بعدما أنجز مهمته مع المنتخب المحلي بنجاح وقاده لأول تتويج قاري بالشان قبل عام، يعود الناخب الوطني جمال السلامي لركوب قطار تحدي جديد، يتمثل في قيادة منتخب أقل من 17 سنة في كأس إفريقيا بطانزانيا في الفترة ما بين 14 و28 أبريل المقبل، حيث الرهان الأعظم العودة بتأشيرة التأهل لكأس العالم المقرر تنظيمه بالبيرو.
السلامي الطموح والمجتهد تخلى عن قبعة المحليين مؤقتا ليدخل قلعة الأشبال الملأى بالأشواك، وعيونه تنظر للأرض أولا لتجاوز المطبات والألغام، قبل رفع الرأس بسماء دار السلام لمحاولة تكرار إنجاز الدار البيضاء.

ــ المنتخب: من بطل إفريقيا مع المنتخب المحلي إلى منتخب أقل من 17، كيف تعيش هذا الإنتقال وهل من خصوصية في التعامل مع هذه الفئة؟
جمال السلامي: صفتي كبطل إفريقيا مع المنتخب المحلي سهلت كثيرا مهمتي مع هؤلاء الشباب الذين وجدتهم مستعدين نفسيا للإشتغال معي، لقد كانوا في غاية الإحترام ومهيئين للإنصات وسماع ما سيقوله الطاقم التقني الذي فاز بلقب إفريقي قبل شهور قليلة، فشيء مهم جدا أن يكون اللاعب منضبطا ومرحبا بالإشتغال مع مدرب جديد خصوصا بالنسبة لهذه الفئة العمرية التي تتطلب معاملة إستثنائية، صراحة إختلاف كبير بين تدريب الكبار والصغار، فأجدني أكثر قربا وعطفا وتواصلا مع هؤلاء الشبان الذين أعتبرهم كأبنائي، أتحدث إليهم كأب قبل مدرب وأخاطبهم بكلمات مختارة وأكون واضحا وصريحا معهم، فهل يصدقون ما يُقال لهم ولا يقبلون بالخطابات المزدوجة والوعود الكاذبة، يعلمون أن 20 لاعبا فقط من سيسافرون إلى تانزانيا ويدركون أن الأفضلية للجاهزية، أنا فخور وسعيد بالعمل مع منتخب أقل من 17 سنة ومهنتي تتطلب مني الإشتغال مع جميع الفئات لكن بطرق مختلفة ومناهج متباينة، أفكاري واضحة وأهدافي مسطرة، والإختلاف يكون فقط في طريقة الخطاب وطريقة التعامل.

ــ المنتخب: وماذا عن اللاعبين أبناء المهجر؟
جمال السلامي: هم أيضا نتعامل معهم بطريقة خاصة، نشكرهم أولا لأنهم قبلوا بدعوة الوطن الأم وفضلوه على بلد المهجر، نتفهم ثقافتهم الأوروبية ونحاول الترحيب بهم وتسهيل إندماجهم، فمن إزداد وكبر في ألمانيا وفرنسا وبقية الدول لا يتأقلم بسرعة كاللاعبين المحليين الذين يعرفون الخطاب والأجواء المغربية، على العموم نقوم بأدوار متعددة ونتجاوز أحيانا إختصاصاتنا التدريبية لمساعدة هؤلاء على الشعور بالأريحية والوطنية والإنتماء، مع الحرص على الجانب النفسي وعدم إحباطهم وتجهيزهم لاحقا لتمثيل الفريق الوطني الأول. 

ــ المنتخب: ما هي وضعيتك داخل الإدارة التقنية في ظل الجمود الذي تعيشه وإشتغالك في أكثر من مهمة؟
جمال السلامي: لدي 3 مهمات داخل الإدارة التقنية، الأولى الإشراف على المنتخب المحلي والثانية التكوين وتأطير المدربين والثالثة العمل داخل فريق جماعي بالتنسيق مع بقية مدربي المنتخبات، وتتبع لاعبين ومباريات محددة تحت الطلب، وإشرافي على منتخب أقل من 17 سنة جاء تحت طلب الإدارة التقنية وفق إختصاصاتي المحددة في المساعدة والعمل الجماعي، الكل يعرف المشاكل والجمود والتوقف الحاصل حاليا في الإدارة التقنية، وقد توليت هذه المسؤولية مؤقتا ريثما تتضح الأمور ويتم تعيين مدربي المنتخبات الوطنية، فأنا أشتغل أولا وأخيرا مع الجامعة بعقد كمدرب للمنتخب المحلي وعضو الإدارة التقنية وفق أهداف مسطرة.

