثانٍ، ولأن خطة الأسود بباطا كانت دفاعية وخائفة كانت تتطلب على الأقل مهاجما سريعا بمواصفات الكبير المختص في الهجمات المرتدة التي سجل منها أهدافا متميزة كما حصل مؤخرا في شباك غلطة سراي التركي.

الإحباط عانق صدر تيغادويني والكبير معا لكن الألم تسلل إلى شرايين الأول أكثر من الثاني، والإطلالة الأولى لم تبتسم لهما وإنما أنهت مسلسلا طويلا من الإنتظار بمقصلة جمدت عروق الحماس وأجلت أحلامهما حتى إشعار آخر.