المنتخب: منعم بلمقدم

الوداد غزال الخريف والفتح اكتفى بمرارة الوصيف
فارس البوغاز أقوى حصان والتحكيم بالفضائح مدان
الشغب أكبر أفيون والهداف مطلوب في مختفون 

لم يختلف ذهاب البطولة في خامس نسخها الإحترافية عن واقع المراحل السابقة، إلا من استثناءات قليلة جدا وحدوث طفرات بين الفين والآخر تمردت على القاعدة والتي هي التواضع وبطء إيقاع التنافس وشح الرصيد التهديفي للفرق وجمود العداد التنقيطي للأندية.
الدورة 15 انتهت ومنحت الفرق راحة شتوية طويلة وبياتا شتويا يمتد لأكثر من شهر بإعلان الوداد بطلا للخريف بحسب تقييم الجامعة الخاص، والفتح وصيفا وبتكريس تواضع الرجاء لموسم آخر على عكس التوقعات.
بين فضائح التحكيم وجهنمية الشغب وحظوظ الفرق بالمرحلة المنتهية والمقبلة نقدم لكم جردا بحصاد الذهاب الذي ابتسم بوجه فرق وأشاح بظهره لأخرى؟
وصاية العصبة
تميزت بطولة الموسم الحالي والتي انتهى نصفها الأول بما له وما عليه، كونه البطولة التي غيرت جلدها شكلا من خلالها تغيير التسمية، إذ صارت تحمل اسم «بطولة اتصالات المغرب» والمستجد الثاني كان هو انضواؤها تحت لواء العصبة الإحترافية التي نالت شرف تدبير هذا الورش مع تفويض كثير من الإختصاصات الموازية للامعة في انتظار تقلد مباشرة الأمور بالكامل بالقادم من السنوات باكتمال النضج والنمو.
حضور جهاز العصبة الإحترافية بالواجهة وتحكمها في كثير من الأمور التنظيمية كان يرملا منه مشاهد مستبقة منقحة ومسابقة مختلفة بعض الشيء عن النسخ الأربع التي مرت وتحملت بدورها برداء وعطر الإحتراف، غير أن وقائع الذهاب لم تفرز ردة فعل كبيرة من فرق وأندية الكثير منها لم يساير الطفرة وانتهى في حضن التواضع.
البطل أنهى الـمرحلة متعبا
كعادة كل موسم تسلط فيه الأضواء على الفريق البطل، كان الوداد بواجهة الأحداث منذ ضربة البداية والإنطلاقة حتى الصافرة النهائية لآخر مباراة.
الوداد بدا الموسم واثقا ومشى في كثير من المباريات ملكا وسيطر على مجريات الأمور وتسيد الترتيب قبل أن يترنح في آخر 5 مباريات ويكره على تعادلات ضيعت عليه فرصة اكتساح الأرقام و التوقيع على ذهاب أسطوري كما سادت التوقعات وهو يصل الدورة التاسعة برصيد تنقيطي يتفوق به على نفسه وعلى ما أنجزه الموسم المنصرم حين توج بالدرع.
عجز تهديفي مزمن في آخر 4 مباريات وغياب الإنتصارات في آخر 5 مباريات، فرض على الوداد انتظار هدايا من الفرق الأخرى وهو ما كان، حين قدم سندباد الشرق هدية الخريف الموعودة لأشبال طوشاك بفرملة الفتح ومنحه شرف إنهاء المرحلة بطلا كما كان الحال الموسم المنصرم.
الفتح بإشارات قوية
حتى وإن تخلف عن لقبه الرمزي الذي لاحقه وسعى خلفه بطريقة لم تخل من دراما وهو يضيع 7 نقاط من أصل 9 ممكنة في آخر 3 دورات، سيما وكونه كان يحتاج للتعادل فقط في دورة الختم ليتوج بطلا للمرحلة، إلا أن هذا لم ينقص من قيمة كون الفتح شكل واجدا من فلتات الذهاب وواحدا من الفرق التي أذكت شرارة الحماس على مقدمة خال البعض الوداد فارسها الأوحد ومن دون منازع.
الفتح بصم على ذهاب رائع ولـمع نجمه حين حقق 5 إنتصارات متتالية مكنته من سحب البساط من تحت أقدام الوداد وللمرة الأولى منذ أكثر من سنة ظل الفرسان الحمر يعبثون بها ولا أحد تجرأ على منازعتهم الريادة.
أرقام الفتح كانت مميزة وسجله كان موفقا وحتى وصافته للوداد بفارق الأهداف لا تنقص من قيمة ما تحقق لهذا الفريق الذي استطاع تحقيق ما هو أصعب من النتائج وتمثل ذلك استعادة حماس الجمهور للمدرجات..
حصان البطولة طنجاوي
تصدر إتحاد طنجة قائمة الفرق التي استحقت التقدير على ما أبلته من بلاء حسن وهي تقاوم الأعاصير وتحتاج خجل الإقامة في حضرة الكبار بعد تحقيقها صعودا تاريخيا بلغة الأرقام التقنية والحضور الجماهيري المميز لأنصاره.