ــ المنتخب: حدثنا عن هذه الأهداف؟
جمال السلامي: عقدي يتضمن هدف تأهيل المنتخب المحلي لبطولة «الشان» المقبلة والدفاع عن اللقب.

ــ المنتخب: ما جديد الفريق الوطني المحلي؟
جمال السلامي: أقمنا تربصين سابقين ضمن تواريخ الفيفا حيث وجهنا الدعوة للاعبين محليين جدد غير أولئك الأبطال الذين توجوا باللقب الإفريقي قبل عام، وقفنا على إمكانيات العناصر الجديدة التي إختبرناها في مباريات ودية بالطوغو والنيجر، وسنبقى مواكبين ومتتبعين لها مع الفرق التي تمارس داخلها، علما أن معسكر شهر مارس قد يُلغى بسبب أجندة الأندية المغربية المكثفة والمباريات المؤجلة وإلتماس لجنة البرمجة، وعليه سيكون المعسكر المقبل للمحليين بعد نهاية البطولة الإحترافية، حيث سنجتمع وسنضع وديات ضد بعض المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس إفريقيا بمصر والتي ستستعد بالمغرب، علما أن تصفيات «الشان» ستنطق مباشرة بعد «الكان».

ــ المنتخب: أي إنعكاس للمشاركة التاريخية هذا الموسم لخمسة فرق مغربية في المسابقات القارية على المنتخب المحلي؟
جمال السلامي: مفخرة وإنجاز أن تشارك 5 أندية في المسابقات الإفريقية والأجمل أن تذهب الكثير منها إلى أبعد الأدوار وتحرز الألقاب، دائما ما إنعكس توهج الفرق الوطنية قاريا على المنتخبات الوطنية خاصة المنتخب الأول، بداية مع الجيش الملكي في الثمانينيات والوداد والرجاء البيضاوي في التسعينيات وحاليا، فالتألق القاري والصعود إلى منصة التتويج يليه غالبا التأهل لكأس العالم بالنسبة لأسود الأطلس، 5 أندية في عصبة الأبطال وكأس الكاف وخوض جلها لدور المجموعات وإكتساب تجربة مهمة ينعكس إيجابا على المنتوج الوطني، ويخدم المنتخب الأول والأولمبي والمحلي لأنه يوفر خزانا وقاعدة كبيرة من اللاعبين الجاهزين والمجربين قاريا، ومن حسنات هذه الصحوة المغربية إفريقيا وإرتفاع التمثيلية الفوز بعدة ألقاب من بينها كأس الشان.

ــ المنتخب: وهل هناك إنعكاس أيضا على الفريق الوطني لأقل من 17 سنة؟
جمال السلامي: للأسف هو الإستثناء والمتضرر الأكبر كونه لا يستفيد شيئا من مشاركات الفرق المغربية في المسابقات الإفريقية، فالأندية لا تعتمد بتاتا على الشباب بل أنها لا تهتم بالتكوين وآخر همها الفئات لأقل من 19 سنة، المدربون يعتمدون على اللاعبين الكبار في السن وأصحاب التجربة ولا يغامرون بالدفع بالصغار والقاصرين، تخيل معي لو كنت أملك 7 لاعبين في منتخب أقل من 17 سنة يلعبون في الرجاء أو الوداد أو الأندية الأخرى ويسافرون ويلعبون المباريات معهم في الأدغال، أكيد أنهم سيكونون في القمة وسيشدون من قوة المنتخبات، كما سيضمون مستقبل الفريق الوطني الأولمبي والأول، وسيكونون أيضا إستثمارا للفرق والرؤساء كونهم سيحترفون خارجيا في سن صغير، لكن للأسف تغيب هذه الثقافة وينعدم الإهتمام بالشاب وتقل المبادرات وتجف مراكز التكوين، مما يؤثر على صورة المنتخب الشاب.

ــ المنتخب: أسعدت المغاربة قبل عام بالدار البيضاء بلقب إفريقي غير مسبوق، هل ستعاود الكرّة خلال شهر أبريل المقبل بدار السلام مع الأشبال؟
جمال السلامي: نتمنى أن نكون في الموعد لكن الحديث عن التوقعات ومدى قدرتنا على التأهل لكأس العالم لفئة أقل من 17 سنة أمر سابق لأوانه، فنحن لا نعرف ماذا سيقع خلال المدة التي تسبق 14 أبريل تاريخ إنطلاق البطولة الإفريقية بطانزانيا، العديد من الأشياء تفرض منا العمل المكثف وإصلاح العيوب وسد الخصاص في المراكز، وقبيل بداية المسابقة ستتضح الرؤى كاملة وسيظهر إن كانت لدينا المناعة للذهاب بعيدا وإنتزاع تأشيرة المونديال، أتمنى أن نحقق الهدف وأن نتغلب على الصعاب والعراقيل المنتظرة.