راديكالية التغيير التي اعتمدها إتحاد طنجة باستبدال كلي للجلد والبشرة واعتماد 15 لاعبا جديدا ومدرب خبير، أعطت الإنطباع على أن فارس البوغاز سيكون بالفعل رقما مميزا لكن لا أحد راهن على منافسته حتى الدورة الأخيرة لنيل لقب الخريف.
ولأن الأرقام لا تتجمل في مثل هذه الـمحطات فقد كان من المنطقي أن تقود نفس القراءة الرقمية فارس البوغاز ليعلن حصان المرحلة وبامتياز صريح.
وفي الوقت الذي لـمع فيه إتحاد طنجة كان الممثل الآخر للكرة بالمنطقة وجهة الشمال يخبو ويتواضع وهو المغرب التطواني قبل أن تشتعل جذوة شرارته في الدورات الأخيرة ويصحو من سباته الشتوي ليعلن عودته للواجهة.
ثائرون وحائرون
قدمت مرحلة الذهاب الكثير من القراءات والـمفارقات، فقد حملت صورا قمة في التناقض بين فرق تقليدية تمثل القوى المتعارف عليها في البطولة التي خمدت جدوتها وغابت عن الواجهة كما هو حال الرجاء المتواضع جدا وبأبشع طريقة.
والمغرب الفاسي والكوكب والفارس الفوسفاطي وجميعهم مثلوا المغرب قاريا وتواروا للخلف على نحو مريب.
العساكر والحمامة البيضاء أعلنا العودة في الوقت الصح، وتمردا على بدايتهما المريضة وتقوت شوكتهما بمرور الوقت.
وفرق النهضة البركانية والنادي القنيطري وحتى شباب الحسيمة كانت بحق عند مستوى الحدث وأوفت بالمطلوب وانتمت لدائرة الـمتمردين، إلا أن الفريق الأكثر إستحقاقا للإشادة كان هو النادي القنيطري بنتائجه الـمميزة ومساره الموفق الذي يعتبر الأفضل على الإطلاق منذ تحقيق الفريق الصعود للعب بين الكبار.
التفاوت كان حاصلا بين فرق ظلت مخلصة لتقاليد التألق وأخرى انكمشت وتواضعت وانحنت للمشاكل والنتائج السلبية التي تسببت لها في وضعية جد معقدة وصعبة للغاية.
الهداف لم يعد يصنع هنا؟
واحد من صور البؤس وصور التواضع التي تؤكد وبالـملموس واقعا صادما بالكرة الـمغربية وهو غياب هدافين من معدن أصيل وهدافين كبارا يواصلوا ما بدأه مهاجمون كبارا منتصف الثمانينيات وبداية تسعينيات القرن المنصرم.
رصيد هداف الـمرحلة الـمثير للخجل والذي وقعه لاعب مخضرم وهو رفيق عبد الصمد وهو لاعب وسط وبأهداف سحل نصفها من كراث ثابتة وجزاءات تحصل عليها إتحاد طنجة، وغياب مهاجمين كلفوا أنديتهم مبالغ وفقيمة انتقال طائلة، هو واحد من مؤشرات إفلاس هذه العملة محليا ودليل قاطع على أن صناعة الهداف ما عادت تنتج داخل مراكز تكزين الفرق.
أرقام كارثية ولربما كانت الحصيلة التهديفية الأسوأ على الإطلاق في آخر المواسم للهداف شكلت واحدة من الظواهر السوداء في ذهاب خامس نتسخ البطولة.
فضائح التحكيم وألم الشغب
لم يكن ليمر النصف الأول دون أن يتصدر التحكيم وبجدله المستمر العناوين وبحضور حكام غيروا مجرى الأحداث وساهموا في تغيير نتائج وعجلوا بإقالات مدربين ورموا بآخرين للمنحدر والسفح.
قرارات غريبة كان أقواها ما حدث بالجديدة ورفض هدف الفريق الدكالي الصحيح أمام الرجاء والذي عصف بالحكم يوسف الهراوي لقسم الهواة وفي اليوم الـموالي تدخل لقجع ليغير من أمور كثيرة همت مجال التعيينات وأناطها بحدقة.
التحكيم لم يكن الملاك الرحيم كعادته والأخطاء الـمرتكبة لم تكن لتعفي فرقا ومدربين وحتى لاعبين من المساءلة.
ولأننا في سياق استحضار الملامح السوداء في النصف الأول، فإن الشغب بدمويته وصورته الـمقيتة كان أيضا واحدا من العناوين القوية للمرحلة، وبلغ مداه في آخر الدورات وفي ما يسمة مباريات القمة (الديربيات ومباريات الأجوار ولقاءات الكلاسيكو).
هكذا انتهى الفاصل الأول في مشهد خامس نسخ البطولة الإحترافية، متوجا الوداد بطلا للمرحلة والفتح فارسا قوية وطنجة حصانا أسود وقوى تقليدية أفل نجمها وظهرت شاحبة بلا حافز ولا طموح..